المصدر: النهار
الجمعة 25 تموز 2025 15:09:18
غادر المفاوضون الأوروبيون القنصلية الإيرانية في إسطنبول الجمعة بعد اجتماع مع نظرائهم الإيرانيين بشأن البرنامج النووي الإيراني، حسبما أفاد مراسلو وكالة "فرانس برس".
والاجتماع الذي استمر ساعات عدّة هو الأول منذ الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع نووية وعسكرية في إيران منتصف حزيران الماضي.
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي إن طهران أجرت نقاشاً "جاداً وصريحاً ومفصلاً" فيما يتعلّق بتخفيف العقوبات والملف النووي، موضحاً أن الجانبين قدما أفكاراً محدّدة.
وأضاف أن إيران جدّدت تأكيد مواقفها المبدئية، بما في ذلك ما يسمى بالآلية السريعة لإعادة فرض العقوبات، مشيراً إلى أنه جرى الاتفاق على استمرار المباحثات في هذا الشأن.
وعارضت إيران اقتراحات تمديد العمل بقرار للأمم المتحدة يصادق على الاتفاق النووي لعام 2015، وذلك في إطار بدء أول محادثات مباشرة مع القوى الغربية منذ القصف الإسرائيلي والأميركي للمواقع النووية الإيرانية الشهر الماضي.
وكانت وفود من إيران والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا الأوروبية، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد وصلوا لإجراء محادثات في القنصلية الإيرانية في إسطنبول.
والدول الأوروبية، إلى جانب الصين وروسيا، هي الأطراف المتبقية في اتّفاق عام 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018، والذي رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
ويقترب الموعد النهائي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر بسرعة، والذي سيتنهي بحلوله سريان القرار الذي يحكم هذا الاتفاق.
وحينها، سترفع جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران ما لم تفعل آلية "العودة السريعة" قبل الموعد بما لا يقل عن 30 يوماً. ومن شأن تفعيل الآلية إعادة فرض تلك العقوبات تلقائياً، والتي تستهدف قطاعات مختلفة من النفط والغاز إلى البنوك والدفاع.
ولإتاحة فرصة لتحقيق ذلك، حدّدت الترويكا الأوروبية نهاية آب/ أغسطس موعداً نهائياً لإحياء الجهود الدبلوماسية. ويطالب الدبلوماسيون إيران باتخاذ خطوات ملموسة لإقناعهم بتمديد المهلة لمدّة تصل إلى ستة أشهر.
وأكّد الناطق باسم وزارة الخارجية اسماعيل بقائي أنّ اجتماع الجمعة في إسطنبول "اختبار في الواقعية للأوروبيين وفرصة قيمة لتصحيح مواقفها من المسألة النووية الإيرانية"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا).
وستحتاج إيران إلى تقديم تعهّدات بشأن أمور رئيسية منها المحادثات مع واشنطن والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والكشف عن مصير 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية قريبة من تلك التي تصلح للاستخدام في صناعة الأسلحة والذي لا يزال مكانه غير معروف منذ القصف الشهر الماضي.
وذكر بقائي في مقابلة مع وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء قبل دقائق من بدء المحادثات أن طهران تعتبر الحديث عن تمديد قرار مجلس الأمن رقم 2231 "بلا معنى ولا أساس له".
وعقدت الولايات المتحدة 5 جولات من المحادثات مع إيران قبل أن تشن غارات جوية عليها في حزيران/يونيو، والتي قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنها "قضت" على برنامج طهران النووي الذي تقول واشنطن وحليفتها إسرائيل إنه يهدف إلى امتلاك قنبلة نووية.
ومع ذلك، نقلت شبكة "أن بي سي نيوز" عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين قولهم إن تقييماً أميركياً لاحقاً خلص إلى أن واحداً من المواقع النووية الإيرانية الثلاثة المستهدفة تم تدمير معظمه بهذه الغارات، لكن الموقعين الآخرين لم يلحق بهما ضرر بالغ.
وتنفي إيران سعيها لامتلاك سلاح نووي.
ويقول دبلوماسيون أوروبيون وإيرانيون إنّه ليس من المتوقع أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي.
وأكّد مصدر أوروبي أنّ "تقاعس مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة) ليس خياراً" تجاه إيران، محذّراً من أنّ الأوروبيين سيبلغون الإيرانيين في اجتماع إسطنبول بأنّ نافذة العودة للوضع الطبيعي ستُغلق في الخريف.
وأوضح المصدر أنّ الأوروبيين يستعدّون لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات "في حال عدم التوصّل إلى حلّ تفاوضي"، داعياً الإيرانيين لاستئناف تعاونهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكان آبادي الذي يشارك في محادثات اسطنبول وصف الثلاثاء اللجوء إلى آلية "سناب باك" (آلية الزناد) بأنّه "غير قانوني بتاتاً"، مؤكّداً أنّ الدول الأوروبية "أنهت التزاماتها" بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018.
وأضاف غريب آبادي "لقد حذّرناهم من المخاطر، لكنّنا ما زلنا نسعى إلى أرضية مشتركة".
وتهدف المحادثات لقياس مدى استعداد طهران للتوصل إلى حلّ لتجنّب العقوبات.
وقبيل المحادثات، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنّ موقف طهران لا يزال "ثابتاً وراسخاً".
وقال عراقجي في مقطع فيديو نقلته وسائل الإعلام الرسمية: "ستستمر عملياتنا لتخصيب اليورانيوم، ولن نتخلى عن هذا الحق للشعب الإيراني"، مضيفاً أنّ محادثات اليوم الجمعة تأتي "استمراراً للمباحثات السابقة، وعلى العالم أن يفهم أنّ موقفنا واضح ولم يتغيّر".