محكمة أميركية تحكم على إيران و"الحزب" بتعويضات لعائلة عامر فاخوري

في خطوة هامة تُضاف إلى سلسلة القضايا التي تشكل تحدياً للنفوذ الإيراني و"حزب الله" في لبنان، أصدرت المحكمة الجزائية الأميركية لمقاطعة كولومبيا حكماً تاريخياً فنّد الأذى الذي لحق بعائلة عامر فاخوري، المواطن الأميركي اللبناني الأصل، من جراء احتجازه كرهينة في لبنان، "بناءً على طلب من حزب الله"، وهو ما ورد حرفياً في مذكرة الحكم الصادرة عن القاضي جون د. بيتس في قضية Estate of Fakhoury v. Islamic Republic of Iran، الصادر في 1 أيار 2025.

الحكم، الذي جاء مع تعويضات ضخمة لصالح الورثة وأفراد العائلة، سلّط الضوء على الدور الخبيث الذي تلعبه إيران و"حزب الله" في إدارة الشؤون القضائية في لبنان، وأدى إلى وضع المحاكم اللبنانية، وتحديداً المحكمة العسكرية، تحت المجهر.

فضح التدخل الإيراني والتعويضات

وتعود قضية عامر فاخوري إلى أيلول 2019، عندما استُدرج وعائلته للعودة من الولايات المتحدة إلى لبنان، حيث أعطي تطمينات مُسبقة، ليتم احتجازه من قبل سلطة الأمر الواقع التي تأتمر بأوامر "حزب الله" وبتوجيهات من إيران، من 12 أيلول حتى منتصف كانون الأول 2019، قبل أن يُمنع من مغادرة لبنان حتى آذار 2020. ووفق حيثيات قرار المحكمة، أدّى اعتقال فاخوري إلى "تدهور حالته الصحيّة بشكل كبير، وانقلبت حياة عائلته رأساً على عقب، حيث عاشت زوجته ميشلين إلياس وأولاده الأربعة في قلق مستمر".

توفي عامر الفاخوري في آب 2020 في الولايات المتحدة، بعد خضوعه لفترة علاج من مرض السرطان. وفي أعقاب وفاته، بادرت عائلته إلى رفع دعوى قضائية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالمباشر بسبب دعمها المادي لـ "حزب الله"، متهمةً إياها بالوقوف خلف ما تعرض له في لبنان، واعتبارها المسؤول الأول عن الأذى الذي لحق بهم؛ وذلك عبر دعوى رُفعت أمام القضاء الأميركي استناداً إلى "قانون الحصانات السيادية الأجنبية (FSIA)"، الذي يتيح ملاحقة الدول المتورطة في دعم الإرهاب، وشملت الدعوى أيضاً "حزب الله" كجهة مسؤولة.

في ما يتعلق بالقضية، خلصت المحكمة الأميركية إلى أن "فاخوري تم احتجازه في لبنان كرهينة من قبل "حزب الله" بدعم من إيران". واعتبرت "الأذى النفسي الذي تعرضت له العائلة بسبب احتجازه كرهينة كافياً للحصول على تعويضات".

وقررت المحكمة منح 2.113.500 دولار لورثة عامر فاخوري.

1.409.000  دولار لزوجته ميشلين إلياس.

4.277.000 دولار لأولاد فاخوري الأربعة.

المجموع 7.749.500 دولار

وتشمل هذه المبالغ التعويضات عن الأضرار النفسية والمعنوية التي تعرضت لها العائلة نتيجة احتجاز فاخوري كرهينة، بالإضافة إلى تعويضات عقابية تهدف إلى ردع أي ممارسات مشابهة في المستقبل. كما تم احتساب الفائدة قبل الحكم في قضية المدعين منذ عام 2019، ليتجاوز المبلغ الإجمالي 13.4 مليون دولار، مترتب على إيران و"حزب الله" كتعويضات عقابية.

مصادر حقوقية كشفت لـ "نداء الوطن" أن "الحكم الصادر لا يُعد مجرد إنصاف لعائلة فاخوري، بل يمثل إعلاناً واضحاً عن تورط القضاء اللبناني، وخاصة المحكمة العسكرية، في تنفيذ أجندات سياسية وأمنية لـ "حزب الله" المدعوم من إيران". وأشار المصدر إلى أن "التحقيقات الأميركية وثّقت أن جهاز الأمن العام اللبناني، خلال فترة تولي اللواء عباس إبراهيم إدارته، والمحكمة العسكريّة، نسقا مع "حزب الله" المصنّف منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة في هذه القضية".

الحُكم يضع القضاء اللبناني، وتحديداً المحكمة العسكرية، في موقع المساءلة القانونية والأخلاقية. إذ إن تنفيذ أحكام واعتقالات استناداً إلى توجيهات حزب مسلّح محظور دولياً، يُعد انتهاكاً صارخاً لمبدأ فصل السلطات، ويهدد شرعية المؤسسة القضائية في لبنان على المستوى الدولي.

ويرى حقوقيون أن هذا الحكم قد يفتح الباب أمام المتضررين من أحكام المحكمة العسكرية اللبنانية، من بينها قضايا حساسة مثل المبعدين قسراً إلى إسرائيل أو مناصري الثورة السورية، للطعن بتلك الأحكام أمام محافل أممية.

وفي ظل انكباب المسؤولين اللبنانيين على إعادة الانتظام إلى عمل السلطة القضائية في لبنان، اعتبرت جهات متابعة أن "الحكم الأميركي قد يشكل نقطة انطلاق حقيقية نحو إصلاح قضائي شامل، يحد من النفوذ السياسي على القضاء والتأثير المدمّر الذي تمارسه إيران وحزب الله على استقرار لبنان القضائي والاجتماعي، ما يعيد بعضاً من ثقة المجتمعين المحلي والدولي بهذه السلطة الحيوية".