مؤشرات التصعيد العسكري ترتفع.. هل يلوح في أفق لبنان دخان أسود؟

في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل باستهداف عناصر “حزب الله” والجماعات المنضوية في المحور نفسه، من حركة “حماس” إلى الجناح العسكري التابع لـ “الجماعة الإسلامية”، صعّدت وتيرة غاراتها الجوية، وكان آخرها في البقاع والجنوب، حيث طالت العديد من القرى في العشرين من الشهر الجاري، واعتُبرت الأعنف والأكثر توسعًا.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف بنجاح أهدافًا تابعة لحزب الله أو فصائل أخرى، مثل مستودعات أسلحة، مواقع إطلاق صواريخ، مقرات عمليات، أو عناصر ناشطة. من بين هذه العناصر حسين علي نصر، كما ورد على لسان المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة (إكس)، المسؤول عن تهريب الأسلحة والأموال إلى لبنان من خلال صلته بعاملين في مطار بيروت يعملون سرًا لصالح “حزب الله”، وإشرافه على صفقات بيع الأسلحة من مهربين على الحدود السورية – اللبنانية، وعمله مع كيانات إيرانية لنقل الأسلحة والأموال إلى لبنان عبر مطار بيروت الدولي أيضًا.

ليست المرة الأولى التي يشير فيها المسؤولون الإسرائيليون إلى مطار بيروت، والتي تحمل دائمًا إشارات تهديدية، منها المباشر وغير المباشر، لاسيما خلال السنة الجارية في بدايتها وفي شهر مارس، تحت حجة استخدامه لتهريب أسلحة “لحزب الله”. وقد تم نقل هذا الملف عبر لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة.

على مقلب آخر، لم يسلم مرفأ بيروت من التهديدات، إثر التقارير الإعلامية التي بُثت عن استمرار رئيس لجنة التنسيق والارتباط وفيق صفا بتهريب أسلحة عبر المرفأ. إذ أفادت إحدى الوسائل الإعلامية العربية المرئية في تقرير إخباري، نقلاً عن مصادر غربية وأمنية، بأن حزب الله يعتمد على مرفأ بيروت لتهريب الأسلحة بحرًا، خاصة بعد تضعف طرق الإمداد البرية عبر سوريا، وأن صفا يدير شبكة من المتعاونين في جهاز الجمارك وآليات الرقابة في المرفأ لتسهيل تهريب المعدات والأسلحة والأموال دون تفتيش.

تحمل هذه التقارير والإشارات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين مؤشرات تنذر بتصعيد أوسع، قد يدفع الأوضاع نحو استهداف المرافق الحيوية التي يوليها بعض المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين أهمية خاصة. ويُضاف إلى ذلك تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أكد فيه أن إسرائيل سترد بقوة على أي هجمات تنطلق من الأراضي اللبنانية، مشددًا على أن الرد سيكون “قاسيًا” وسيستهدف مناطق في لبنان، وأن بلاده لن تسمح بوجود أي “كيان معاد” على شاطئ البحر الأبيض المتوسط (في إشارة إلى حزب الله).

في المقابل، تصاعدت وتيرة التصريحات الصادرة عن المسؤولين في “حزب الله”، لاسيما ما جاء على لسان صفا، واستكمله الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بتأكيده بشكل قاطع بعدم السماح لأي طرف بنزع سلاحه، الذي يعتبر “خطًا أحمر” ولن يتم التخلي عنه، وهو جزء لا يتجزأ من “المقاومة” ضد الإسرائيلي.
اعتُبر كلام قاسم موجّهًا جزء منه إلى الداخل اللبناني، لكنه في الوقت نفسه عاد ليظهر أنهم كحزب مستمرون في مقاومة إسرائيل. وهنا تُفتح الأبواب أمام عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري دون قيود تحت ذريعة رفض “حزب الله” تسليم سلاحه. فهل ستشهد المرحلة المقبلة ضربات عسكرية إسرائيلية جديدة تعيد ذاكرة اللبنانيين إلى مرحلة ما قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار؟!..