المصدر: الديار
الكاتب: بولا مراد
السبت 17 أيار 2025 09:02:59
يشكّل القرار الاميركي المفاجئ بالتوقيت والدلالات والقاضي برفع العقوبات عن سوريا منعطفا كبيرا في المشهد ليس فقط في سوريا انما في المنطقة وتلقائيا في لبنان.
ولطالما سعى المسؤولون اللبنانيون، ومنذ سقوط النظام السوري السابق، لدى القوى المؤثرة دوليا للاستعجال باتخاذ هذا القرار كونه السبيل الوحيد لتسريع عملية اعادة النازحين السوريين الى بلادهم… الا ان التدقيق بتداعيات القرار يبين انه سيكون له حقيقة آثار ايجابية على لبنان لكن بنفس الوقت ستكون هناك آثار سلبية لا يمكن التغاصي عنها.
الآثار الايجابية
يُقدّم البروفسور مارون خاطر، الكاتب والباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة قراءة مفصلة عن هذّه التداعيات، لافتا الى انها «قَد تُساهم، وَمِن وَرَائِها الدَّعم الاميركي الوَاضح للسُلطة الانتقاليَّة في سوريا، بإرساء استقرار سياسي وأمني مَوعود يُشَكِّل مُنطلقاً لِعَودة النازحين السُّوريين إلى بلادهم»، مضيفا:»حسابياً، يُمكِن اعتبار حل مُعضِلَة النُّزوح السوري بِمَثابة دَعم مالي مُباشر للبنان مِن خِلال خَفض تَكلِفَة النُّزوح وضَغطِهَ على البُنية التحتيَّة المُترهلة وتَدَاعيات عَدَم تَنظيمِهِ على سُوق العَمَل وعَلى مَعيشة اللبنانيين».
ويشير خاطر في حديث لـ «الديار» الى ان «الاستقرار والدَّعم اللذين أرساهما القرار قد يشكلان المُنطَلَق لإعادة إعمَار سوريا، وبالتالي لا بُدَّ مِن أن يكون للبنان حِصةً في هذا المشروع العِملاق الذي قَد يَمتَدُّ لسنواتٍ طَويلة مِن خِلال الشركات اللبنانية والرأسمال البشري اللبناني أو حتى من خِلال سَلاسِل التَّوريد والإمدادات اللوجستيَّة البَريَّة»، معتبرا انه «سَيَكون لِرَفع العُقوبات عَن سوريا تَدَاعيات إيجابيَّة عَلى حَرَكَة التَّبادل التّجاري إن كانَ مَع سوريا نَفسها، بَعد إعادة النَّظر بالاتفاقيات الثنائيَّة القائمة، او عبر سوريا إلى العالم العَرَبي الواسع مَعَ بِدء عَودة لُبنان إلى الحِضن العَرَبي بعد انتخاب الرَّئيس جوزاف عون وَبِجهودِه». ويضيف:»كَذلك، قَد يَكون رَفع العُقُوبات والإستقرار في سوريا عامِلاً مُحَفّزاً للمُستثمرين اللبنانيين ولِلشركات اللبنانية مِمَّا سَيَنعَكِسُ أيجاباً على الدَّخل القَومي اللُّبناني».
الآثار السلبية
لكن وبالرغم من كل ما سبق تبقى هناك تداعيات اقتصادية سلبية للقرار. اذ يشير خاطر الى انه «عَلى صَعيد الاقتصاد الكُلّي، قَد يَكون لِتَعافي الاقتصاد السوري تداعيات حَقيقية عَلى الميزات التَفضيليَّة الجُغرافية والاقتصادية والماليَّة والتجاريَّة للاقتصاد اللبناني. لِذَلك لا بُدَّ مِن تَطوير خطط استراتيجية تطال حَقَبَة مَا بَعد الاعمار لتلافي الركود الاقتصادي»، موضحا انه «وفي سياق ُمتَّصل قَد يَتسبب هذا التعافي بأزمة عَمالة في لبنان في الوقت الذي يَحتاج فيه بَلَدُنا لِوَرشة إعادة إعمار وللاستثمار في إعادة تأهيل بنيتها التحتية».
بالمحصلة، يبدو محسوما ان على لبنان ان يجري قراءة دقيقة للمتغيرات الكبرى في المنطقة والتي ارستها زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى الخليج ويضع خطط النهوض بالبلد على اساسها. فكل الخطط التي كانت متداولة قبل ذلك تجاوزت تاريخ صلاحيتها وبات من اللازم الاستنفار قبل ان يتجاوزنا القطار.