مخزون القمح متوفر في لبنان ...على المدى القريب

منذ تفجّر الأزمة المالية عام 2019 مروراً بانفجار مرفأ بيروت عام 2020 ووصولاً الى حرب تشرين الأول 2023، شكّلت أزمة الخبز هاجساً للبنانيين الذين باتوا يستحضرون مشاهد طوابير الأفران مع كل حدث أو أزمة. وما بالك إن كان الحدث على مستوى توسّع نطاق الحرب المندلعة منذ أشهر واحتمال بلوغها معابر البلد ومنافذه الى الخارج.

من هنا بات الحديث عن مخزونات القمح في البلد بالغ الأهمية مع عدم استبعاد تفاقم الوضع الأمني، فهل لدى لبنان خطة بديلة لتخزين القمح في ظل غياب إهراءات للتخزين؟ وكم ستغطي مخزونات القمح المتوفرة حالياً من حجم الإستهلاك في حال تطور الحرب ووقف الاستيراد لسبب ما؟


لا إهراءات بل مخازن
بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب عام 2020 فقدَ لبنان طاقته التخزينية الاستراتيجية وتحوّلت الطافة التخزينية للقمح الى مخازن المطاحن المملوكة من القطاع الخاص. فلا قدرة تخزينية للدولة من دون إهراءات ولا سلطة للدولة، من حيث المبدأ، على كامل مخزون المطاحن. ولكن في حالات الحرب والحالات الطارئة لا بد للدولة من التدخل في إدارة مخزون القمح واستهلاكه بما يتلاءم مع واقع الحال.

يُطمئن مصدر من مديرية الحبوب والشمندر السكري التابعة لوزارة الاقتصاد بأن الإستيراد اليوم يتم بشكل طبيعي ومخزونات المطاحن تبلغ حدها الأقصى، مؤكداً في حديث الى "المدن" بأن الاستيراد مستمر؛ فقد تم تفريغ شحنة قمح واردة من أوكرانيا منذ يومين وشحنة أخرى ليلة أمس. ويقدّر المصدر المسؤول بأن مخزونات القمح المتوافرة حالياً تكفي لسد حاجات الإستهلاك على مدى شهرين ونصف في حال توقّف الاستيراد.

ويشدّد المصدر على أن إغلاق المعابر الى لبنان وسلاسل التوريد يشكّل الخوف الوحيد في حال تفاقم الأمور، إلا أنه وفي حال حصل ذلك "فلا خوف على المدى المنظور على مخزون القمح ولا على الأمن الغذائي للبلد إنما الخوف على المدى البعيد" ويقول "لدينا نحو 80 الف طن من القمح منها نحو 40 الف طن من القمح المدعوم المخصّص لصناعة الخبز العربي، ويبلغ حجم الإستهلاك اليومي في لبنان نحو ألف طن بالحد الأقصى أي نحو 30 ألف طن بالشهر لكن في حال تفاقم الوضع الامني فإننا سنتوقف عن تصنيع كافة المخبوزات باستثناء الخبز العربي".

ويشدّد المصدر على أن حجم الإستهلاك اليومي لم يتغيّر منذ بداية الحرب وحتى بعد توسّعها وبلوغها الضاحية الجنوبية لبيروت، فالمواطنون لم يتهافتوا على شراء الخبز والطلب عادي جداً، على أمل أن تستمر عملية الاستيراد دون توقّف وألا تؤثر الحرب على معابر البلد.


الأمن الاستراتيجي
تلتقي تطمينات مديرية الحبوب والشمندر السكري مع مصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد الذي أكد في حديث الى "المدن" بأن لا خوف على الامن الاستراتيجي للغذاء في البلد إلا في حال حصول حصار بحري. فعمليات الاستيراد مستمرة وإن كنا عاجزين عن التخزين لمدة طويلة تتجاوز الشهرين ونصف الشهر أو 3 أشهر.

وفي حالات إغلاق المعابر أو تعطل حركة الملاحة والاستيراد بشكل عام، فذلك يستدعي الإستعانة بالدعم الدولي لتأمين الحاجات الاستهلاكية الأساسية. ومن المعلوم أن لبنان يستورد نحو 86 في المئة من حاجاته للمواد الغذائية اما القمح فيبلغ مستوى استيراده قرابة 95 في المئة من حاجاته الاستهلاكية اليومية أي بين 30 ألف و35 ألف طن من القمح شهرياً.

منذ بداية حرب غزة وما تبعها من توسع نطاق الحرب في المنطقة عموماً انعكست المخاطر على عمليات الشحن والتأمينات وكل ما يتّصل بعمليات الاستيراد فارتفعت الاسعار ودفع ثمنها المستهلك النهائي في نهاية المطاف. من هنا يستبعد المراقبون أن تتأثر أسعار الشحن والتأمين لكن يبقى الخوف من تعطّل خطوط الإستيراد ودخول الأسواق اللبنانية في حال من الفوضى التي سبق أن شهدتها خلال السنوات الماضية، الفوضى القائمة على تهافت المواطنين والتخزين والإحتكار.