مخاطر الزلزال ترفع الطلب على تأمين المنازل: ما كلفتها؟

لم يكد يمرّ أسبوعان على كلّ من زلزاليّ كهرمان مرعش (جنوبيّ تركيا)، اللذين تسببا في وفاة قرابة 47 ألف إنسان في تركيا وسوريا، حتى ضرب زلزالان جديدان بقوة 6.4 و5.8 درجات ولاية هاتاي جنوب تركيا، مساء أمس الاثنين، وامتدت آثارهما إلى مناطق الشمال السوري، وشعر بهما سكان لبنان والأردن وفلسطين ومصر. وبالرغم من أنّ لبنان نفذ من خطر الدمار والخسائر البشريّة والاقتصاديّة، إلاّ أنّ ارتدادات الزلزال فضحت هشاشة الأبنية، وأيضاً ، مخلفة وراءها آلاف الأبنية المتصدّعة. وأمام هذا الواقع بدأ يتشكّل نوعا من الوعي الجديد لدى المواطنين اللبنانيين، حول مخاطر الزلازل والهزات وكيفيّة الوقاية منها، ترجم بتبدّل في معايير شراء العقارات، وبارتفاع الطلب على بوالص التأمين على المنازل.

في هذا الإطار لاحظت مصادر مطّلعة على قطاع التأمين في حديث لـ"المدن" أنّه "وبعد أن عانى قطاع التأمين على المنازل من تهميش لسنوات عدّة، لعدم اهتمام المواطنين بهذه المسألة التي لم تكن شائعة في الماضي، حين كانت الأولويّة لبوالص التأمين على الحياة أو السيارات، عاد هذا القطاع إلى الواجهة من جديد (على الرغم من التراجع الذي طاله بسبب توقٌف قروض الإسكان، مقابل الطفرة السكنيّة التي عاشها لبنان في آخر 15 سنة) بعد انفجار 4 آب والخسائر الماديّة التي نتجت عنه. واكتسب أهميّة كبرى في المجتمع اللبناني وفي بيروت خصوصاً.

أمّا اليوم، تتابع المصادر، وبعد سلسلة الهزات التي ضربت لبنان، نتيجة الزلزال التركي- السوري، زاد اهتمام الأفراد ببوالص التأمين على المنازل، ما أدى إلى رفع الطلب، مضيفة "أصبحت تستقبل الشركات عشرات الطلبات والاتصالات للاستفسار عن خدمات بوالص التأمين على المنازل، والكلفة، وآلية الدفع".

لا يمكن التأمين على المنزل من الزلازل فقط!
يوضح نقيب أصحاب شركات التأمين أسعد ميرزا في حديثه لـ"المدن" أنّ "التأمين على الهزات يدخل في بوليصة التأمين على الحريق. حيث أنّ كلّ منزل أو معمل مؤمّن على الحريق بإمكانه إضافة خدمة التأمين على الزلازل أو الهزات وليس العكس. حيث لا يمكن انتقاء بوليصة التأمين على الزلازل بمفردها بمعزل عن الحرائق"، مشيرا إلى أنّ "القانون اللبناني، وللأسف، لا يلزم التأمين على المنازل، بل إلزاميّة التأمين تطال المصانع دون غيرها، وحتى هذه الأخيرة بدأ العمل بها منذ حوالى ثماني سنوات فقط"!

نحو إقرار التأمين الإلزامي على المنازل
ولفت ميرزا إلى "أننا بدأنا كنقابة بالعمل مع وزارة الاقتصاد على ضرورة إقرار إلزامية التأمين على المنازل. خصوصاً بعد ما طال لبنان من دمار وأضرار جراء انفجار المرفأ، والخوف الذي يعيشه اللبنانيون اليوم على حياتهم وأملاكهم بسبب ارتدادات الزلزال التركي - السوري وما نتج عنه من هزّات في لبنان"، مستشهدا بالنموذج التركي "حيث تقتطع الدولة ضريبة 1% من مداخيل مواطنيها للتأمين على المنازل من المخاطر الطبيعيّة، تعود للمؤمّن بتعوضيات تصل قيمتها إلى 500 ألف دولار".

وأكّد أنه "بعد الهزّات التي شهدها لبنان ولا يزال، ارتفعت الطلبات على بواليص تأمين المنازل من الزلازل، وكثرت الاتصالات والاستفسارات حول كيفيّة التأمين والتكاليف. إلاّ أنّ الوضع الاقتصادي الحالي، وانخفاض القدرة الشرائيّة للأفراد تبقى عائقاً يمنع جميع اللبنانيين من الاستفادة من هذه البوليصة. فبوليصة التأمين على المنازل تأتي في المرتبة الثانية، بعد التأمين الطبي، طالما أن تكلفة الاستشفاء في لبنان أصبحت باهظة جداً".

كلفة التأمين على المنزل من الزلازل
وعن الخطوات المطلوبة للتأمين على المنزل والكلفة، أجاب ميرزا "بعد أن يتواصل الفرد مع شركة التأمين، ترسل الأخيرة فريقاً من الخبراء للكشف على العَقَار، وتقدير كلفته، وبعد تثمين المنزل (مساحته، الأثاث، ماذا يحتوي..) على طالب الخدمة تقديم طلب مرفق بسند من الدائرة العقاريّة، يؤكّد ملكيّته ويتضمن تفاصيل العَقَار. ثم يختار الفرد نوع البوليصة التي يرغب فيها، والتي تبدأ من التأمين ضدّ الحرائق والمياه والسرقة وصولاً إلى المخاطر الطبيعيّة. وطبعا لكلّ بوليصة سعرها. ومع كلّ بوليصة أو خدمة إضافية يرتفع السعر".

ويشرح "كلفة التأمين على الزلازل هي 0.35 بالألف من قيمة العَقَار، أيّ القيمة الإجمالية لكافّة المنزل وما يحتويه (0.25 بالألف من قيمة العَقَار أو التأمين + ضريبة 11 بالمئة) أيّ إذا كانت قيمة العَقَار 100  ألف دولار، يدفع صاحبه 35$ في السنة. وفي حال وقوع الضرر يتحمّل المؤمّن من 1 إلى 2 % من حجم الخسائر، فيما تغطّي شركة التأمين الباقي"، لافتاً إلى أنّ "الشركات بدأت تعتمد الدفع بالفريش دولار من حوالى 8  أشهر".

وطبعاً، لا يمكن تأمين جميع المنازل، حسب ميرزا، "هناك بعض الشروط التي يجب أن تتطابق على العَقَار. وأهمها أن يكون المبنى ملتزماً بقرار وزارة الأشغال العامّة من ناحية طريقة العمار، التي تؤهله لتحمّل زلازل بدرجة 7.5، أيّ أن يكون متماسكاً. ويصعب تأمين البيوت القديمة"، مؤكداً أنّ "الشركة تعوّض حتى في حال هدم المبنى كلّه بسبب الزلزال".

5 إلى 10% فقط من المنازل في لبنان مؤمّن ضدّ الزلازل
في سياق متّصل، يقول الدكتور جورج نور، المتخصّص باقتصاديات العقارات، في حديثه لـ"المدن"، إنّ "المنشآت الجديدة أصبحت تتضمّن تأميناً على المنازل. وفي وقت سابق كانت المصارف تفرض على مقرضيها بوالص تأمين على المبنى وأخرى على الحياة، والأمر نفسه كان ينطبق على قروض الإسكان. ما يسمح لنا بتوقّع عدد المنازل المؤمّنة في لبنان".

وإذا استندنا إلى كلام نور، فإنّ قيمة القروض الإسكانية الممنوحة من مؤسسة الإسكان تراوحت بين 80 و82 ألف قرض، حسب تقارير المؤسسة. ما يعني أنّ في لبنان 82 ألف منزل مؤمّن على الأقلّ ضدّ الزلازل.
وكشف نور أنّ "بعض المنازل غير المفرزة بعد، لم يقم أصحابها بتأمينها، بهدف التوفير. وتنضم إلى هذه الأخيرة بيوت القرى بمعظمها، فيما النسبة الأكبر من البيوت المؤمّنة هي في العاصمة بيروت، وبمعظمها تقع في المباني العالية أو الأبراج ومباني الشركات التجارية. ما يعني أنّ عدد المنازل المؤمّنة في لبنان ضدّ الزلازل يتراوح بين 5 و10% فقط".