محاولات لضبط الحدود: إغلاق 154 معبرًا استخدمت للتهريب

تشهد الحدود اللبنانية–السورية جولات متقطعة من التوتر الأمني، إذ تتحوّل أحيانًا إلى مسرح لصراعات بين المهرّبين الذين يعتمدون على المعابر غير الشرعية لتسيير أنشطتهم. وتتزامن هذه التوترات مع محاولات الدولة اللبنانية اتخاذ تدابير مشددة لضبط الحدود وإقفال المعابر المفتوحة، بهدف تقليص الاشتباكات والأنشطة غير القانونية التي تعيق استقرار المنطقة. وقد تمثلت هذه الإجراءات بقيام الجيش اللبناني بإقفال أكثر من 154 معبرًا وطريقًا كانت تُستخدم في أعمال التهريب، إلى جانب ملاحقة المهرّبين وتوقيفهم. 

عمليًا، يتركز التهريب بشكل أساسي على الحدود الممتدة بين منطقتَي البقاع والشمال، حيث تُستخدم هذه المعابر لتهريب السيارات المسروقة من الداخل اللبناني إلى سوريا، والتي تُباع في السوق السوداء أو تُستخدم لأغراض أخرى. ويشمل التهريب أيضًا المحروقات، التي تُنقل عبر شبكات منظمة باستخدام خراطيم موصولة بخزّانات ضخمة تعمل بالطاقة الشمسية، فضلًا عن تهريب السلع الغذائية، والأجهزة الإلكترونية، والملابس. والأخطر من ذلك، أن هذه المعابر تُستخدم أيضًا لتسلّل الأفراد، والمجموعات، والتنظيمات المسلحة.

أرقام رسميّة
ووفقًا للأرقام الرسميّة التي حصلت عليها "المدن"، أوقف الجيش اللبناني، منذ كانون الثاني 2025 وحتى بداية شهر أيار (أي بعد أسابيع من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا)، أكثر من 11 ألف سوري دخلوا إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعيّة. وقد سُلّموا إلى الأمن العام وأُعيدوا إلى سوريا.

وسُجّلت النسبة الأعلى من التوقيفات في منطقة الحدود الشرقية، حيث أُوقف أكثر من 3000 سوري في بعلبك–الهرمل، وأكثر من 1700 في مناطق بقاعية أخرى.

كما أُغلق أكثر من 154 معبرًا كانت تُستخدم في عمليات التهريب وتسلّل المجموعات، وقد جرت عملية الإغلاق عبر حفر فجوات كبيرة في منتصف الطرق ورفع سواتر ترابية، ما جعلها غير سالكة أمام المركبات.

وحسب مصدر أمني لـ"المدن"، فإن "مديرية المخابرات أغلقت العديد من المعابر المستخدمة في التهريب، منها معبر المعراوية والنعمات، بالإضافة إلى معابر للدراجات النارية داخل الأراضي السورية وبين المنازل، ومعابر لصهاريج. كما نفّذت مداهمات في بلدات البقاع، أوقفت خلالها مجموعة أعادت فتح معابر غير شرعية بعد إغلاقها. وتتكثف الجهود حاليًا لضبط الحدود بشكل كامل، والحد من جميع الأعمال غير القانونية".

جولات متقطعة
وعلى الرغم من كل المساعي لضبط الحدود بين الجانبين، إلا أن المنطقة لا تخلو من الخروقات. وحسب معلومات "المدن"، فإنه "منذ نحو أسبوع، أطلقت مجموعة من الجانب السوري النار باتجاه الأراضي اللبنانية، وقد جرى التعامل مع الحادث. كما اشتبكت مجموعتان من المهربين بين لبنان وسوريا، وأطلقوا النار على بعضهم البعض. ومنذ يومين، تسللت مجموعة من سوريا نحو منطقة حوش السيد، وأضرمت النار في أحد المنازل هناك قبل أن تغادر، ولم يتم توقيف أي شخص حتى الآن.

ووصف المصدر التواصل بين الجانبين بـ"الإيجابي"، مشيرًا إلى أن "التعاون لا يزال بحاجة إلى جهود إضافية، وهناك محاولات مستمرة لضبط الحدود بالكامل بهدف تأمين الاستقرار للبلدين. لكن إقفال جميع المعابر غير الشرعية ليس مسألة سهلة، إذ إن غالبية الطرقات غير شرعية، وبالتالي يمكن تحويل أي طريق إلى معبر غير شرعي. كما أن ضبط الحدود يتطلّب إجراءات قضائية مشددة بحق المهربين بعد توقيفهم، لأنهم، بعد إخلاء سبيلهم، غالبًا ما يعودون إلى ممارسة نشاطهم وكأن شيئًا لم يكن".