ما الأسباب التي تقف خلف استهداف الجيش؟

كتب "ناصر زيدان" في الأنباء الكويتية: تقول مصادر متابعة إن الخطابات العالية السقف التي أطلقها قادة محور«الممانعة» في الأيام الأخيرة تعود في جزء منها لمحاكاة الأوضاع الميدانية التي تجري في مناطق نفوذ حزب الله، وهي تهدف الى شد عصب جمهور الحزب وتخويف الآخرين من قوته العسكرية. والإعلان عن امتلاك الحزب منظومة دفاع جوي جديدة تأتي في سياق الاستثمار الداخلي هذا، لأن فاعلية هذه المنظومة لم تظهر في مواجهة العدوان الإسرائيلي على مواقع في سورية. والواضح أن الحزب ممتعض من الإجراءات الميدانية التي اتخذها الجيش في بعض المناطق الحدودية، كما من الحديث عن تطوير مهمة قوات اليونيفيل وفقا لما ينص عليه القرار الأممي رقم 1701، لوقف التهريب من الحدود البحرية والبرية ومنع ادخال السلاح الا للقوى النظامية اللبنانية.

قام الجيش اللبناني بعمليات نوعية في الأيام الأخيرة ضد مهربي المخدرات في المناطق الحدودية مع سورية، وأوقف عددا من الأشخاص الفاعلين في هذا المضمار من لبنانيين وسوريين، وقد ذكر بيان رسمي للجيش: أنه صادر كميات كبيرة من المخدرات المتنوعة والأسلحة الحربية ومعدات تصنيع الكبتاغون في جوار بلدة بريتال وفي جرود قرية نحلة البقاعية، كما أنه ضبط مصانع تعمل على توضيب المخدرات في منتجات صناعية وزراعية وهمية، وعثر على عدد كبير من الدراجات النارية المسروقة والسيارات غير الشرعية في تلك المناطق، وترافقت إجراءات الجيش مع نجاح الشرطة القضائية وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في الكشف عن أكثر من صفقة لشحن مخدرات من الموانئ اللبنانية باتجاه دول الخليج العربي.

كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير كان غريبا، وهو للمرة الأولى يتناول قضايا حساسة تتعلق بالجيش اللبناني، بما في ذلك إشارته الى وجود ضباط أميركيين مقيمين في مقر القيادة باليرزة - حسب زعمه - بينما كانت قيادات بالحزب اعترفت سابقا بأن الجيش حمى مناطق نفوذ المقاومة من هجمات الإرهابيين منذ العام 2013، وهو الذي طرد «داعش» من المناطق الجردية الحدودية ومنعها من التغلغل في بلدات ومدن لبنانية ابان مرحلة تصاعد الاقتتال في سورية وكان الحزب منغمسا فيها الى جانب النظام.

المصادر المتابعة تشير الى وجود رسائل متعددة في خطابات قادة حزب الله الأخيرة، ومن أبرزها تحويل الأنظار عن الانهيار المالي الحاصل في البلد وإنتاج عناوين تتعلق بالصراع مع العدو الإسرائيلي، ولكن الوقائع تؤكد عدم وجود أي من هذه الأخطار على لبنان حاليا، بل أن الخطر الحقيقي متأتٍ عن مصادرة قرار الدولة وتحويل لبنان الى ساحة لخدمة مشاريع قوى الممانعة التي تعتمد على انتاج الفوضى وتدمير المؤسسات الشرعية لصالح قوى أمر واقع تلتزم بتوجيهات فقهية خارجية.

هجوم قادة «الممانعة» على الجيش اللبناني في هذا الوقت بالذات له دلالات واسعة، لعل أهمها كون الجيش هو المؤسسة القوية الوحيدة الباقية بعد أن حوصرت وضربت القطاعات الهامة الأخرى كالمصارف والعدلية والمستشفيات والجامعات، وربما بسبب الامتعاض من الإجراءات الحاسمة التي اتخذها ضد مهربي المخدرات، ولأنه يلقى عطف ومساعدة من الدول الصديقة للبنان، ويراهن عليه اللبنانيون كضمانة للوحدة الوطنية ولحمايتهم من أي غدر يتعرضون له من سلاح غير شرعي.

وإشارة قادة حزب الله الى الاستعداد للحرب على اختلافها، وقولهم إن نتائج الانتخابات النيابية لا تقدم ولا تؤخر بالمعادلة، أثارت مخاوف من وصول الحزب الى مرحلة اليأس السياسي من جراء الحصار العارم والعزلة التي يعانيها، وبالتالي لجوئه لاعتماد خيارات متهورة قد تنسف العملية الانتخابية، وتهدد الانتظام العام وتجر لبنان الى أوضاع أكثر مأساوية من الأوضاع التي يعيشها.