ما هي خيارات إسرائيل في ظلّ اتفاق نووي محتمل بين أميركا وإيران؟

تنظر إسرائيل بعين القلق إلى المفاوضات النووية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، والنتيجة المرتقبة. كانت إسرائيل تفضّل الحلول العسكرية قبل السياسية، وبمعنى آخر، كان المخطّط توجيه ضربات لمنشآت إيران النووية تعرقل البرنامج لسنوات، وبالتالي ضمان عدم امتلاك سلاح نووي، ثم احتمال ترك المجال للديبلوماسية للتفاوض وتحقيق المكتسبات من إيران "الضعيفة".

لكن الرياح الأميركية لم تجر كما اشتهت السفن الإسرائيلية حتى الحين والمفاوضات مستمرة، وإن كان ثمّة احتمالات لانهيار المباحثات خلال نقاش تفاصيل الاتفاق لجهة نسب التخصيب وتطوير الصواريخ، وبفعل ترددات داخلية من قبل متطرفي الإدارة الأميركية واللوبي اليهودي، وخارجية إسرائيلية.

الدوائر الإسرائيلية تدرس بشكل معمّق كيفية التعامل مع الواقع الجديد في حال نجاح المفاوضات والتوصّل لاتفاق نووي، وهو درس بدأ خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الثانية التي تم التوصّل خلالها لاتفاق مع إيران، واستُكمل خلال ولاية الإدارة السابقة برئاسة جو بايدن التي فاوضت إيران دون تحقيق نتيجة.

ثمّة توافق بين المحللين والخبراء على أن لا خيارات أمام إسرائيل إلّا التماشي مع الاتفاق الجديد في حال التوصّل إليه، والبقاء على عدائها لإيران وتوجيه ضربات للأخيرة دون بلوغ الحرب الواسعة معها.

وفي هذا السياق، يقول الكاتب المتخصّص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي إن إسرائيل "ستتعايش" مع الواقع الجديد "ولن تستطيع الابتعاد" عن الموقف الأميركي.

 

الحرب السيبرانية 

وفق التقديرات، فإن إسرائيل لن تنتهج أسلوباً سلمياً مع إيران في حال نجاح المفاوضات النووية، لكنها قد تعود لنمط الحرب الاستخباراتية القائم على جمع المعلومات عن البرنامج النووي الإيراني وتنفيذ عمليات تخريب واغتيال داخل إيران، كعمليات التخريب في منشآت نطنز وفوردو، واغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، إلى جانب الحرب السيبرانية.

ياغي ينطلق في حديثه لـ"النهار" من هذه الفرضية ليتحدّث عن "عادة عدم التزام" إسرائيل بأي اتفاق يعقد، واحتمال اعتبار الاتفاق النووي المفترض لا يلزمها كونه "سيئاً" ويشكّل تهديداً على مصالحها الأمنية الاستراتيجية الكبرى، وبالتالي الاتجاه نحو "الحروب داخل الحرب"، أي اعتماد سياسة الاغتيالات والتعطيل والتشويش.

يوسي كوبرفاسر، الباحث في الشؤون الأمنية والدفاعية، تحدّث عام 2022 بضوء المفاوضات النووية عن إجراءات وجب على إسرائيل اتخاذها في حال التوصّل لاتفاق، فأوصى بمواصلة العمليات السرية لتقويض قدرات إيران، وتأكيد إسرائيل الاحتفاظ بحقها لجهة اتخاذ إجراءات ضد إيران، وتعزيز قدراتها العسكرية استعداداً للوقت الذي يتطلب منها اتخاذ إجراءات.

تفاهمات واتفاقات

أما على المستوى السياسي الإقليمي، فإن ثمّة توقعات بأن تكرّ سبحة التفاهمات في حال التوصّل لاتفاق نووي، وعلى رأس القائمة حرب غزّة. وفي هذا الإطار، يقول ياغي إن الاتفاق سيضغط على إسرائيل للتوجّه نحو اتفاقيات في المنطقة مرتبطة بحرب غزّة وجنوب لبنان وسوريا، وسيتم توسيع دائرة التفاهمات الابراهيمية، لأن التوجه الأميركي سيكون صفقة شاملة وإنهاء الحروب. 

في المحصلة، فإن إسرائيل لن تكون أمام خيارات متعدّدة في حال نجاح المفاوضات النووية والتوصّل لاتفاق، والصورة عامة تقوم على مجاراة إسرائيل الواقع الجديد، ولكن بالتوازي مع استمرار العمليات الاستخباراتية ضد إيران، والتحريض الدائم داخل الولايات المتحدة على نكث الاتفاق والتراجع عنه واعتماد اللغة العسكرية بدل السياسية.