متى يتخلى اللبنانيون عن ان" كل شىء فرنجي برنجي" فيتراجع حجم الاستيراد؟

لا يمكن لاقتصاد ان ينمو ويتطور طالما ميزان المدفوعات يعاني من عجز مستمر وطالما ان موازنته يتخطى العجز فيها الـ ٢٤ في المئة بسبب اصرار بعض الوزراء على زيادة نفقات وزاراتهم بصورة عشوائية دون ان يتقشفوا او يقللوا من انفاقهم غير المجدي وطالما ان قطاعاتهم الانتاجية تعاني من عدم القدرة على التصدير بسبب ارتفاع الكلفة التشغيلية لانتاج سلعهم وطالما ان التهريب مستمر على الحدود وطالما لم يتم المباشرة بتطبيق القوانين الاصلاحية التي حذر حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري من ان عدم تطبيقها يؤدي الى تنامي الاقتصاد غير الشرعي .

وعلى الرغم من الانهيار النقدي والمالي ما تزال ارقام الاستيراد عالية وقد تخطت في العام الماضي الـ ١٩مليار دولار بينما لم يصدر القطاع الصناعي الا حوالي الملياري دولار رغم ان القطاع احتل مساحة جيدة من الاستهلاك المحلي لكنه لم يتمكن من الحلول مكان الاستيراد لان هناك سلع ومواد لا ينتجها القطاع مثل المحروقات التي تشكل نسبة كبيرة من الاستيراد اضافة الى ما طرأ من استيراد من مواد للطاقة الشمسية التي يقدرها مدير عام الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر بحوالي المليار دولار بسبب التقنين القاسي الذي يمارس على المواطنين وبسبب الفاتورة العالية التي يدفعها المواطنون لاصحاب المولدات الخاصة مما اضطرهم الى الاستغناء عن ساعات الكهرباء والمولدات الخاصة واللجوء الى الطاقة الشمسية .

قد يكون عامل ارتفاع سعر الدولار الجمركي من ١٥٠٠ ليرة الى ٨٥٥٠٠ ليرة قد ادى الى زيادة نسبة الاستيراد بسبب اقدام بعض التجار والموردين الى زيادة حجم استيرادهم قبل رفع سعر الدولار الجمركي ووضع سلعهم المستوردة في مستودعاتهم طمعا بالربح السريع لكن كل ذلك لا يبرر استمرار ارتفاع وتيرة الاستيراد في بلد يفتش عن دولار وفي وقت يتكل فيها على المساعدات التي تأتيه من المغتربين وفي وقت تقف الحكومة عاجزة عن فعل اي شيء سوى اقدام وزرائها على زيادة انفاق وزاراتهم ولو على حساب فرض المزيد من الضرائب والرسوم على المواطنين المنهكين مما يؤدي بطبيعة الحال الى زيادة حجم الاقتصاد غير الشرعي الى نسب تجاوزت الخمسين في المئة حتى ان بعض الصناعيين يؤكد ان النسبة وصلت الى ٧٠ في المئة ،وفي وقت لم تطلق الحكومة اية خطط للنهوض الاقتصادي والانطلاق نحو اعادة تفعيل القطاعات الاقتصادية وفي وقت وصلنا الى الارتطام الكبير حيث يقف المسؤولون موقف المتفرج بينما المفروض اجتراح العجائب كي لا نصل الى هذا المستوى من التأخر والركود متكلين على ما يأتينا من هنا وهناك .

لقد اتت فرصة جيدة للانتاج اللبناني اولا بسبب الانهيار النقدي الذي ادى الى تخفيض حجم الاستيراد وثانيا جائحة كورونا التي ادت الى حالة من الركود الاقتصادي العالمي وتشجيع الصناعة اللبنانية على الانتاج اكثر والحلول مكان السلع المستوردة لكن هذه الفترة لم تطل بل عاد الاستيراد الى ارقامه السابقة لا بل زادت احيانا حتى ان النصف الاول من العام ٢٠٢٣ قارب الاستيراد الـ ١٠مليار دولار شكل قطاع استيراد المحروقات حوالي الـ ٣مليارات دولار اولا بسبب ارتفاع سعر برميل النفط عالميا وثانيا ارتفاع استهلاك المادة رغم ارتفاع سعر صفيحة البنزين ووصولها الى المليوني ليرة لبنانية ورغم ارتفاع الدولار الجمركي من ١٥٠٠ ليرة الى ٨٥٥٠٠ ليرة وتأثيره على حركة الاستيراد مباشرة لكن وكما يبدو فان "كل شي فرنجي برنجي "ما زال اللبنانيون غير مؤمنين بصناعتهم بل ما زالوا يفضلون السلع الاجنبية المراقبة وتتمتع بجودة عالية من المعايير التي تطمئنهم ويركنون اليها رغم ارتفاع اسعارها ورغم الانهيار النقدي ورغم تخطي نسبة الفقر الـ ٨٠ في المئة من المواطنين .

لقد حاولت حكومة تصريف الاعمال دعم القطاعات الانتاجية من خلال فرض ضرائب على السلع المستوردة مثل فرض ضريبة 10%على السلع المستوردة التي لها مثيل في لبنان ، لكن لغاية الان لم تطبق بسبب الخلاف حول السلع التي لها مثيل في لبنان كما ان ارتفاع الدولار الجمركي لم يؤثر على حركة الاستيراد،وبالتالي المطلوب المزيد من الوعي لاهمية القطاعات الانتاجية ودعمها حتى تتمكن من الحلول مكان السلع المستوردة حتى يمكن القول اننا شعب لا يعي خطورة ما وصلنا اليه والدليل ما نستورده وما ناكله وما نفعل به .

ويدحض نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين زياد بكداش مقولة كل شي فرنجي برنجي بدليل ان ٨٠ في المئة من اللبنانيين باتوا يفضلون الانتاج اللبناني من حيث النوعية والاسعار ،حتى انه يرفض التأكيد ان حجم الاستيراد في تطور ونمو لان الاستيراد في السنة الماضية كان بأغلبه يصرف على المحروقات والسيارات والطاقة الشمسية والبطاريات والتي تقدر بحوالي ١٠مليارات دولار وهذه السنة لا يعرف حجم الاستيراد حيث الاحصاءات تصدر في العام ٢٠٢٤وبالتالي يصعب التكهن عما اذا ارتفع حجم الاستيراد او تراجع مع العلم ان استيراد الادوية قد تراجع لمصلحة الانتاج الوطني وكذلك المواد الغذائية.

ويضيف بكداش : اما بالنسبة للقطاع الصناعي وزيادة حجم تصديره فانه لا ننسى ان اسواق السعودية ما تزال مقفلة بوجه الانتاج اللبناني وحجم التصدير اليها كان يقدر بـ٥٠٠مليون دولار سنويا ،كما ان المنافسة مستمرة خصوصا في ظل تذبذب اسعار المواد الاولية التي تحد من التصدير على الرغم من انشاء عدد كبير من المصانع والخطوط الجديدة للتصدير .

لكن بكداش لاحظ ان اللبناني عاد الى شراء السلع الاجنبية بعد توقف لفترة سنتين ملاحظا وجود الاموال بيد اللبنانيين بدليل حفلة الفنان عمرو دياب التي حضرها حوالى ١٨ الف شخص .