مخدّر السالفيا بين الشويفات وحي السلّم: مفعول قوي وقاتل

قبل المغرب بقليل دخلت سيارة نيسان مرآب أحد المباني في منطقة الجاموس بالضاحية الجنوبية، من دون أن يُعرف من بداخلها بسبب زجاجها الداكن. فلم يتمكن "ناطور" المبنى من التعرف على السيارة، قبل أن يتوجه إليها أحد ساكني المبنى المجاور ويفتح بابها ويدخلها.

لم تغادر السيارة التي كان بابها الأمامي مفتوحاً، حسب رواية أحد الجيران، فبعد وقت قصير، شوهد من بداخلها يتعاطى المخدرات: مسحوق أبيض لا يُريد الراوي تسميته لكي لا يدخل في عالم التوقعات. كان مشهداً صادماً، يقول الرجل في حديثه لـ"المدن"، مشيراً إلى أن تعاطي المخدرات انتقل من الزوايا المظلمة إلى مرآب منزله، حيث يمكن لأي كان "التفرّج".

يسبق تاريخ هذه الرواية، ما نُشر عن منطقة المقابر في حيّ السلّم منذ ساعات قليلة، وكيفية تعاطي المخدرات بشكل علنيّ، وانتشار ظاهرة السرقات، التي هي حسب مصادر أمنية متابعة، تزداد مع ازدياد حاجة المدمنين إلى المخدرات.

تكشف المصادر، أن منطقة حيّ السلم التي تشكل امتداداً طبيعياً لصحراء الشويفات التي تشكل بدورها مركزاً لعصابات المخدرات، شهدت في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً بأعداد عمليات السلب والسرقة المرتبطة بالمخدرات. بمعنى أن عدداً كبيراً من السارقين الذين تم توقيفهم مؤخراً في تلك المنطقة، يؤكدون باعترافاتهم أن السرقة تهدف لتلبية حاجتهم من المخدرات.

مخدر السالفيا
حسب المصادر الأمنية، فإن عمل عصابات المخدرات يشتمل على عدد كبير من أنواع المخدر. لكن ما يجذب اهتمام المدمنين أكثر هو مخدر من نوع "سالفيا"، أو ما يُعرف في لبنان بمخدر "السيلفيا". مشيرة إلى أن هذا المخدر هو واحد من أخطر أنواع المخدرات، لأنها رخيصة الثمن وقوية المفعول. فمن يتعاطى السيلفيا يدمنها بسرعة قياسية. وهي تمنح متعاطيها شعوراً بالقوة والسيطرة والشجاعة. لذلك نجد أن عدداً كبيراً من السارقين أو المجرمين هم من المدمنين عليها بسبب منحها هذا الشعور. وهذا ما يجعل المدمن عليها شخصاً خطراً للغاية.

ينتشر هذا المخدر في حي السلم والشويفات وغيرها من المناطق، كما يوجد طلب عليه من خارج لبنان. إذ تكشف المصادر، أن الجيش قام منذ شهر تقريباً بضبط كميات تزيد عن 450 كيلوغراماً كانت موضبة تمهيداً لتصديرها خارج لبنان. مشيرة إلى أن سعر هذه المواد يختلف حسب طريقة خلط البذور الطبيعية المخدرة بالمواد الكيماوية، علماً أن هذه المواد عادة ما تكون سبباً للموت لدى المدمنين.

انخفض سعر هذا المخدر -حسب المصادر- بسبب كمية العرض الكبيرة في السوق، فبعد أن ضاقت سبل التهريب إلى الخارج، زاد العرض بالأسواق الداخلية، وانخفضت أسعاره، حتى أصبح بمتناول الكثير من الشبان الذين فضلوه على الحشيشة العادية، بسبب الشعور المختلف الذي يمنحه.

توقيفات حي السلم
تسعى الأجهزة الأمنية لمواجهة آفة المخدرات في الشويفات وحي السلم والضاحية بشكل عام، وتعمل وفق حملة واسعة، غير معلنة، على محاربة عصابات المخدرات، وتقوم بتوقيف العشرات خلال كل أسبوع. كاشفة أنه خلال شهر حزيران الماضي قام مكتب أمن الضاحية الجنوبية بعمليات توقيف مهمة، في حي السلم تحديداً، أبرزها ع.م. وع.ك، وهما مجرمان فاعلان في عالم المخدرات، وضُبط بحوزتهما ظروف السيلفيا وحشيشة الكيف والكوكايين والباز كوكايين، وكميات من حبوب الكبتاغون.

وفي نهاية شهر حزيران أيضاً، أوقفت دورية من مديرية المخابرات في منطقة حي السلم، "خ.ج". وهو مطلوب بتهم مختلفة كالمخدرات والسرقة والسلب. وتكشف المصادر أن للموقوف علاقات واسعة مع تجار المخدرات في المنطقة ومحيطها.

هي "حرب" يومية، بين الترويج والمكافحة ولن تتوقف.