المصدر: النهار
السبت 12 آذار 2022 14:58:09
كتبت ليلي جرجس في النهار:
تتعدد الفرضيات كما الخسارات إلا أن الموت واحد، نسمع كثيراً في الآونة الأخيرة عن مضاعفات ما بعد كوفيد أو نتيحة الإصابة به وعن الآثار الجانبية للتلقيح. صحيح أن دراسات كثيرة أشارت إلى زيادة خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب لا سيما بعد الإصابة، إلا أنه مؤخراً بدأ الحديث أيضاً عن التهاب عضلة القلب والسكتات حتى لو كانت هذه الحالات نادرة. وقد أصدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها توصية جديدة بتمديد الفترة الزمنية الفاصلة بين الجرعة الأولى والثانية نتيجة زيادة إلتهاب عضلة القلب بنسبة ضئيلة جداً عند فئة الذكور بين 12-39 عاماً.
ومع ذلك، تبقى الفرضيات قائمة وموضع نقاش طالما أننا نحتاج إلى بيانات تحليلية أكثر ومصارحة أكبر ومتابعة مستمرة لما بعد التلقيح. وقد أضافت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية في 25 حزيران (يونيو) تحذيراً إلى التعليمات المصاحبة لجرعات لقاحي فايزر/بايونتيك وموديرنا المضاد لكوفيد-19 للإشارة إلى الخطر النادر للإصابة بالتهاب عضلة القلب بعد استخدامهما.
وقد أبلغت الـCDC عن 1626 حالة مرتبطة بإلتهاب عضلة القلب محتملة أو مؤكدة، 73 في المئة من الحالات لأشخاص دون الـ30 عاماً و33 في المئة عند الشباب الذين يقل عمرهم عن الـ18 عاماً. وقد أفاد الباحثون حسب ما نشر موقع Halio cardiology أن "الإبلاغ عن هذه الحالات كان بعد الجرعة الثانية بنسبة 82 في المئة وأن العوارض التي ظهرت والتي تم الإبلاغ عنها كانت بعد مرور 7 أيام بنسبة 74 في المئة.
ويبقى التشديد على أن الأعراض الجانبية المحتملة والمتمثلة بالتهاب عضلة القلب تبقى ضئيلة للغاية بالمقارنة مع الأخطار المحتملة لكورونا.
ما جرى مع الشابة رنيم عبوشي، ابنة الـ19 عاماً مؤلم وصادم، لم تكن تعاني من أي مرض، ولم تصب بفيروس كورونا ولكن من عارض بسيط إلى حالة خطيرة، توفيت هذه الشابة تاركة الجميع في حالة ذهول وألم.
وقد روى والدها بشار لـ"النهار العربي" تفاصيل ما حصل أنها "كانت تعاني منذ يومين من السعال وقد اشتد عليها، فتوجهنا إلى الصيدلية لشراء دواء لها حتى ترتاح. كان لونها شاحباً وتقيأت، فنصحني الصيدلاني أن أذهب بها إلى الطوارئ لتلقي العلاج المناسب. كانت برفقتي تمشي إلى جانبي ولكن كان السعال هو العارض الوحيد الذي يزعجها، سوى ذلك لم تكن تشكو من شيء".
وصلت ريم برفقة والدها إلى الطوارئ، ولكن الفحوص التي أجريت لها كشفت أموراً أخطر بكثير من مجرد سعال مزعج. كانت تعاني من دقات قلب سريعة جداً، وقد أجري لها تخطيط للقلب كشف عن إلتهاب في عضلة القلب. ويشرح والدها "من شراء دواء للسعال إلى عناية فائقة، لم أكن أتصور أن يحدث كل ذلك في ساعات، لكن فحص الصورة الشعاعي أظهر أن رنيم تعاني من التهاب في عضلة القلب وتحتاج إلى عناية فائقة وإلى تمييل بصورة طارئة".
ويضيف والدها: "كانت دقات قلب رنيم سريعة بنسبة 200، ولم يكن ممكناً إجراء ميل لها في هذه الحالة فهي بحاجة إلى تنظيم دقاتها حتى يتمكن الأطباء من إجراء هذا التدخل الطبي. وقد أطلعني الطبيب الذي كان يشرف على حالتها بكل هذه التفاصيل وضرورة تنويمها على أمل أن تنخفض دقات قلبها وتعاود الاستقرار، إلا أن كل المحاولات والأدوية التي تلقتها لم تجدِ نفعاً. لقد توقف قلبها ولم يُكتب لها النجاة، كانت صدمة كبيرة خصوصاً أنها لم تكن تعاني من عوارض صحية تنذر بحالتها الصحية".
وعن سبب التهاب عضلة القلب عند ابنته التي تبلغ 19 عاماً فقط، يشير والدها إلى أنه "حسب ترجيح أحد الأطباء أنها قد تكون أصيبت بفيروس كورونا وبقيت هناك آثار وبعد تلقيها جرعتين من اللقاح أدى ذلك إلى حدوث التهاب في عضلة القلب. إلا أن ابنته لم تصب بالفيروس، وقد يكون التلقيح من الفرضيات التي لا يمكن انكارها ولا تثبيتها 100 في المئة، قد تكون قد تعرضت لجلطات صغيرة أدت إلى ذلك". مؤكداً أنها لم تشكُ قبل وفاتها من شيء، وقد عانت فقط من السعال قبل يومين، ولم أكن أتوقع أنها ترحل بهذه السرعة. كان حلمها أن تصبح ممرضة وكانت سعيدة بشرائها اللباس التمريضي إلا أن الموت كان أسرع وخطفها باكراً".
التهابات عضلة القلب
يشرح مدير وحدة العناية القلبية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هادي سكوري في حديث سابق لـ"النهار" بالتعريف أولاً عن الـMyocarditis وهي عبارة عن التهابات في عضلة القلب نتيجة أسباب عدة أبرزها:
- فيروس
- بكتيريا
- بعض الأدوية
- أمراض الروماتيزم.
قد تصيب الالتهابات أي عضو من أعضاء الجسم، مثلاً التهاب الرئة أو الحنجرة أو الأذن يرافقه حرارة مرتفعة وسعال وألم في الحنجرة او الرئة وتُصيب هذه الالتهابات عضلة القلب وغالباً ما تُصيب صغار السن (دون الـ40 عاماً) وتكون هذه الالتهابات ناجمة عن فيروس. تتعدد أنواع الفيروسات، وعوضاً أن تُصيب الرئة او الكبد أو أي عضو آخر في الجسم، يُصيب الفيروس عضلة القلب ويؤدي الى التهابات فيها.
ويوضح سكوري أن "التهابات عضلة القلب لا يرافقها أي عارض صحي عند البعض، إذ لا يشعر المريض بأي ضعف في القلب في حين قد يشعر مريض آخر بألم في الصدر نتيجة التهاب غشاء عضلة القلب. لذلك عندما يشعر المريض بألم في صدره يخضع لبعض الفحوص ومنها أنزيمات القلب (في حال كانت مرتفعة فهذا مؤشر على وجود التهاب في عضلة القلب). وبناءً عليه، تُجرى له صورة صوتية لمعرفة مدى ضعف عضلة القلب".
لمعرفة ماذا يجري تحديداً في القلب، يشرح سكوري أن "القلب بداية يقوم بالتعويض عن هذه الخلايا الميتة لذلك لا يشعر المريض بأي عارض صحي كضيق في التنفس، التعب والإرهاق أو الإصفرار. لكن مع الوقت يتعب القلب وتتضخم أعضاؤه وتظهر عليه أعراض قصور القلب. ومن المهم أن نعرف أن التهابات عضلة القلب ومدى قوتها هي التي تلعب دوراً في حالة المريض وتطور حالته. اذا كانت الالتهابات بسيطة وقد شُفي منها، لن يشعر المريض بأي عارض صحي وتبقى عضلة قلبه جيدة. أما في حال تضرر عدد كبير من الخلايا (خلايا ميتة) أو في حال الاصابة بالتهابات حادة في عضلة القلب عندها سيشعر المريض بأعراض قصور القلب".
أما بالنسبة الى العلاج، يشير سكوري الى أن العلاج عادة يكون للقلب وليس للفيروس، ويقوم العلاج على الحدّ من تطور الفيروس وتحسين عضلة القلب ومنع تدهور الخلايا الجيدة والحفاظ على حيويتها. هناك 50 في المئة من المرضى تتحسن عضلة القلب عندهم و30 في المئة تعود طبيعية ولكن هناك 20 في المئة من المرضى لا يظهرون تحسناً في عضلة القلب، بل قد نشهد على تدهورها. وهذه الفئة تعدّ الأكثر صعوبة لأنه مع الوقت نصل الى مرحلة ضعف قلب متقدم ونحتاج الى جهاز لتحسين أو مساعدة عضلة القلب، ويكون هذا الجهاز جسر عبور للوصول الى زرع قلب طبيعي. (نفتقر عند الصغار الى وهب الأعضاء لا سيما في سن صغيرة).
ويوجّه سكوري رسالة الى مريض القلب أو مريض سابق في التهابات عضلة القلب وأهمية "متابعة حالته مع الطبيب حتى بعد مرحلة الشفاء وإجراء صورة صوتية سنوياً لمراقبة عضلة قلبه. وعند ملاحظة أي ضعف أو تراجع في عضلة القلب (مهما كانت بسيطة) تجب معالجته سريعاً بالأدوية حتى نتفادى الوصول الى مرحلة متقدمة من خلل في القلب. اما في حال وجود أي من الأعراض التالية على الشخص استشارة الطبيب:
- ضيق التنفس
- تعب وارهاق
- اصفرار
- دقات قلب سريعة
- تورم في القدمين
- التعرّق.
وتشير هذه الأعراض الى احتمال احتباس الماء في الجسم أو الرئة وبالتالي الى ضعف في عضلة القلب.