مترو المدينة آخر صروح الثقافة

انطفأت أنوار بيروت ومعها غابت الحياة الثقافية بكل تجلياتها من مسارح ومعارض وندوات ومحاضرات ومؤتمرات ومهرجانات.

المنظومة الحاكمة التي أمعنت في الوطن نحرًا على الصعد كافة، لم توفّر حتى القطاع الثقافي الذي غاب وانهار كليا بالرغم من بعض جرعات الاوكسجين التي كانت تضخّ في جسده النحيل والمتلاشي من وقت الى اخر.

ووسط كل هذه الظلامية لازالت هناك شمعة مضاءة في شارع الحمرا في قلب بيروت اسمها "مترو المدينة" الذي يواظب على تقديم البرامج الفنية أسبوعيا، علمًا أنه يعمل على التأقلم مع الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب.

في المترو تستطيع أن تنسى هموم الوطن ومأساته فتسافر في الزمن الى أيام الفن الاصيل، الى أغنيات نصري شمس الدين وعازار حبيب وفريال كريم ومنى مرعشلي وليلى مراد والشيخ امام وغيرهم من عمالقة الفن اللبناني والعربي.

ولكن يبقى العمل الاهم في انتاجات المترو "بار فاروق" الذي قدّم للمرة الاولى منذ أكثر من خمس سنوات في مهرجانات بيت الدين، ولكن على ما يبدو فإن الوضع الاقتصادي الصعب حتّم ايقاف هذا العمل الرائع الذي يحاكي بيروت وجمالها قبل الحرب اللبنانية خصوصًا ان أكثر من عشرة ممثلين سيتواجدون على الخشبة، ما يعني ربما زيادة في أسعار البطاقات وهذا الامر لا بد من تفاديه في هذه الايام، علما ان كثرا ينتظرون عرضًا جديدا لبار فاروق.

ومن الاعمال التي تحظى بنسبة عالية جدًا من الجمهور "هشك بشك" الذي يحاكي كباريهات مصر القديمة وروائع الاغنيات الشعبية المصرية، اضافة الى "ديسكوتيك " الذي يحاكي حقبة الثمانينيات والاعلانات التي كانت تبث آنذاك على الشاشة الصغيرة والذي غاب في الفترة الماضية عن روزنامة المترو الشهرية.

باختصار، أضحى مترو المدينة اليوم المُتنفّس المسرحي والثقافي شبه الوحيد في العاصمة، فهل سيلقى دعمًا من وزارة الثقافة المُفلسة أصلا وهي التي لم تقم بأي عمل في السنوات الماضية يظهر حضورها في اي من المحافل المحلية و العربية و الدولية؟

ويبقى أن وضع الثقافة في لبنان مرتبط الى حد كبير بالوضع العام، ولكن الاخطر انه اذا فقد لبنان قيمته الثقافية والعلمية اي دور سيبقى له في المنطقة في المرحلة المقبلة.

بيار البايع