المصدر: Ermnews
الأربعاء 8 تشرين الأول 2025 01:35:10
خلال عامي حرب غزة، والحروب على الجبهات الأخرى التي اندلعت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، دأب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على التذكير بأنه "قد غيّر الشرق الأوسط".
وبعد مرور 24 شهرًا، نجحت حربه في "محاصرة" حركة حماس كما لم يحدث من قبل، وأضعفت حزب الله في لبنان، وسقط بشار الأسد في سوريا، وتم توجيه ضربة قاسية لـ"العدو اللدود" إيران.
ووفق وكالة "أسوشيتد برس"، فإن نتنياهو، الذي طالما انتقد ما أسماه "مخالب الإرهاب" في طهران، يحب أن يصف كل ذلك على أنه "انتصار شخصي وتعزيز لإرثه المنهك".
واحدًا تلو الآخر، تم تحييد أعضاء شبكة حلفاء إيران الإقليميين، أو هزيمتهم، أو إضعافهم بشكل كبير؛ ما أدى إلى تفكيك حلقة من الجهات المسلحة المعادية على طول حدود إسرائيل وإعادة تشكيل المنطقة، لكن هذه التغييرات جاءت بتكلفة باهظة على إسرائيل، كما ترى "أسوشيتد برس".
عانت إسرائيل من أعنف هجوم في تاريخها في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتواجه عزلة دولية عميقة بسبب ردها، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وجعل غزة غير صالحة للعيش. وإن كان هذا النجاح الاستراتيجي "مذهلاً"، إلا أنه يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل المنطقة، وفق الوكالة الإخبارية الأمريكية.
ويقول مئير ليتفاك، الباحث المشارك في مركز التحالف للدراسات الإيرانية في تل أبيب: "هذه التغييرات تمثل ضربة موجعة للمحور الإيراني، لكن هل تُغير الشرق الأوسط كليًا؟ لا؛ لأن هناك العديد من المشاكل التي لم تُحل ولن تُحل بهذا التغيير".
ماذا يقصد نتنياهو؟
في حملته المتواصلة ضد إيران وبرنامجها النووي، سلط نتنياهو الضوء منذ فترة طويلة على الحملة التي شنتها طهران لسنوات لتعزيز نفوذها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، من خلال تسليح وتمويل وكلائها في مواقع استراتيجية.
ويرى تقرير لموقع "المونيتور" أن نتنياهو حين ظل يردد لأشهر طويلة أنه قد "غيّر الشرق الأوسط"، فإنه يشير إلى أهداف سياسية وعسكرية تتعلق بتعزيز مكانة إسرائيل الإقليمية وتغيير ميزان القوى في المنطقة بما يخدم مصالحها.
وسعى نتنياهو إلى تغيير الواقع الاستراتيجي بما يجعله "أكثر أمانًا واستقرارًا" لإسرائيل في ظل مواجهتها تهديدات متعددة، سواء من الفصائل الفلسطينية، أو حزب الله في لبنان، أو إيران، أو حتى التحولات الجيوسياسية في المنطقة.
كما يسعى، وفق تقرير "المونيتور"، إلى ترسيخ مكانة إسرائيل كقوة إقليمية مهيمنة من خلال إضعاف أعدائها، سواء أكانت دولًا كإيران أم جماعات مسلحة كحماس وحزب الله، مع تعزيز التحالفات الإقليمية والدولية، وضمان تفوق إسرائيل العسكري لعقود قادمة.
تكلفة باهظة
ويرى المعلق الإسرائيلي ناداف إيال أن "ليس هناك شك في أن وكلاء إيران، وحلقة النار، ومحور الإرهاب، ومحور المقاومة، أو أياً كانت تسميته، لم يعد موجودًا بعد الآن"، معتبرًا أن تعهد نتنياهو بتغيير المنطقة "جاء بتكلفة باهظة".
ووفق التقرير السابق لوكالة "أسوشيتد برس"، فإن نتنياهو، الذي شهد تراجع حظوظه السياسية منذ الهجوم الأول الذي شنته حماس، يشعر بالارتياح نتيجة كل هذه التحولات في المنطقة، على الرغم من أن بعضها "كان نتاجًا للصدفة".
وبحسب ديفيد ماكوفسكي، مدير برنامج العلاقات العربية–الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإنه لولا الهجوم الأول لحماس ورد الفعل المتسلسل الذي أشعله نتنياهو، لما نجحت إسرائيل في تفكيك المحور الإيراني إطلاقًا.
ويستدرك ماكوفسكي أن هذه التحولات قد تأتي بنتائج عكسية، فإيران، التي تفتقر إلى خط دفاعها الأول، قد تشعر الآن بالضعف، وقد تُسارع إلى امتلاك أسلحة نووية ردًا على ذلك.
ويضيف ماكوفسكي أن "من المرجّح أن يعتمد نتنياهو على دفعة انتخابية من التغييرات الإقليمية، كما يمكن للإسرائيليين أن يشعروا بالارتياح لأن التهديدات الرئيسة التي حاصرتهم طويلًا، وكذلك إيران الأبعد، قد هُزمت في الوقت الحالي".
لكن تعهد نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط جاء بتكلفة باهظة، إذ تغيّر المجتمع الإسرائيلي إلى الأبد بسبب هجمات حماس، وتضررت مكانة إسرائيل الدولية بشدة، وربما بشكل لا يمكن إصلاحه، جراء الدمار الذي أحدثته الحرب في غزة.
ولا تزال القضية الأساسية التي أشعلت فتيل الحرب في المقام الأول، الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، أبعد من أي وقت مضى عن الحل.
ويختم مئير ليتفاك بالقول: "لا شك أن هناك تغييرًا جذريًا هنا، لكن هذه المشكلة لا تزال قائمة".