متحف لبناني عالمي يدخل موسوعة غينيس عبر أكبر مجسّم للقرش

بدافع محبته لعالم البحار مذّ كرج يافعاً بقدميه على رمال شاطىء مدينته الساحلية صور في جنوب لبنان، حنّط الدكتور جمال يونس الأسماك والحيوانات البحرية بشكلٍ متقن، وعرضها في عيادته الخاصة!

اعتلِ مركباً برأس حصان وذيل سمكة على وقع خرير المياه المتدفقة من كل الجهات، وأدخل المكان بأمان ولو من فم قرش ....! تحفّ بك صدفتان ضخمتان حيث تلفي نفسك في عالم آخر على عمق 14 متراً تحت الأرض!

إنه متحف الحياة البحرية والبرية في وادي مغارة جعيتا بمنطقة ذوق مصبح شرق بيروت، منشأة سياحية –علمية بيئية ترفل بجمالياتها في ذلك الوادي السياحي بامتياز، فالقادم إلى المغارة يلفته فوراً مشهد المتحف البديع من بعيد، حيث يُستهل بسفينة فينيقية ضخمة تمخر بمجاذيفها "عباب" ماء متدفق من جميع الجهات!

وقبل كل شيء، يهمنا التنويه أن للمتحف ثلاثة أرقام قياسية عالمية وهي لأكبر مجسم لسفينة فينيقية حربية بطول 40 مترا وارتفاع 7 أمتار، وأكبر مجسم للقرش الأبيض بطول 35 متراً وارتفاع 5 أمتار، وأكبر مغارة صناعية تحتوي على كل موجودات المتحف بمساحة تفوق 4500 متر مربع محفورة داخل الجبل.

متحف في عيادة طبيب اسنان!
قصة هذا المتحف -الحلم تعود إلى 35 عاماً خلت، عندما كان الدكتور جمال يونس يدرس طب الأسنان في رومانيا حيث مارس التخدير والتحنيط وبرع فيهما.

وبدافع محبته لعالم البحار مذ كرج يافعاً بقدميه على رمال شاطىء مدينته الساحلية صور في جنوب لبنان، حنّط يونس الأسماك والحيوانات البحرية بشكلٍ متقن، وعرضها في عيادته الخاصة! فأمست "ميني" متحف بكل ما في الكلمة من معنى، وأصبحت تلك العيادة الصغيرة المتواضعة قبلة الزوّار والرحلات العلمية والتربوية للمدارس والمعاهد اللبنانية.

لم يقتصر حلم يونس على الخيال، فصممّ الشاب اللبناني المتوّقد بالذكاء منذ نعومة أظافره على تحقيق حلمه بتأسيس متحف مميز في منطقة جعيتا...

عمل سنوات وسنوات، جال العالم، تعرّف إلى متاحف عالمية، مخر عباب البحار والمحيطات، قصد أعماقها وأماط اللثام عن كل ما هو نادر وجميل، وضمّ إلى مقتنياته مجموعات جديدة من الحيوانات البحرية وحتى البرية النادرة.... حتى أن نجله البكر كان أصغر غطّاس في العالم في تسعينات القرن الماضي.

الحلم يمسي حقيقة...
وابتدأ المشوار المضني، شراء الأرض كلّف كثيراً، حفر انفاق ومغاور تحت الأرض بعمق 14 متراً جعل المهمة أصعب، ولكن لا ضير المهم أن لا يبدو مشهد المتحف العتيد كلاسيكاً، بل عبارة عن مغاور تحت الأرض يمكن أن ترشح منها المياه، تصميم رائع بأنامل يونس حيث المتدليات من صواعد ونوازل على تهايا مغارة جعيتا المجاورة، وأنفاق ترابية مهيبة على شاكلة معلم "مليتا" في منطقة اقليم التفاح (قضاء النبطية) في الجنوب اللبناني...!

حيوانات ترقد بسلام!
على مساحة 4500 متراً تحت الأرض انتشرت الحيوانات لترقد بسلام ... في مشهدية بديعة لا ينساها الزائر للمتحف، فالمكان بحد ذاته "تحفة" فنية قبل ان نتعرف على محتوياته.... وقبل كلّ ذلك لا بد من الإشارة إلى عنصر هام أفضى إلى نجاح المتحف في فترة زمنية قياسية (افتتح للزوار في شهر نيسان 2015) ، وهو يكمن في التضافر العائلي لانجازه.

فالدكتور يونس وعقيلته النشيطة جداً ليندا يشرفان على أدق تفاصيل، ويعملان على تطوير المتحف بأفكارهما، وحتى عبر سواعدهما... وهما يستقبلان الزوار بكل ترحاب وبشاشة لا بل يتقبّلان النصائح نحو الأفضل ...

مخلوقات وأسماك نادرة
يضم المتحف عدداً كبيراً من الحيوانات التي باتت شبه منقرضة كفقمة الراهب وجرى ضمّها في إلى المتحف عقب تحنيطها، فمثلاً تم إضافة "فقمة" صخرة الروشة في بيروت بعد العثور عليها نافقة في منطقة الروشة في بيروت، علاوة على الإسفنج وقنفذ البحر بنوعيه الأسود والملون والذئاب وصولاً إلى الحيوانات البحرية التي تشكل 70 % من المتحف.

وهنا يقول يونس "أهم المجموعات البحرية التي حازت شهادات من أكبر المنظمات البيئية العالمية كـ "منظمة المحافظة على أسماك القرش في العالم"، و"منظمة المحافظة على البحر الأبيض المتوسط"، هي حوالي 40 نوعا من أسماك القرش و30 نوعا من النجوم و400 نوع من أصداف البحر الأبيض المتوسط وهي مجموعة فريدة لا توجد إلا في هذا المتحف من بين جميع دول البحر الأبيض المتوسط.

ويضيف "كذلك يوجد عشرات الأنواع النادرة والفريدة التي لا توجد في أي متحف آخر ومنها نموذجان من سمكتي السيف شفافة اللون بطول 120 سنتيمترا".