ماذا يجري على خط "الخماسية" من الحوار إلى الجنوب؟

تتراكم الملفات الداخلية من الاستحقاق الرئاسي الى حرب الجنوب التي تتفاعل من دون أفق وكيفية التوصل الى وقفها، وما بينهما من سقوط يومي للدولة على وقْع صراخ القطاعين العام والخاص، لا سيما المتقاعدين، في ظل جحيم الضرائب التي تأكل الأخضر واليابس.

وتشير معلومات موثوق بها على صعيد حراك اللجنة الخماسية من خلال مصادر سياسية متابعة الى أن الأمور ما زالت تراوح مكانها، ويتبدّى بوضوح أن انتخاب رئيس للجمهورية دونه عقبات وصعوبات، لا بل ان ما رشح أخيراً يشي بتعقيدات إضافية على هذا المسار. والسؤال: ماذا يحصل خلف جدران الخماسية؟ وهل من ثغرة يمكن أن يمر منها انتخاب الرئيس؟ تذكّر المصادر بالمخاض العسير للمساعي العربية التي انطلقت بعد حرب السنتين، وتحديداً بعد قمة الرياض في العام 1976 عبر وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل، لتتحول الى لجنة عربية وتفاهم دولي إقليمي أدى لاحقاً الى وقف الحرب وانتخاب رئيس للجمهورية، بمعنى ان الوصول الى ملء الشغور الرئاسي يحتاج الى تسوية كبيرة أحبطتها حرب غزّة والوضع في الجنوب حيث يعارض "حزب الله" فصله عن غزّة. وما بعد هذه الحرب عمّق مأزق الشغور الذي يحتاج الى لحظة دولية – إقليمية مؤاتية، والمسألة اليوم محصورة في استمرار الحراك واللقاءات بعدما أطلع السفير السعودي وليد بخاري نظراءه في اللجنة على نتائج اللقاءات التي عُقدت في الرياض، وثمة معلومات أنه يقوم بدور بعيد من الأضواء على خط التنسيق مع باريس عبر الموفد الفرنسي جان - ايف لودريان، والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، وصولاً الى لقاءات عُقدت في القاهرة لهذه الغاية، أي إيجاد حلول لملف الاستحقاق الرئاسي على قاعدة العمل عبر "الخيار الثالث". لكن السؤال: لماذا لم تصل الأمور الى خواتيمها السعيدة؟ هنا تشير المعلومات الى أن طرح رئيس مجلس النواب نبيه برّي الحوار كمدخل للتوافق بين الكتل النيابية والمكونات السياسية للإجماع على مرشح توافقي، أثار ريبة القيادات المسيحية التي تعتبر أن المجلس تحوّل الى هيئة ناخبة، والحوار المطروح يُعدّ هروباً الى الأمام في مثل هذه الظروف، والدستور يناهض هذا الطرح، علماً انه برزت بارقة أمل تقضي بإجراء حوار على طريقة ما جرى قبل التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، لا سيما بين رئيس المجلس وحزب "القوات اللبنانية"، أي حوارات ثنائية وثلاثية. وبناء على هذا المعطى، عُلم أن زيارة السفير المصري الى بكركي ولقاءه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، انما كانت لهذه الغاية، أي أن يساعد البطريرك بما له من وزن ودور في هذا المجال على أن تتوالى زيارات سفراء "الخماسية" الى المرجعيات السياسية والروحية تباعاً في الأيام المقبلة، ما يدل على أن الجميع يُدرك ان الحسم الدولي، لا سيما من جانب اللجنة الخماسية، غير قابل للصرف في هذه الأجواء التي يمر بها البلد عبر المطبّات المحلية من هذا الطرف أو ذاك، وحال الانقسام الداخلي التي تؤرق الساحة اللبنانية. لذا ليس ثمة ما يشي بأن انتخاب الرئيس سيحصل في وقت قريب قبل الوصول الى حلول أو تسوية على خط القرار 1701 الذي أضحى تطبيقه أولوية لتجنب الحرب الشاملة على لبنان، ما يؤكد المؤكد أن العوائق والأسلاك الشائكة السياسية وسواها تُبقي الشغور الرئاسي سيّد الموقف ربطاً بهذه المؤشرات، وفي الحصيلة لا عودة للودريان قبل أن تكون لديه معطيات إيجابية.

ورداً على "بورصة الأسماء"، وهل لدى اللجنة الخماسية أو البطريرك الراعي مرشح توافقي يتم التداول باسمه في الكواليس، تؤكد المصادر أن أحداً من أطراف الخماسية وسواها لم يطرح أسماء، وهي عينها وتحديداً قائد الجيش وزعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية وجهاد أزعور. ثم إن القضية لا تنحصر بالأسماء، انما بالقرارات السياسية الكبيرة وبدور "حزب الله" الطاغي على ما عداه ومَن يُمسك بالقرارات المفصلية، ناهيك عن ان لكل من الأفرقاء الآخرين رؤيته ودوره وضماناته، ما يعني أن الحسم يأتي في لحظة مؤاتية لم تحن بعد دولياً واقليمياً، في وقت يُقرّ مرجع سياسي في مجالسه بأن الحرب من غزّة الى الجنوب هي عنوان المرحلة، ولبنان الحلقة الأضعف غير قادر على الفصل، لذا فالاستحقاق الرئاسي هو جزء من المعضلة التي تُبقي البلد يدور في حلقة مفرغة في كل استحقاقاته بما فيها انتخاب رئيس للجمهورية.