المصدر: النهار
الأربعاء 20 تشرين الثاني 2024 09:36:25
كتب ربيع دمج في النهار:
"كرمال عيونك يا لبنان"... اعتلت السيدة ماجدة الرومي المسرح في دبي متألّمة. داوت مبادرة "الإمارات معك يا لبنان" وجعها المضني، التي تمت بالتعاون مع "مؤسسة دبي للعطاء"، دعماً للشعب اللبناني المتضرر من الحرب.
اعتاد جمهور الماجدة إطلالتها بالأبيض، لون السلام والأمل. لكنها أطلّت في حفلها الأخير بالأسود حداداً على وطنها المنكوب، وغضباً من شرارة الشّر القابعة في قلب لبنانها واللبنانيين منذ سنوات طويلة تأبى أن تفارقهم. وبصوتها، أطلقت صرخات ورسائل وطنية بامتياز، شكّلت مواساة موقّتة وتمسّكاً وإن بالقوّة بأمل بات كثيرون يعتبرون حظوظه ضعيفة. فماذا لو استطاع الفن إنجاز ما عجز عنه سياسيو بلدنا؟
"الفنان لا يعتكف"
تعبّر الرومي عن بالغ ألمها أمام مشهد الدمار والخراب الذي يحصل في لبنان، وتقول لـ"النهار": "إنّهم أهلي وناسي وأنا متألّمة مثلهم، أنا موجوعة. لا يمكنني أن أرى مشهد الدمار، أشعر أنّه لو يمكنني أن آخذ بالثأر لكل هؤلاء الناس، لو أملك الإمكانية ولكن لا أستطيع".
تتابع: "لكن لديّ الإمكانية أن أغنّي وأن أعبّر عنهم وهذا ما أفعله، الفنان يجب ألا يعتكف، بل عليه أن ينزل إلى الساحة مع الناس ويكون دعماً وسنداً لهم ويعبّر عنهم في كل مكان".
تضيف الرومي: "لو كانت الحروب التي نعيشها حرب يومين وثلاثة وأسابيع، لكنت قلت: نعم أعتكف، لكن هذه حروب طويلة، وفي النهاية الحياة تستمر. الناس بأنفسهم بحاجة إلى الشعور بأنّهم ينتصرون على الحياة"، موضحة: "صحيح أنّ في بيروت حرباً مدمّرة، لكن فيها أيضاً زحمة سير ومطاعم مزدحمة... الحياة تستمر لأن الناس ملت لعبة الموت".
رسائل وطنية من قلب موجوع
رغم كل شيء، تتحلّى الماجدة بإيمان قويّ، أجمل سمة فيها. تسلّم دائماً في خطابها أمر بلدها لمشيئة الله، كلام هتفت به أمام جموع حفلها، قائلة: "اسمعوني، نحن وربنا والحق وأرضنا لسنا قلة، نحن نكمل إلى الغد، بقوة الله، في يوم قريب، سيولد من إرادتنا نحن لبنان، حر سيد مستقل، لكن إلى ذلك الوقت، المطلوب من المؤمنين بسيادة لبنان أن يعتبروا أنفسهم في الاحتياط التابع للجيش اللبناني".
ودعت الحضور إلى تكرار قسم الجيش اللبناني "انتقاماً لكرامتنا وشرفنا اللبناني" هاتفة بأعلى صوتها الغاضب: "أقسم بالله العظيم، أن أقوم بواجبي كاملاً، دفاعاً عن علم بلادي، وذوداً عن وطني لبنان".
وفي كل مرّة يصدح فيه صوت الرومي بأغنية "بيروت... ست الدنيا"، تصيب هذه الأغنية الجرح في الصميم، لأنّ بيروت موجوعة دائماً، ومتألّمة مما يصيب لبنانها.
تحية شكر للإمارات
في هذه الليلة، قدّمت الماجدة رسالة من أقوى الرسائل الوطنية: لم تنسَ أبناء الوطن كما لم تنسَ دولة الإمارات العربية المتحدة التي لم تتخلّ يوماً عن بلد الحياة والحب والجمال، فشكرت الإمارات على ما تقدّمه، لا سيّما مشاركتها اليوم التي تندرج ضمن مبادرة "الإمارات معك يا لبنان".
محبة الرومي وامتنانها للإمارات نابعة من قلبها الصافي إلى قلب الدولة التي كانت دائماً وعلى مدار التاريخ سنداً ودعماً لهذا البلد الصغير. توجّهت عبر "النهار" بتحيّة صادقة إلى حكام الإمارات، طالبة من الله أن يحميهم ويحمي حدود بلادهم، واصفة وطنهم ببلد السلام والمحبة والتسامح. وتضيف بكلامها العميق اللطيف: "نخاف على البلاد الطيبة من شياطين جهنم، لأن يبدو أنهم خرجوا من جهنم الحمراء واستقروا على الأرض يعبثون بها ويفسدونها هؤلاء تجار الموت والقتل والدمار".
وبكثير من الحماسة، تعبّر الرومي عن اعتزازها ببلد عربي مثل دولة الإمارات التي تحوّلت بفضل الحكومة الرشيدة إلى جنة على الأرض، فيها التطور والأمان: "أشكركم على هذه المبادرة التي تعني لنا الكثير كلبنانيين لأنها تشعرنا بأننا لسنا وحدنا، بل هناك من يشعر بوجعنا وألمنا وببلدنا في ظل محاولات سرقته منّا".
بيروت الجريحة في صوت "ست الدنيا"
غنّت الرومي في ختام الحفل "بيروت ست الدنيا" وانضمّ إليها منتخب لبنان لكرة السلّة، حاملاً العلم اللبناني. فهذا المنتخب الذي رفع اسم لبنان في العالم، وقف مع قامة فنية كبيرة ليوحّدوا الصوت لأجل لبنان.
اختارت الرومي الدفاع بصوتها عن سيادة لبنانها وعروبته: "أتيتُ أدافع عن أرضه، عن شعبه، عن جيشه اللبناني الحبيب. أنا أعلم أن قدر لبنان صعب، لكنني على يقين أنّ إرادة اللبنانيين أقوى من كل موت".