المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الجمعة 7 تموز 2023 16:39:43
رغم كل التشدد الدولي على لبنان بما يتعلق بقطاع التربية، والضغوط التي حصلت لإجراء إصلاحات في القطاع، بسبب شبهات الفساد السابقة، ورغم تكليف الدول المانحة شركة تدقيق مستقلة لمراقبة الإنفاق على مستوى المدارس الرسمية.. ما زال مدراء مدارس يجدون طرقاً للتحايل على التدقيق المالي والإداري.
في السابق أقدم مدراء على تسجيل أسماء طلاب سوريين وهميين لتحصيل مبالغ عنهم لصناديق مدارسهم (160 دولاراً عن كل طالب) واكتشف أمرهم. وتشددت الدول المانحة كثيراً في هذا الملف، وصولاً إلى إنشاء الصندوق الائتماني للتربية في العام 2022، والذي كلف هذا العام الدراسي شركة BOD الأردنية، كشركة عالمية مستقلة جالت على عينة من المدارس للتدقيق المالي. والهدف كان التأكد من شفافية جداول الإنفاق، سواء بما يتعلق بصناديق المدارس، أو بما يتعلق بدوام وسجل حضور الأساتذة لدفع الحوافز الدولارية (تكليف الشركة بهذا الشأن كان من البنك الدولي). وقد جالت هذه الشركة على المدارس واطلعت من مدراء على التفاصيل، وسط امتعاض كبير منهم، على اعتبار أن الشركة حلت مكان مؤسسات الدولة، أي التفتيش التربوي. وقدمت الشركة التقارير وحولت الأموال سواء لصناديق المدارس أو للمعلمين.
تسجيل ساعات وهمية
ورغم هذا التدقيق تبين أن هناك بعض المدراء يجيدون الالتفاف على تدقيق الشركة ووزارة التربية في كيفية تسجيل ساعات عمل الأساتذة المتعاقدين وبخداع الدول المانحة بما يتعلق بتعليم الطلاب السوريين. إذ يرغم مدراء الأساتذة القبول بتسجيل عدد ساعات لهم أكثر من عدد الساعات الفعلية التي يعلمونها، ويدفعون بدل هذه الساعات للمدراء. وهذه حال المديرة هـ.س. في إحدى مدارس الهرمل الرسمية. واكتُشِف أمرها بعدما انتفض بعض الأساتذة عليها مؤخراً، واشتكوا من بأنها تجبرهم على توقيع عدد ساعات أكثر من تلك التي ينفذونها فعلياً، وتحصّل الأموال الفائضة عنهم، كما أكدت مصادر مطلعة لـ"المدن".
تعتبر مديرة هذه المدرسة، الأكبر والأهم في الهرمل، من المدراء الأقوياء ويهابها الأساتذة. وهي تدير مدرستها بشكل صارم. وأجبرت الأساتذة المتعاقدين على التوقيع على جداول الحضور طوال العام الدراسي، رغم أن المدارس الرسمية كانت مقفلة نهائياً، أقله خلال شهري كانون الثاني وشباط، بسبب الإضراب الرسمي. ليس هذا وحسب، بل أرغمتهم على تسجل ساعات التعويض للطلاب السوريين من دون تنفيذها (تعويض الفاقد التعلمي للطلاب بسبب الإضرابات). والمقصود أن المدرسة سجلت أنها تعلم الطلاب السوريين لتعويض ما خسروه خلال العام الدراسي، لكن على الورق فقط. وقد شكا أساتذة من تصرفات هذه المديرة، ووصلت أصداء الشكاوى إلى وزارة التربية.
ويبدو أن هناك شكاوى مماثلة من متعاقدين تصاعدت مؤخراً. ووصلت هذه الشكاوى إلى الشركة الأردنية، التي سبق وجالت على عينة من المدارس. وعادت الشركة وطلبت من وزارة التربية التواصل مع الأساتذة المستعان بهم، للتأكد من جداول الحضور.
رسالة صوتية
وتكشف المصادر أنه يوم أمس الخميس، في السادس من تموز، أصدرت وزارة التربية تعميماً على مدريتي التعليم الثانوي والابتدائي، لإبلاغ المدراء بأن الشركة الأردنية ستقوم بالاتصال بالأساتذة المستعان بهم في فترتي قبل وبعد الظهر، لتوجيه أسئلة لهم حول دوام عملهم، للتأكد من بعض المعلومات حول رواتبهم وساعات تدريسهم. لذا، أبلغت المديرة المشار إليها الأساتذة يوم أمس أن شركة التدقيق الأردنية ستتواصل معهم، وأن عليهم الانتباه إلى إبلاغ المتصلين بجداول الحضور وعدد الساعات التي وقعوا عليها، حسب الأجور التي تلقوها عن أشهر تشرين الثاني ولغاية أيار. ونبهتهم بأن عليهم التأكيد للمتصلين بأن المدرسة ما زالت مستمرة بتعليم الطلاب السوريين، رغم أن تعليم طلاب بعد الظهر توقف منذ 15 حزيران. وأكدت على أساتذة صف التاسع (البروفيه) عدم السهو عن أن دوامهم استمر إلى غاية 19 حزيران. علماً أن التدريس توقف في المدرسة في مطلع حزيران.
وتجدر الإشارة إلى أن المديرة نفسها كانت على رأس التظاهرات المناهضة لتعليم الطلاب السوريين، التي نظمت ضد الدول المانحة، تحت شعار لا لتعليم الطلاب السوريين في حال لم تعلم الدول المانحة الطلاب اللبنانيين. وتبين إنها لا تتوانى عن تسجيل دوامات وحصص باسم الطلاب السوريين غير منفذة، كما كشفت الرسالة التي أرسلتها إلى الأساتذة.