محاولات محورها مصر للحصول على وعد بالتروّي.. واتصالات مع الضاحية

يواصل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب اتصالاته مع نظرائه العرب والأجانب في محاولة للضغط في اتجاه وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، لا سيما بعد إخفاق الجهود الديبلوماسية في منع العدوان على الضاحية الجنوبية. ولفتت زيارته للقاهرة مطلع الأسبوع، فما الدور الذي تؤديه مصر في هذه المرحلة المعقّدة؟

لم يتراجع "حزب الله" عن وعده القاطع بالرد على العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، وبالتالي باتت عقارب الساعة مربوطة على توقيت الرد الذي لن يُعرف إلا عند تنفيذه.

لكن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة بمناسبة ذكرى أسبوع القيادي في المقاومة فؤاد شكر، كشف أن اتصالات جرت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في محاولة لثني الحزب عن ردّه على استهداف الضاحية، ولم يحدّد من أجرى تلك الاتصالات وما إن كانت دول غربية فقط شاركت فيها أم دول عربية.

تواصل مصري مع الضاحية

قبل أن يلتقي الوزير بو حبيب نظيره المصري بدر عبد العاطي في مقر وزارة الخارجية المصرية في القاهرة، كانت مصر تواصل اتصالاتها مع عواصم عدة ومنها بيروت في محاولة لنزع فتيل التوتر.

الاتصالات المصرية حاولت الوصول إلى تسوية بتراجع "حزب الله" عن تنفيذ ردّه المرتقب على جريمة الضاحية الجنوبية كمدخل للتهدئة.

بو حبيب: لمصر دور محوري

يسعى وزير الخارجية لوقف موجة التصعيد المتدحرجة من خلال سلسلة اتصالات مع نظرائه العرب والغربيين وغيرهم انطلاقاً من ان لبنان في موقع المعتدى عليه وان تل ابيب هي التي تواصل اعتداءاتها على البلاد وترتكب المجازر، واكد لـ" النهار" ان "مصر تبدي اهتماماً كبيراً بلبنان انطلاقاً من موقعها ودورها المحوري في النظام القومي العربي، وان التواصل معها مستمر وشهد زخماً في هذه الفترة بسبب الحرب والتهديدات الاسرائيلية للبنان وتسعى لتجنيب لبنان الحرب".

ويكشف بو حبيب عن تواصل مستمر مع "حزب الله" وانه تمنى ان لا يؤدي الرد على عدوان الضاحية الى حرب ، ويضيف "نترقب تطور الاوضاع وهناك تمنيات بأن لا يكون الرد من لبنان مشتركاً بل ان يكون بشكل منفصل".

ولفت الى ان وزير الخارجية المصري سيزور لبنان قريباً.

لكن ما سمعته القاهرة لم يختلف عما ردت به الضاحية على معظم المتصلين بها ومفاده أن "العدو تجاوز الخطوط الحمر في 30 تموز الفائت، وأن ذلك لن يمر من دون رد حتى وإن توقّف العدوان على غزة".

 

وسط هذه الأجواء، قصد بو حبيب القاهرة مثنياً على دورها في دعمها المتواصل للبنان، وأنها لم تركب في ركب دول عدة في الطلب من رعاياها مغادرة لبنان.

وفي خضم تلك الاتصالات، كان كلام بو حبيب من القاهرة عن ضرورة وقف العدوان على غزة كخطوة لوقف التصعيد وبهدف حماية المنطقة من تبعات حرب إقليمية.

هذا الموقف اللبناني يتماهى مع الموقف المصري الذي يؤكد أن ما تشهده المنطقة هو بسبب "الحرب الشعواء التي تشنّها إسرائيل على أهالينا في قطاع غزة وما يحمله ذلك من مخاطر للتصعيد، وامتداد هذا الصراع لما هو أبعد من ذلك" بحسب ما أكده عبد العاطي خلال زيارة بو حبيب.

وينطلق الموقف المصري من ضرورة وقف الحرب المستمرة على غزة نظراً لدوره في المفاوضات المتواصلة بين "حماس" وتل أبيب وأيضاً الإفادة من علاقته الجيدة مع الأطراف اللبنانية، ولا سيما "حزب الله"، وتركّزت فحوى اتصالاتها وكذلك اتصالات أكثر من طرف خارجي في الساعات الأخيرة على ضرورة التروّي والاستمهال في الرد على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت خشية انزلاق الأوضاع إلى الحرب الشاملة. عدا أن فحوى الاتصالات سواء مع لبنان الرسمي أو مع "حزب الله" كانت تحت عنوان "إعطاء فرصة لمزيد من الأخذ والرد، بما يشبه البازار، وأن العمل جارٍ على وقف الحرب على غزة".

لم تكن ثمة إجابة حاسمة من الضاحية وعندها كان التوجّه الحكومي بإيفاد بو حبيب إلى القاهرة.

لكن إجابة "حزب الله" جاءت واضحة على لسان نصرالله الذي توجّه إلى الوفود واصفاً بعضها بالوقحة التي لم تستنكر ما حصل من عدوان وأن "العدو يرتكب المجازر في كل يوم تحت أعينكم وأسماعكم، هذا ليس منطقياً وليس طبيعياً على ‏الإطلاق، تأتي وتنظّر علينا وتقول اصبروا وتحمّلوا وطوّلوا بالكم (...)، والأميركي ‏يقول لإيران وللبنان وللجميع، طولوا بالكم علينا قليلاً وأعطونا القليل من الوقت، نحن نعمل لوقف الحرب ‏في غزة (...)".

بطبيعة الحال، سمع الجانب المصري هذه المواقف، لكنه لا يزال يواصل جهوده متكئاً على علاقته الجيدة بمعظم الأطراف اللبنانية وكذلك لدوره السابق ضمن اللجنة الخماسية وانفتاحه على التواصل مع الضاحية الجنوبية، وهذا بدا واضحاً في حركة السفير المصري في بيروت علاء موسى. لكن هل تصل تلك المحاولات إلى نتائجها أم إن الرد الذي أعلنه "حزب الله" بنحو لا لبس فيه آتٍ لا محالة على العدوان على الضاحية... ومن بعده تتّضح معالم ما بعد الرد وما إن كانت الجهود المصرية ستصل إلى نتيجة.