ماذا بعد اغتيال الطبطبائي؟

في تطور لافت في المضمون والتوقيت، استهدفت اسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت واغتالت أبو علي الطبطبائي، أحد أبرز وجوه الرعيل الأول في العمل العسكري ضمن حزب الله، والذي لطالما كان هدفاً مباشراً لإسرائيل.

وتحسبًا لأي رد من قبل "حزب الله"، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اتخذ قراراً بتعزيز ورفع درجة الجهوزية بشكل كبير في منظومة الدفاع الجوي في الشمال، وتحدّث عن تقديرات بأن لدى حزب الله عدة خيارات محتملة رداً على اغتيال الطبطبائي، منها إطلاق الصواريخ أو تنفيذ عمليات اقتحام للنقاط الـ 5 جنوبي لبنان، مضيفًا بأن اسرائيل ستواصل جولة إضعاف حزب الله والهجمات داخل لبنان ضد جهود الحزب لإعادة بناء قوته والتسلح من جديد.

فما السيناريوهات المحتملة بعد هذه الضربة من قبل الدولة اللبنانية كما من قبل "حزب الله"؟ وما مدى تأثيرها على زيارة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان نهاية بعد أيام؟

مدير مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ"المركزية" ان "ما حصل بالأمس خطوة تصعيدية إضافية، وانتقلنا من وضعية احتمال توسيع الحرب الى حتمية توسيعها"، ويقول "ما قبل الضربة، أعلن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أنه مستعد للتفاوض، ومجرّد ردّ اسرائيل بهذه الطريقة يعني رفض الحل التفاوضي، على الأقل كما هو مطروح حاليًا"، لافتًا الى ان "اسرائيل تستفيد من هذه الفرصة، حيث موازين القوى لصالحها من أجل فرض شروطها، إما بتسوية جديدة مختلفة عن تلك التي حصلت إبان وقف إطلاق النار، وإما لفرض منطقة عازلة على طول الحدود اللبنانية – السورية. ما يعني أن في كل الأحوال، سقوط اتفاق وقف إطلاق النار".

ويضيف: "لا أعلم ما إذا كانت السلطات اللبنانية لا زالت تملك فرصة ضئيلة كي تتوصل الى انسحاب اسرائيلي وتسوية على قاعدة العودة الى اتفاق الهدنة. هذا ممكن فقط في حال تمكنت الدولة اللبنانية، من الآن وحتى نهاية العام، من حصر سلاح حزب الله بيد الدولة. لكن لا يبدو أن هذا الامر ممكن اليوم".

وعن استعداد اسرائيل لكل السيناريوهات المحتملة يجيب نادر: "اسرائيل اتخذت قرار الحرب، إلا إذا حصلت أعجوبة وتم تسليم سلاح "الحزب" وأعلنت الدولة استعدادها للتوصل الى تسوية دبلوماسية مع اسرائيل".

ويستبعد أن تتأثر زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، قائلا: "يمكن أن تتمهل اسرائيل خلال الأيام الثلاثة التي سيقضيها البابا في لبنان لتمرير الزيارة، كي لا ترتبك علاقتها مع الاميركيين والمجتمع الدولي"، مشيرًا الى ان "اسرائيل لن توقف عملياتها في مناطق لن يزورها البابا".

وعن إمكانية ردّ "حزب الله" على اسرائيل، يقول: "ايران لن ترد مِن الاراضي اللبنانية، لأنها حريصة على عدم خسارة حزب الله وإعطاء المبرّر لإسرائيل. قد يحدث الرد في مكان آخر من العالم".

وعمّا إذا كانت واشنطن رفعت يدها عن لبنان، يعتبر نادر ان "واشنطن أعلمت لبنان بما تريده، على لسان الموفد الاميركي توم براك. الجيد من جهة والسيء من جهة أخرى في مقاربة إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، أنهم يقولون الامور بوضوح، وهو ان على لبنان نزع سلاح "الحزب" والتفاوض بشكل مباشر مع اسرائيل. لكن السلطات اللبنانية سمعت نصف الكلام "فاوِضوا"، وبدأت بوضع الشروط. لذلك أمام الانسداد الحاصل في لبنان لربما تفكر الولايات المتحدة بأن خرق الانسداد وكسره يكون بالطرق العسكرية، وبالتالي فسحت المجال أمام اسرائيل لتوسيع ضرباتها لربما تمهّد الطريق لتسوية جديدة".