ماذا يعني ادراج لبنان على "القائمة الرمادية" وما تأثير توقّف البنوك المراسلة عن التعامل مع المصارف؟

يتلقى الوضع الاقتصادي والمالي ضربات متتالية منذ العام 2019، إذ لم يعد خافيًا على احد المعلومات التي انتشرت في الآونة الاخيرة عن مصارف اوروبية مراسلة تدرس قطع علاقاتها مع عدد من البنوك المحلية، مع ما رافقها من احتمال وضع لبنان على "القائمة الرمادية" للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بحسب ما نقلت رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة.

بين النفي والتأكيد والتوضيح، لا شك ان هذه المعلومات والتسريبات تؤكد المؤكد: سلطة قاصرة تدير بلدًا منهارًا بأساليب "خنفشارية".

ولكن في حال كانت هذه المعلومات جديّة وصحيحة فالموضوع خطر ويهدد النظام الاقتصادي اللبناني ويجعله عرضة للانعزال، وان كانت مجرد "زوبعة في فنجان" أو اشاعات فالموضوع أخطر، اذ يمكن لهذه الأخبار ان تسبب بإرباك في الاسواق اضافة الى فقدان ثقة العالم بالنظام المالي.

السؤال اليوم، ماذا يعني وضع لبنان على "القائمة الرمادية" للدول الخاضعة لرقابة خاصة، وما هي الاسباب التي ممكن ان تدفع المصارف المراسلة لاتخاذ قرار وقف التعامل مع البنوك المحلية، وما هو تأثيرها على الاقتصاد اللبناني والتعاملات مع الخارج؟

الخبير الاقتصادي والمصرفي نقولا شيخاني يوضح في حديث عبر موقع Kataeb.org ان هناك 5 اسباب تؤثر على العلاقة مع المصارف المراسلة، ويشرح:" السبب الاول هو "الدولرة" التي تشجع على الارهاب، الفساد، وتبييض الاموال، السبب الثاني متمثل بعدم تطبيق معايير IFRS 9 المتعلقة بالمصارف، وسبب ثالث مرتبط بالتدابير القانونية بحق حاكم مصرف لبنان التي تؤثر على الثقة، اما السبب الرابع فهي معايير  FATF GAFI، إذ انها مرتبطة بنتائج التقييم الذي اجراه لبنان العام الماضي والمتوقع ان تصدر نتائجه قريبًا وفي حال كانت النتيجة "رمادية" فسيتم وضع المصارف اللبنانية المتعاملة مع البنوك المراسلة ضمن "القائمة الرمادية" للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما سيعيق نوعًا ما التعامل وستعلّق بعض المصارف المراسلة تعاملها مع لبنان، أما اذا كانت النتيجة سوداء فـ "كارثة".

وتابع:" السبب الرئيسي لاتخاذ قرار التوقف هو ان الدولة اللبنانية متعثرة أصلًا خصوصًا لجهة سداد سندات اليوروبوند".

شيخاني غير متفائل تجاه المسار الحالي، ويعتبر ان لبنان ذاهب نحو مخاطر كبيرة في ظل استمرار سياسة القرارات العشوائية وغياب الدولة، في حين يجب العمل على اولويات مهمة لعدم الابتعاد عن القطاع المالي العالمي إذ ان احتمالية حصوله كبيرة جدًا اليوم، خصوصًا وان بعض البنوك المراسلة اوقفت التعامل مع بعض المصارف المحلية فعلا.

وردًا على سؤال حول تأثر شركات التحويل في حال توقف العمل مع المصارف المحلية، قال:" ستتأثر بسبب حساباتها المصرفية في الخارج ولكن ليس بحجم تأثر المصارف المحلية، لانها تعمل بواسطة عدة شركات، ولكن المصارف العالمية لا تحبذ التعامل مع هذه الشركات بسبب مخاطر تبييض الاموال".

وفي حال اوقفت البنوك المراسلة التعامل مع لبنان فعلًا، فذلك سيؤدي الى انعزال لبنان عن القطاع المالي العالمي أكثر فأكثر.

ويقول الخبير المالي ميشال قزح في حديث خاص لموقع Kataeb.org ان الاقتصاد النقدي في لبنان بات يمثل ما بين 80 و90% من الاقتصاد، الامر الذي سيدفع ببعض المصارف المراسلة التوقف عن التعامل مع لبنان خوفًا من تبييض الاموال، معتبرًا ان هذا التوقف هو بمثابة اشارة حمراء للمصارف الاخرى بضرورة التوقف عن التعامل مع لبنان في المستقبل.

وعن تأثير قرار توقف تعامل المصارف المراسلة على الاقتصاد، يعتبر قزح ان استرداد لبنان لعلاقته مع البنوك المراسلة بعد خسارتها صعبة ومعقدة، اضافة الى ان المصارف المفلسة اصلًا اليوم ستصبح "دكاكين"، كما ان عملية الاستيراد والتصدير ستتأثر أيضًا واغلبية التجار ستضطر الى نقل الاموال "يدويًا" الى الخارج ما سيؤدي الى ارتفاع الاسعار محليًا، الى جانب تأثر فتح اعتمادات الفيول والمحروقات والعديد من البضائع.