محاولة اغتيال العودة مهّدت لصفقة درعا الغامضة!

يؤكد مصدر مطلع لـ"النهار" أن الأردن لعب الدور الحاسم في إيجاد حلّ توافقي بين الإدارة السورية وقيادة اللواء الثامن، مع تجنيب المنطقة أيّ قصف إسرائيلي بسبب خرق أرتال الأمن العام حدود المنطقة المنزوعة السلاح التي رسمها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في وقت سابق.

ويشير المصدر إلى أن التدخل الأردني في اللحظة الأخيرة "منع الانزلاق نحو صراع مسلح"، كما ساهم في "الحفاظ على توازن النفوذ وحفظ المواقع"، لكن الأهم من ذلك أنه تمكن من "تحييد" الطائرات الإسرائيلية التي حلّقت فوق سماء المنطقة بينما كانت قوات الأمن تحاصر بصرى الشام.

ويعتقد المصدر أن الأردن قد يكون قدّم ضمانات لإسرائيل بأن دخول أرتال الأمن العام إلى بصرى الشام لن يهدد الأمن الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه "لا يمتلك أي تفسير آخر" لصمت تل أبيب.

وشكّل الانفجار المفاجئ للعلاقة بين الأمن العام واللواء الثامن في درعا، الجمعة الماضي، مفاجأة غير متوقعة، خصوصاً أنه لم يكن مسبوقاً بمقدمات توحي بإمكان حدوثه، بل كانت الأوضاع في درعا مستقرة وسط استمرار جلسات التفاوض بين ممثلي اللواء ووزارة الدفاع بشأن عملية الاندماج. وبدت سردية ملاحقة شحنة مخدرات، وأنها هي التي تسببت بهذا الانقلاب في المشهد الدرعاوي، غير قابلة للتصديق.

وفي هذا السياق، يكشف مصدر آخر لـ"النهار" أن ما حدث في درعا "لم يكن كما جرى تسويقه في الإعلام، بل كانت هناك خطة معدّة بإتقان للانقلاب على قيادة اللواء الثامن عبر اغتيال قائده أحمد العودة"، وأن الكشف عن هذه المحاولة من قبل جهاز أمن اللواء هو الذي شكّل الشرارة لانفجار المشهد.

ويوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع وتبعاته الأمنية عليه، أن جهاز أمن اللواء كشف في 8 آذار/ مارس تفاصيل الخطة المعدّة لاغتيال العودة، التي كانت تقضي باستهدافه أثناء خروجه من مزرعته الكائنة في الحيّ الغربي في بصرى الشام، وكان من المفترض اللجوء إلى أحد خيارين لتنفيذ ذلك: إما استهدافه بالرشاشات في اشتباك مباشر، أو زرع عبوة ناسفة على طريق خروجه.

وكشفت التحقيقات السريعة التي أجراها الجهاز عن تورّط قيادي في اللواء مقرّب من العودة في مخطط الاغتيال، وأن مجموعة تعمل مع بلال الدروبي كانت المكلّفة بتنفيذ العملية على الأرض، وهو ما أوحى بأن الهدف كان الانقلاب على قيادة اللواء الثامن ممثلة بالعودة، من أجل تفكيك اللواء ومنعه من الاستمرار كقوة نافذة.

وبناء عليه، بدأت قوات من اللواء بملاحقة الدروبي للقبض عليه والتحقيق معه. وهنا بدأت المشكلة تظهر إلى العلن، إذ جرى توقيف الدروبي بالفعل الجمعة على أحد الحواجز، وأُصيب بعيارين ناريين في ساقه وبطنه. غير أن المصدر يؤكد لـ"النهار" أن حالة الدروبي كانت مستقرة، وأنه لم يكن هناك أي خطر على حياته عند نقله إلى المستشفى، مبدياً استغرابه من وفاته بعد ساعات قليلة فقط.

ومنذ الإعلان عن وفاة الدروبي صباح السبت، تجدد التوتر ولكن بوتيرة أعنف وأكثر تنظيماً "وكأن الوفاة كانت متوقعة"، بحسب المصدر، الذي يشبّه ما جرى بعد ذلك بأنه "مشهد مصغّر عن ليلة سقوط النظام من حيث التحشيد الإعلامي والدعوات عبر مآذن الجوامع للاستسلام وتسليم السلاح"، مشيراً إلى أن الهدف كان "إسقاط اللواء إعلامياً، ودفع قيادته لمغادرة البلاد كما فعل ضباط النظام".

وفي هذا السياق، يؤكد المصدر ذاته أن العودة وكبار قادة اللواء لم يغادروا سوريا، بل هم في بصرى الشام، ولا يزالون متواجدين في منازلهم معروفة العناوين. ويشير إلى أن العودة لم يغادر سوريا سوى مرة واحدة منذ سقوط النظام، وذلك إلى الأردن، مشدداً على أنها كانت زيارة شخصية لم يلتقِ خلالها ضباطاً أردنيين.

ويحذّر المصدر من بعض المظاهر التي رافقت التوتر ويمكن أن تلعب دوراً في إعادة إشعال الحرائق في درعا، مشيراً إلى أن "مجموعات من تنظيم داعش ركبت الموجة ولحقت برتل الأمن العام المتوجه إلى بصرى الشام زاعمة أنها جزء منه". ويؤكد أن "عناصر من داعش اتصلوا مع قيادي في اللواء الثامن، لقبه أبو أحمد، وهددوه بأنهم قادمون للثأر والانتقام بسبب دور قوات اللواء الثامن في محاربة التنظيم سواء في درعا أو في البادية.
ويشير المصدر إلى أن عمليات الاغتيال لعناصر من الأمن العام، بعد ساعات من الاتفاق على حلّ اللواء الثامن وإعادة دمج عناصره في وزارة الدفاع "لا تبشّر بالخير".