ما هو مطلوب من الدولة وما هو مطلوب من حزب الله لوقف العدوان الإسرائيلي والإستنزاف البشري؟

لم يعد من الجائز استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على مواقع ومخازن حزب الله العسكرية على طول الاراضي اللبنانية، واستهداف كوادره وسقوط المدنيين الابرياء على هذا النحو، منذ التوصل الى وقف الاعمال العدائية بين الحزب واسرائيل نهاية شهر تشرين الثاني المنصرم، وعدد الشهداء والجرحى بلغ المئات وفي ازدياد يوميا، ولا شيء يُنبىء بتوقف مسلسل الاستنزاف البشري هذا قريبا، مع استمرار حالة اللاحرب القائمة، ومواصلة القوات الاسرائيلية اعتداءاتها اليومية، و احتلال التلال الخمس جنوباً، وخرقها للقرار الدولي ١٧٠١، وترهيب المواطنين ومنعهم من العودة الى قراهم ومناطقهم واعادة اعمار منازلهم المدمرة.


يربط المراقبون الخروج من الوضع الراهن بسلسلة اجراءات تتخذها الدولة اللبنانية، تبدأ بوحدة القرار بين مكوناتها، وتفادي الانقسام في ما بينها، كما حصل مؤخرا بالتعاطي مع حادث الروشة، وبإحكام سلطتها وسيطرتها على كل المناطق اللبنانية، جنوب وشمال الليطاني، وفي اي منطقة من دون استثناء او مراعاة لبقاء مربعات امنية خارج سيطرة الدولة، كما هي حال بعض المناطق الحالية، ولو كانت محدودة قياسا عما كان سائدا في السابق، والتشدد بالاجراءات والتدابير لمنع اي محاولات لإعادة بناء قوة وتسليح حزب الله من جديد، في اي منطقة او موقع، ووضع اليد على ما تبقَّى من مستودعات اسلحة للحزب او مراكز مسلحة، وكبح جماح اي محاولة او تصرف، لكسر او تجاوز هيبة الدولة، او خرق القوانين وتطبيقها، في اي مسألة او امر من الامور المطروحة، واغلاق منافذ تهريب السلاح والاموال غير الشرعية، وملاحقة المخلين بالامن واحالتهم الى القضاء.

يضيف هؤلاء ان المطلوب من الدولة ايضا، ابلاغ من يعنيهم الامر وبلغة صارمة وقف التدخل الايراني بالشؤون الداخلية، ورفض كل المواقف والتصرفات التي تدعو لرفض تنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة وحدها، والامتناع عن التحريض على سياسات الحكومة وقراراتها في بسط سلطتها على كل الاراضي اللبنانية ومنع اي محاولة لاعادة عقارب الساعة الى الوراء، لتسليح الحزب من جديد والخروج عن قرارات ومرجعية الدولة اللبنانية، ما يعرِّض لبنان لشتى المخاطر والتحديات الغير محمودة.


ومن وجهة نظر هؤلاء، الاهم هو تكثيف حركة الحكومة اللبنانية، تجاه الخارج وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والدول العربية الشقيقة، وكل اصدقاء لبنان، لمساعدة لبنان على انهاء الاحتلال الاسرائيلي للتلال الخمس جنوباً ووقف الاعتداءات المتواصلة وتسهيل عملية اعادة الاعمار، بالتزامن مع تشجيع حزب الله على الاندماج اكثر في الدولة والحياة السياسية عموما، والعمل على تبديد المخاوف والتحفظات التي تحوول دون ذلك.

ويعتبر هؤلاء المراقبون ان هناك خطوات مطلوب من حزب الله اتخاذها في المقابل، وفي مقدمتها، الامتناع عن كل مايخالف القوانين واستهداف هيبة الدولة، والتجاوب مع قرارات الحكومة، والاقتناع بعدم جدوى رفض قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة وحدها، والتخلي عن اوهام عودة الحزب الى بناء قدراته العسكرية من جديد، كما يصرح كبار مسؤولي ونواب الحزب وغيرهم من كبارالمسؤولين الايرانيين من وقت لاخر، ما يعطي ذرائع لاسرائيل لتبرير اعتداءاتها على مستودعات ومواقع للحزب وعناصره باستمرار. 


ويشير هؤلاء المراقبون الى ضرورة ترسيخ ثقة حزب الله بالدولة اللبنانية، من خلال إلقاء مسؤولية ومهمة تحرير الاراضي اللبنانية المحتلة وانهاء الاعتداءات وعمليات الاغتيال الاسرائيلية وتداعياتها بها حصراً، وابلاغ الجيش اللبناني عن كافة مستودعات السلاح المتبقية لدى الحزب، لتسلُّمها والحؤول دون قيام اسرائيل بقصفها وتدميرها كما يحصل حاليا، الامر الذي يُضعف ذرائع اسرائيل للاعتداء على لبنان الى الحدود الدنيا خارجيا على الاقل ويخفف من استنزاف مزيد من الشهداء والجرحى من دون طائل، بعد سقوط كل وظائف ومبررات سلاح حزب الله، وتغير موازين القوى الاقليمية لغير صالحه.