متابعة حثيثة من الوزارة لمصاعب القطاع الزراعي.. هاني: نسعى بجهود مكثفة لإعادة فتح الطريق البري مع السعودية

تعيش الزراعة في لبنان على روزنامة الأزمات المتتالية، وعلى ما تستطيع تحصيله من فرص وخدمات حكومية أو أممية، وتفتقد منذ عقد ونيف، استقرار الإنتاج بسبب شح مياه الري والآبار، وإقفال المسارب البرية أمام تصدير المحاصيل.

وفيما أمل مزارعو لبنان خيرا بعد التطورات السياسية السورية، وانتظروا إعادة فتح الحدود كلّيا أمام شاحنات النقل المبردة، المحملة خضروات وفواكه لبنانية إلى الأسواق الخليجية، خابت آمالهم بعد المستجدات الأمنية في سوريا ومعوقات الترانزيت من جهة، واستمرار إقفال الحدود السعودية أمام الصادرات اللبنانية من جهة أخرى.

وإلى معضلة التصدير، يعيش لبنان مثل غالبية بلدان حوض المتوسط، أزمة تضاؤل المتساقطات المطرية، وشحا قاسيا في الاحتياطات المائية، وهو ما يهدد بنضوب مصادر المياه العذبة، وخسائر فادحة في إنضاج المواسم والمنتجات الزراعية.

يضاف إلى ذلك، محاولات الإسراع في الإنتاج غير العلمية، يقدم عليها بعض المزارعين غير العارفين بأصول استخدام الرش والمبيدات الزراعية، ما يسيء الى سمعة المنتجات اللبنانية وجودتها، ويمنع تصديرها لعدم مطابقتها المعايير والمقاييس الدولية.

بيد أن المتابعة الحثيثة التي توليها وزارة الزراعة لمصاعب القطاع، أعادت تصويب مسار الحلول جزئياً، والعمل جار لمتابعة المعضلات العالقة، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من الموسم الزراعي الذي تزداد مشكلاته تعقيداً كلما تأخرت الحلول.

نبدأ من أزمة شح المياه وأثرها على القطاع الزراعي. يشهد لبنان أزمة شح مائي تعدّ الأشد منذ عام 1958، إذ تراجعت نسبة المتساقطات إلى نحو 50% من المعدل السنوي المعتاد، وانخفض عدد أيام المطر والثلوج إلى ما بين 40 و50 يوما فقط، مقارنة بمعدل سنوي يقارب الـ100 يوم. هذا التراجع الكبير وفق وزير الزراعة الدكتور نزار هاني "أدى إلى جفاف العديد من الينابيع وتراجع منسوب الأنهار، فيما جفت بعض الآبار بالكامل. لذا بدأ موسم الري باكرا، بما شكل ضغطا إضافيا على الموارد المائية، وخصوصا المياه الجوفية التي باتت شحيحة. هذه الظروف أثّرت مباشرة على القطاع الزراعي، لا سيما المحاصيل التي تعتمد في شكل أساسي على مياه الأمطار، مثل القمح والشعير، خصوصا في مناطق البقاع وبعلبك والهرمل، إذ لم يتمكن جزء كبير منها من إتمام دورة نموه، وتوقف عند نحو 10 سنتيمترات قبل أن ييبس في الأرض بسبب نقص المياه".

أمام هذا الواقع، أصدرت وزارة الزراعة مجموعة من التوصيات للمزارعين، تضمنت ضرورة تحديد أولويات الري بحسب نوع المحصول عبر إعطاء الأفضلية للمحاصيل الدائمة مثل الأشجار المثمرة، وتشجيع المزارعين على تقليص المساحات المزروعة بالخضر الصيفية المكشوفة، إلى جانب تطبيق نظام الري بالتناوب.

وفي إطار تحسين قدرة القطاع الزراعي على مواجهة التغيرات المناخية، أطلقت الوزارة بالتعاون مع البنك الدولي مشروعا بقيمة نحو مليوني دولار، بعنوان "التحول الأخضر في القطاع الزراعي"، يهدف إلى جعل الزراعة أكثر قدرة على التكيف مع التغير المناخي، عبر تحسين أساليب الري وترشيد استخدام المياه وتطوير العلاقات بين المزارعين والمصنعين".

وإلى أزمة شح المياه الراهنة، يعاني القطاع أزمة تصدير ليست جديدة، وقد تعاظمت نتيجة إغلاق الطريق البري الذي يمر عبر السعودية، وهو الطريق الأساسي والأسرع والأقل كلفة لنقل المنتجات اللبنانية إلى دول الخليج، فيما التحول إلى الشحن البحري يستغرق وقتا أطول، بما يؤثر سلبا على جودة المنتجات الزراعية"، وفق ما يقول هاني، الذي يشير إلى أن "المنتجات اللبنانية التي تصدر إلى دول الخليج مثل الكويت والإمارات والبحرين، إضافة إلى سوريا والأردن والعراق، لا يمكن أن تعوض السوق السعودية من حيث الحجم والطلب".

فما الإجراءات التي تقوم بها وزارة الزراعة لمعالجة هذه المعضلة؟

يؤكد أن الوزارة "تبذل جهودا مكثفة لإعادة فتح الطريق البري مع السعودية. وقد جرت اتصالات رفيعة المستوى، من بينها تدخل الرئيس جوزف عون والرئيس نواف سلام، علما أنه تم الاتفاق على آلية محددة، وأتبعناها بكتابين واتصالات متكررة".

في المقابل، يوضح هاني أن "صادرات الفواكه إلى العراق لا تواجه أي مشاكل، بل يتم تصدير كميات كبيرة من الدراق والإجاص، وسنبدأ قريبا بتصدير موسم التفاح إلى الأردن والعراق ومصر. غير أن فتح الطريق إلى الخليج يبقى الخيار الأمثل لتسهيل التصدير وخفض الكلفة"، مشيرا إلى أن النقل الجوي "لا يشكل بديلا فعالا، إذ إن الكميات التي يمكن تصديرها عبر الجو محدودة جدا (2 إلى 3 أطنان حدا أقصى)، بتكلفة مرتفعة تصل إلى نحو دولار للكيلوغرام الواحد".

توازيا، تعمل الوزارة على تحسين جودة المنتجات الزراعية من خلال تعزيز الإرشاد الزراعي، والتركيز على الزراعة المستدامة وترشيد استخدام المبيدات، بعدما ظهرت مشكلات في جودة بعض المحاصيل نتيجة الاستعمال المفرط للمبيدات. وقد تم تفعيل المختبرات الزراعية لمراقبة بقايا المبيدات وجودة الأدوية الزراعية المستوردة، مع فرض رقابة صارمة على الأدوية المهربة والممنوعة، ما أدى إلى مصادرة أطنان من الأدوية الممنوعة.