مار شربل في الفاتيكان.. رمز أبدي للأجيال عن لبنان القداسة!

لا شك أن رفع صورة مار شربل في الفاتيكان ليس بالحدث العادي، فليس كل القديسين يحجزون مكاناً لهم في أحضان بازيليك مار بطرس، حيث ترقد أجساد العظماء القديسين أمثال مار بطرس والبابا يوحنا بولس الثاني وغيرهم من البابواوات الذين تعاقبوا على خلافة مار بطرس. وها هو القديس شربل ابن بلدة  بقاعكفرا الرابضة على اعلى سفوح جبال لبنان  يبارك الكرسي الرسولي، على امل ان يبارك وطنه فينقذه من براثن منظومة اصابته بمرض عضال يدفعه نحو لفظ انفاسه الاخيرة.

بدأت القصة عام 2019 عندما عَزَمَ سفير لبنان لدى الفاتيكان فريد الخازن، على افتتاح كنيسة صغيرة "كابيلا" على اسم القديس شربل، في الطابق السفلي الأول من البازيليك. ويقول الخازن لـ"المركزية": "بدأت التحضيرات مع الكاردينال انجلو كوماستري (Angelo Comastri)، وتبيّن أن لا مساحات شاغرة لتنفيذ المشروع. فعدت واتفقت مع الكاردينال على صنع صورة كبيرة للقديس شربل من الموزاييك في محترَف "فابريكا" التابع للفاتيكان، المتخصص بالموزاييك منذ القرن السادس عشر، واجتمعت للغاية مع مدير المحترف واتفقنا على التفاصيل. ثم ما لبثت ان انتشرت جائحة كورونا وتوقف كل شيء. في هذه الأثناء تقاعد الكاردينال كوماستري وخلفه الكاردينال مورو غانبيتي (Mauro Gambetti)، الذي اجتمعت به واتفقنا على استكمال المشروع. لكن المسؤول عن البازيليك قرر بأن تكون موزاييك مار شربل اللوحة الأخيرة التي توضع في المكان. يُذكَر أن آخر لوحة وضعت منذ نحو عشر سنوات لقديس من الفيليبين".

ويشير الخازن الى "ان البابا فرنسيس بارك اللوحة في 15 تشرين الاول الماضي، وكان يومها مسروراً جداً ومشجِّعاً ومرحِّباً بالمشروع، والسبب أنه تعرّف الى القديس شربل عندما كان مطراناً في الارجنتين. وكانت تربطه آنذاك صداقة مع راعي أبرشية بيونس ايرس المارونية المطران شربل مرعي، الذي أصبح حبيساً فيما بعد في دير طاميش. وعندما قدمت أوراق اعتمادي في الفاتيكان كان المطران مرعي يرسل تحياته دوماً إلى البابا فرنسيس اذ كانت تربطهما علاقة قوية.

وتم تثبيت اللوحة على الحائط الذي يفصل عن ضريح البابا بولس السادس، الذي أعلن قداسة مار شربل عام 1977، يوم الجمعة الماضي، بحضور الكاردينال غامبيتي الذي رأس الصلاة والاحتفال، وبحضور الكاردينال كلاوديو غودجيروتي (Claudio Gugerotti) رئيس مجمع الكنائس الشرقية، ومدعوين من اكليروس وعلمانيين. وبعد كلمة كل من غودجيروتي وغامبيتي، كانت لي كلمة تحدثت فيها عن مزايا القديس شربل وأهمية اللوحة ورمزيتها. بعدها احتفل المعتمد البطريركي الماروني في روما، المطران يوحنا رفيق الورشا بالذبيحة الإلهية في كابيلا قرب موضع الصورة".

ووصف الخازن الحدث بـ"التاريخي، إذ لأول مرة تكون ذكرى أبدية تجسّد لبنان في بازيليك القديس بطرس. واضاف: "تحت البازيليك ثلاثة طوابق: السفلي الاول حيث وضعت الصورة، وطابق ثان، والثالث يحوي قبر القديس بطرس. هذا الحدث مهم للفاتيكان لكنه أهم للبنان بأن يكون له قديس يتكرم في الكرسي الرسولي. والقديس شربل معروف في ايطاليا، وحول العالم أكثر من 40 كنيسة او دير يحمل اسم القديس خارج لبنان. واللوحة التي وضعت في البازيليك لها رمزية خاصة، لأنها تمثل صورة مار شربل التي وصلت لنا بأعجوبة عام 1950 عندما كان اشخاص يزورون المحبسة في عنايا ويلتقطون صورا، فظهرت صورة مار شربل في الصورة بشكل عجائبي، وهي موجودة في دير عنايا وتم اعتمادها كصورة رسمية من قبل الرهبانية، لأن القديس توفي عام 1889 ولم يكن من صورة له بسبب عدم توفر آلات تصوير في عصره".

ويختم الخازن، مؤكداً "أن الحدث ديني لكنه يشير إلى الأهمية التي يوليها الفاتيكان للمسيحيين في لبنان، كنوع من التكريم وذكرى ابدية للأجيال القادمة. وكل من يزور البازيليك من سياح او مؤمنين سيرون الصورة. والأهم ان كبار المسؤولين في الفاتيكان والمعنيين في البازيليك عرفوا بهذا الحدث وهذا بحد ذاته أمر استثنائي، وتحديدا البابا فرنسيس، الذي أعرب عن سعادته لرفع صورة قديس لبنان في الفاتيكان".