ماكرون يستعجل الرئاسة... بري: نعم فرنسا أمّنا الحنون

بعد وقف النار وانتظار تطبيق مفاعيل الورقة الأميركية وتسيير عجلة القرار 1701 في الجنوب، تتجه الأنظار إلى البرلمان الذي يتهيأ لامتحان انتخاب رئيس للجمهورية.

يحضر الموفد الفرنسي جان - إيف لودريان إلى بيروت هذه المرة بزخم أكبر منه في المحطات السابقة التي لم تؤد إلى انتخاب رئيس بعد رحلة قاهرة من الشغور ظهرت ارتداداتها السلبية على مختلف المؤسسات. ولم يكن مفاجئا تركيز الرئيس نبيه بري على تثبيت مندرجات ورقة آموس هوكشتاين ومشاركة فرنسا في إنضاجها بفعل عاملين، تمثلا في إصرار الرئيس إيمانويل ماكرون على الوقوف إلى جانب لبنان طوال سنوات وجوده في الإليزية، ناهيك بإصرار لبناني على إشراك باريس في لجنة المراقبة على الـ 1701 رغم الاعتراض الشديد من إسرائيل.

ويقول بري في هذا المجال إنه منذ بداية المفاوضات مع هوكشتاين كان هناك تصميم لبناني على عدم استبعاد فرنسا نظرا إلى الدور الذي تؤديه ووقوفها إلى جانب اللبنانيين على أكثر من مستوى.

ويؤكد بري دور ماكرون وسعيه الدؤوب إلى إنجاح المؤتمر الدولي من أجل دعم لبنان والجيش، وقد تم جمع أكثر من مليار يورو "وأنا لا أنسى للرئيس ماكرون هذا الفضل في إسناده لبنان في أكثر من محطة. ونريد أن نثبت بالفعل والممارسة أن فرنسا أمّنا الحنون".

وفي هذا التوقيت الذي كان أكثر من صعب على لبنان جراء العدوان الإسرائيلي، استغل ماكرون الأمر وطلب من لودريان التوجه إلى بيروت ليساهم مجددا في تسهيل الطريق لانتخاب رئيس، وخصوصا أنه لم يعد في استطاعة الكتل النيابية، بغض النظر عن توجهاتها، الاستمرار في مقاربتها السابقة لانتخاب الرئيس في ظل كل هذه التهديدات، ولا سيما أن بري قد تعهد بتحديد موعد لجلسة الانتخاب غداة وقف النار، وهو ما يؤشر لوضع حجر الأساس لانتظام عمل المؤسسات الدستورية.

وتأتي زيارة لودريان الذي سيجول على القوى السياسية اليوم في إطار المواكبة الإيجابية، إذ تشكل بلاده عنصرا رئيسيا في لجنة الرقابة التي ستكون بمثابة المظلة لتطبيق القرار 1701، علما أن فرنسا تشكل عصب "اليونيفيل" منذ عام 1978 وهي الدولة الغربية الأولى التي تتواصل مع "حزب الله" المعني بإرساء قواعد القرار الأممي، ولا سيما بعد تدهور علاقته بألمانيا، مع أن قناة أمنية بقيت على تواصل بين الطرفين إلى نحو سنة.

أما في الملف الرئاسي، ورغم كل الإيجابيات التي بثها بري حيال هذا الاستحقاق، فإن لودريان سيعمل على استغلالها مع الكتل النيابية ولا سيما أن ماكرون مصمم منذ اليوم الأول على إتمام هذا الاستحقاق وإزالة الحواجز التي تعترضه، ولكن من المبكر الحسم منذ الآن أنه سيتمكن من إحداث هذا الخرق إثر سلسلة من الإخفاقات التي تعرض لها لودريان في بيروت بعدما أدخله الأفرقاء والكتل في دوامة سياسية أثبتت له أن أكثر من كتلة لا تريد انتخاب رئيس.

وتقول جهات مواكبة إنه رغم حسن النيات عند الفرنسيين، لا يمكن الاستعجال في انتخاب رئيس قبل معاينة الإدارة الأميركية الحالية في آخر شهرين من ولايتها وتسلم الرئيس دونالد ترامب مفاتيح البيت الأبيض، في وقت لا ينفك كثيرون عن الإشارة إلى أهمية موقع واشنطن في لعبة القرارات الكبرى وتأثيرها في لبنان، إلى جانب طهران، ولا سيما أن دور الأولى يبقى وازنا على المسرح اللبناني، وقد أصبحت أكثر حضورا بعد تسلمها مهمة الإشراف على اللجنة المولجة تطبيق الـ1701 الذي لن يغيب بالطبع عن أجندة الرئيس المقبل، ولو أن هذه المهمة تعود إلى الحكومة مجتمعة.