مجلس الوزراء يعيّن مجدّداً اللواء عودة… باقتراح من وزير الدّفاع؟

يحرص النائب السابق وليد جنبلاط على “الصيانة الدورية” لتموضعه الأخير إلى جانب خطّ المقاومة مع “صديقه” الرئيس نبيه بري. في جلسة يوم الأحد غاص الطرفان في قضايا المنطقة ومصير الجبهة الجنوبية، لكن، وفق المصادر، الطبق الرئيس على طاولة عين التينة كان مطلب جنبلاط حسم مسألة تعليق تنفيذ قرار تعيين رئيس الأركان اللواء حسّان عودة غير القادر حتّى الآن على ممارسة صلاحيّاته.

تؤكّد معلومات “أساس” أنّ جنبلاط استاء من عدم شمول تسوية نتائج الكلّية الحربية موضوع رئاسة الأركان العالق منذ قرار تعيين اللواء عودة بقرار وزاري من دون رفع وزير الدفاع اقتراحات بالأسماء وتوقيعه على المراسيم الثلاثة بمنح الأقدمية والترقية والتعيين.

على هذا الأساس تحرّك الملفّ مجدّداً، وهناك اقتراح يطرحه راهناً وزير الدفاع موريس سليم يقضي برفعه مجدّداً إلى مجلس الوزراء اسم العميد عودة ليتمّ تعيينه رئيساً للأركان، كما يقول، وفقاً للأصول. وأمس تمّ طرح هذا الاقتراح في اللقاء الذي جمع الرئيس ميقاتي ووزير الدفاع في السراي.

جنبلاط مُستفَزّ

الطابة حالياً في ملعب رئيس الحكومة، كما يحتاج القرار إلى موافقة شيعية، خصوصاً بعدما بادر مجلس الوزراء في جلسة 8 شباط الماضي إلى تعيين عودة رئيساً للأركان بقرار وزاري بناءً على دراسة قانونية شاملة للأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكّية. كما عمد قائد الجيش العماد جوزف عون إلى تعليق رتبة اللواء لعودة. وفي حال حصلت التسوية ستشكّل سابقة لم تشهدها كلّ الحكومات.

ولم يعرف حتى الآن إذا التسوية حول رئيس الأركان حصلت ستشمل بهذه الحالة تعيين عضو مجلس عسكري مكان اللواء بيار صعب الذي وقّع وزير الدفاع قرار التمديد له (يحال إلى التقاعد في أيلول المقبل) استناداً إلى قانون التمديد لقائد الجيش، ورفض الأخير اعتبار التمديد له قانوني. بهذه الحالة يتراجع وزير الدفاع عن قراره وتحصل تعيينات بالأصالة لرئيس الأركان، مجدداً، وللعضو المتفرّغ في المجلس العسكري الذي سيحلّ محل اللواء بيار صعب. لكن حتى الآن لم يتمّ التوصّل إلى صيغة نهائية مع العلم أنّ إصرار جنبلاط على التعيين سيقود إلى مشهد مختلف عن ذاك الذي طَبَع التمديد الأول لقائد الجيش في ظل عدم وجود رئيس أركان.

جنبلاط مُستفَزّ، وكان هذا الملفّ أحد المواضيع الأساسية في لقاء برّي وجنبلاط. في وقت الضيق لا تأتي الانفراجة إلّا من عين التينة كما جرت العادة أحياناً كثيرة بين الصديقين اللدودين. فهل يقطع التعيين part 2  بعد تسوية الحربيّة؟

سيرة جنبلاط قريباً في الأسواق

منذ السابع من تشرين الأول لم يتردّد جنبلاط في التكويع باتّجاه استيعاب دخول الحزب على خطّ المواجهة وإسناد حرب غزة و”وحدة الساحات” وقتال الحزب في جنوب لبنان على الرغم من وجود معارضة كبيرة داخل فريقه السياسي لهذا التوجّه.

يأتي ذلك ضمن سياق قناعة جنبلاطية خالصة بضرورة إبعاد دروز المنطقة عن سياسة المحاور وتصفية الحسابات والتطرّف خارج صحن العروبة والانحراف بالاتّجاه الإسرائيلي، فيما صدحت الرسالة الأقوى في لقاء المصالحة في بيصور بين عائلتَي ملاعب والعريضي، وحين وجّه من “بيصور أمّ الشهداء تحيّة إلى غزة أمّ الشهداء والضفة وكلّ فلسطين”.

في العنوان العامّ باتت بوصلة جنبلاط معروفة، وهي التزام يقوّي أواصر العلاقة مع الثنائي الشيعي، خصوصاً الرئيس بري، وفي أكثر من ملفّ. جنبلاط الذي يتحضّر هذا العام لإطلاق كتاب عن سيرته الذاتية من إعداد الصحافي الفرنسي المتخصّص في قضايا الأقلّيات الدينية في المنطقة Sebastien de Courtois  يشمل عقوداً من العمل السياسي لزعيم المختارة، لا تزال تسكنه هواجس انتقال الزعامة إلى تيمور والقلق على مستقبل دروز المنطقة وصولاً إلى الخوف من فقدان السيطرة على “فرض” الإمرة الدرزية على بعض ملفّات الداخل من رئاسة الجمهورية إلى الحصّة في الحكومات والتعيينات… والدليل ما يحصل اليوم في ملفّ رئاسة الأركان.

تسوية من دون فوضى

في آب الماضي أفتى جنبلاط علناً بحتمية التسوية “وضرورة الجلوس مع السيّد حسن نصرالله من أجل انتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على عناوين المرحلة المقبلة”. وهو يتصرّف على هذا الأساس مسلّماً بأنّ التسوية المقبلة يجب أن لا تأتي فوق “الفوضى والحرب والدم”. وهذا ما يفسّر تموضعه الواضح في الوسط متشكّكاً دوماً في حصول المحظور، لكن محذّراً منه دوماً.

أكثر من مرّة ردّد جنبلاط أمام زائريه “استغرابه الشديد للرفض المسيحي (القوات والمعارضة) للحوار ورفضه لهذا المنطق التدميري”. مع ذلك نهجه هو التهدئة لكن ليس إلى درجة تجاهل تصريحات نائب القوات بيار بو عاصي التي ألهبت الجدال بين القواتيين والجنبلاطيين وتمّ الردّ عليها بمواقف عالية السقف لكن محدودة مع طلب اعتذار من سمير جعجع.

فرصة للمسيحيّين

يراهن جنبلاط حتى على احتمال تراجع الحزب عن مرشّحه سليمان فرنجية “إذا خضنا جولات حوار محدودة زمنياً برئاسة بري، فلماذا لا يلتقط المسيحيون هذه الفرصة؟”، مسلّماً في الوقت نفسه بأنّ “الترتيب الدولي الخارجي لأيّ قرار كبير أو تسوية شاملة غير جاهز بعد والدليل المعاينة عن قرب لتحرّك أعضاء اللجنة الخماسية والموفدين الدوليين المؤثّرين”.

لن يكون بحسابات جنبلاط تجربة مماثلة لجهاد أزعور 2 حين أعلن “اللقاء الديمقراطي”، قبل أيام من جلسة 14 حزيران 2023، التصويت لوزير المال السابق، “من دون أن يعني التموضع في أيّ اصطفاف، بل كنّا أوّل المبادرين إلى طرحه قبل تبنّيه من أيّ طرف آخر”، ولا أيّ دعم مماثل لتأييد ترشيح ميشال معوّض. أقصر الطرق “طريق التوافق بالحوار”، بتأكيد أوساط جنبلاط، “فالبيك يزكّي ترشيحات من ثقل شبلي ملاط أو غيره تحمل برنامجاً اقتصادياً ومالياً واجتماعياً. الأهمّ لا مرشّح تحدّ آخر لا يوافق عليه الطرف الآخر بل توافق بالحوار”.