محكمة شحيم تفتقر منذ سنوات إلى العناصر الأمنيين: نقص العديد أم توزيعهم لحماية الشخصيّات؟

لم تعد ظروف القوى الأمنية كما كانت قبل عام 2020، فالنقص في العديد بات واضحاً لدى معظم الأسلاك العسكرية. لكن هل يمكن أن تبقى محاكم من دون العناصر الامنية بما في ذلك من مخاطر، ليس لسوق المتهمين وحسب بل أيضاً لضمان حسن سير العدالة.

قبل شهر طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من وزارة الداخلية سحب العناصر الأمنيين الذين يتولون حماية الشخصيات سواء السياسية أو غيرها ما لم تتوفر الشروط التي ينصّ عليها القانون.

محكمة من دون حماية

ليست قضية محكمة شحيم حديثة العهد، فمنذ سنوات تعاني تلك المحكمة من نقص في العناصر الأمنيين سواء على مدخلها أو أثناء سير المحاكمات، ما ينعكس سلباً على إتمام عمل القضاة وتسيير مرفق عام.

وعلى الرغم من عدم تسجيل أي حادث في تلك المحكمة الواقعة في بلدة ترفد الجسم القضائي بنخبة من أبنائها منذ عقود، فإن استمرار الأمر على ما هو عليه يضرب المفهوم المرتجى من تحقيق العدالة.

فالمحكمة مرّت بأكثر من تحدٍّ ولا سيما بعد جائحة كورونا وكانت هناك مساعٍ لنقلها الى مبنى البلدية بسبب عدم توفر التيار الكهربائي ومن ثم عدم توفر العناصر الأمنيين.

لكن الوضع بقي على ما هو عليه الى أن باتت محكمة شحيم تعاني أزمة عمرها 5 سنوات وتكمن في عدم وجود العناصر الأمنيين، وهو ما كشفته "النهار" في أسرارها أمس الثلاثاء، وبقي ذلك الوضع على ما هو عليه على الرغم من مراسلات عدة حصلت في هذا الإطار عبر وزارة العدل وكان الجواب المتكرر أن لا عديد لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لتوفير الحراسة الدائمة لتلك المحكمة.

أما راهناً فتبيّن أن من يوفّر الأمن للمحكمة هو عنصر من قوى الأمن الداخلي يحضر لمواكبة الجلسات وفق دوام معيّن وليس بشكل دائم، ثم يعود الى الفصيلة التي يخدم ضمن نطاقها وهي فصيلة بيت الدين.

نقص في العديد واستمرار حماية الشخصيات

أما السبب فهو نقص العديد، وهي قضية أثيرت سابقاً ولا تزال من دون حل على الرغم من دورة التطويع الأخيرة التي لم تكتمل بعد.

ولكن الوضع لم يبق على حاله، ولا سيما في العام الحالي وتحديداً بعد موافقة الحكومة قبل خمسة أشهر على اقتراح وزارة الداخلية والبلديات تطويع 800 عنصر في قوى الأمن الداخلي بصفة فرد متمرّن، على أن يتم اختيارهم من بين الذين تقدموا بطلبات تطوّع وخضعوا لفحص الصحّة العامة والرياضة البدنية والاختبار الخطّي، ولا يزالون يستوفون الشروط.

تلك الدورة تُعد الأولى منذ 6 سنوات ولا سيما بعد تراجع عديد قوى الأمن الداخلي من 30000 الى 22000. والظروف التي عانت منها الأسلاك العسكرية سواء بسبب تراجع قيمة الرواتب وفقدان القدرة الشرائية بعد تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار ما أدّى لتراجع الرواتب للعناصر من نحو 800 الى أقل من 200 دولار شهرياً، دفعت في اتجاه زيادة حالات الفرار من الأسلاك العسكرية، ووصل عدد الفارين من الخدمة الى 1000 فيما خففت القيادة من التدابير العقابية بهدف تسهيل عودة من يرغب الى السلك، فضلاً عن الإحالة الى التقاعد دورياً ووصل العدد الى نحو 700 سنوياً ما يستدعي تعويض ذلك النقص.

بيد أن مشكلة أخرى تعاني منها بعض الأسلاك العسكرية وهي تأمين عشرات العناصر الأمنيين لحماية الشخصيات السياسية، وكان هناك طلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى وزارة الداخلية "بشكل فوري، سحب الضباط والعناصر والآليات الموضوعة بتصرف الشخصيات خلافاً للقانون والأنظمة المرعية الإجراء، وذلك سواء أكانوا يتبعون إدارياً للإدارة المعنية بهذا الخصوص (مديرية حماية الشخصيات) أم يتبعون لديوان المديرية أم لأي إدارة فيها والذي يشكل في حال وجوده، التفافاً على القانون مع ما يترتب على ذلك من نتائج ومسؤوليات (...)".

صحيح أن معظم تلك العناصر تابعون لجهاز أمن الدولة ولكن النقص في عناصر أمن الدولة يستوجب تعويضاً من قوى الأمن الداخلي في بعض الأحيان فضلاً عن أن عناصر من قوى الأمن الداخلي لا يزالون يقومون بحماية بعض الشخصيات وإن كان بعض تلك الشخصيات يدفع بدلاً شهرياً عن كل عنصر.

مع التذكير بأن أمن الدولة نفّذت طلب ميقاتي وأودعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء لائحة بالعناصر والشخصيات على أن يقرّر مجلس الأمن المركزي ما يراه مناسباً.