مدارس مهدَّدة بالسقوط ... إيجارات قديمة وصيانة "ترقيعية" ولا رقابة

مرّ نحو عامين على مصرع التلميذة ماغي حمود في مدينة طرابلس، جراء انهيار جزئي لسقف صفها الدراسي. المشهد كاد أن يتكرر بالأمس، لو سقط سقف أحد صفوف مدرسة الفنون الإنجيلية الوطنية في صيدا على التلاميذ. 

هذه الحادثة التي حصلت قبل وصول التلامذة إلى المدرسة، أعادت ملفّ المدارس المهددة بالسقوط إلى الواجهة، وطرحت علامات استفهام عديدة حول "جدية الرقابة" ومدى تحمّل الجهات المعنية مسؤولياتها، وما إذا كان المعنيون يتخذون الإجراءات الوقائية لتفادي "كوارث"، لبنان في غنى عنها.

في هذا السياق، تقول رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات المحامية أنديرا الزهيري لـ"النهار" إنّ تقارير موثوقا بها تشير إلى وجود مئات المدارس المهدَّدة، بعضها يعود إلى ما قبل انفجار مرفأ بيروت، وبعضها الآخر تضرّر إثر الانفجار، فيما تعرّض قسم كبير منها لأضرار جسيمة خلال الحرب الأخيرة. وتُقدّر عدد هذه المدارس بنحو 352 على امتداد كل الأراضي اللبنانية.

في المقابل، تؤكّد مصادر لـ"النهار" أنّ الأرقام المتداولة مبالغ فيها، مشيرةً إلى أنّ معظم المدارس التي جرى الإبلاغ عنها تقع في طرابلس، حيث تمّت صيانة قسم منها، فيما أخلي القسم الآخر إلى حين معالجة الثغرات. أمّا في ما يتعلّق بالمدارس التي تهدّمت نتيجة الحرب، فتُظهر المصادر أنّ 14 مدرسة انهارت كلياً، في حين تضرّرت 120 مدرسة أخرى.

إيجارات قديمة ولا صيانة 
تشدّد رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات على أن أعمال الصيانة لا تتعدّى "الترقيع"، سواء لتقليل الكلفة أو بسبب غياب الرقابة الفعلية، مضيفةً أن "العديد من المباني المدرسية الخاصة أو الرسمية، ولا سيما المستأجرة، تفتقر إلى شروط السلامة العامة، ما يشكّل تهديداً صحياً وتعليمياً للطلاب"، داعيةً إلى الكشف الدقيق على جميع المدارس التي تجاوز عمرها 50 عاماً، لأن الأضرار في كثير من الأحيان تكون غير مرئية".

إلى ذلك، تؤكد الزهيري أنّ القانون يُلزم أيّ مستأجر إجراء أعمال الصيانة الدورية للمبنى، فيما تتحمّل وزارة التربية جزءاً من المسؤولية، بصفتها الجهة المسؤولة عن عقود إيجارات المدارس، ويتعيّن عليها إرسال فرق هندسية للكشف على الأبنية، كما فعلت في وقت سابق حين تبيّن أنّ 127 مدرسة مهدّدة. وتشير إلى أن "للبلديات دوراً محورياً أيضاً، إذ يقع على عاتقها تكليف مهندسين من دائرة الهندسة للكشف على الأبنية القديمة، بما فيها المدارس، ولها كامل الصلاحية، بموجب القانون، لإخلاء أي مبنى يشكّل خطراً على السلامة العامة بمؤازرة القوى الأمنية".

وتقول المصادر إنّ المسؤولية تُقسم إلى شقّين: في ما يخصّ المدارس الرسمية، تتولّى الإدارات إبلاغ وزارة التربية التي تقوم بدورها بجولات ميدانية. أمّا في ما يخصّ المدارس الخاصة، فقد أدّت الوزارة واجباتها في هذا الإطار، إذ أصدرت تعميماً ألزمت فيه إدارات المدارس تقديم كشفٍ هندسي، على أن يتحمّل المهندس المسؤولية الكاملة.

ويبقى السؤال مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد المخاطر البنيوية: هل تتحرّك الجهات المعنيّة بخططٍ واضحة قبل أن نشهد كارثة جديدة؟