المصدر: النهار
الكاتب: عباس صباغ
الأربعاء 28 أيلول 2022 08:38:56
كتب عباس صباغ في النهار:
لا تزال رياح الشمال الحزينة تلف لبنان على وقع فاجعة مركب "ارواد" بضحاياه الذين تخطوا الـ100 ، ليضاف هذا الرقم الى عشرات ضحايا الهجرة غير الشرعية التي تشهد وتيرة متسارعة ولا سيما هذا العام. ما هي اعداد المراكب التي غامرت بركابها المقهورين جوعاً ومرضاً طمعاً بالوصول الى سواحل القارة العجوز منذ العام 2019 ؟.
بين ملاحقة مهربي ومنظمي رحلات الهجرة غير الشرعية للفقراء والمعدومين الرازحين تحت اتون أسوأ ازمة في لبنان منذ تأسيسه ، وبين تعزيز الاجراءات لمنع ابحار المراكب من شواطىء لبنان وتحديداً من شماله ، ينصب جهد الاجهزة الامنية ولا سيما مخابرات الجيش اللبناني ، في الوقت الذي تسري فيه شائعات او ربما معلومات عن غض الطرف من قبل بعض العناصر الامنية عن حركة المراكب وبالتالي تركها تبحر في اتجاه اوروبا على الرغم من المخاطر الكثيرة . وليست فاجعة مركب ارواد الا مثال صارخ على النتائج الكارثية لتلك الهجرة ، فيما يجني منظموها الاموال الطائلة التي يجمعها الركاب بعد بيع اثاث منازلهم المتواضعة وما يملكون من سيارات او دراجات نارية او حتى الاستدانة وصولاً الى السرقة . كل ذلك بهدف مغادرة " الجحيم والعصفورية " في لبنان الى اقرب ساحل اوروبي .
ارتفاع رحلات الهجرة غير الشرعية
ينقل بعض سكان منطقة العبدة الشمالية ان لافتات توضع قرب مرفأها للترويج للسفر الى دول اوروبية ومنها ايطاليا واليونان واسبانيا وقبرص . فالسفر لا يحتاج لا لجواز سفر ولا لاجراءات معقدة وانما فقط لاربعة او خمسة الاف دولار وانتظار المركب في منطقة يحددها السماسرة المتعاونون مع المهربين .
لكن ما هو غير مضمون في "مكاتب السفريات " هو عدم الوصول الى الدول التي ترفع على "اعلانات المهربين" ، فيما يغيب التحذير من مخاطر تلك الهجرة على الرغم من ابتلاع البحر لعشرات المهاجرين المظلومين.
وتشير احصاءات امنية الى ان عدد مراكب الهجرة غير الشرعية ارتفعت من 12 مركباً عام 2019 الى 37 عام 2021 ، فيما سجل العام 2020 ابحار 21 مركباً ،ومنذ مطلع العام الحالي ابحر 990 مهاجرا بعد ان سجل العام 2021 مغادرة 1422شخصا مقارنة ب 575عام 2020 و 128 عام 2019 ، ليصل مجموع المهاجرين غير الشرعيين منذ العام 2019 الى 3115. اما الذروة فكانت في العام الحالي حيث سجلت ارقام قياسية مع ارتفاع اعداد المهاجرين ولا سيما منذ شهر نيسان الفائت مع تسجيل فاجعة مركب "الميناء" وغرقه مع ركابه على عمق اكثر من 450 متراً ووفاة اكثر من 40 مهاجراً ولا تزال جثامين نحو 30 منهم داخل المركب المنكوب.
لكن الجيش اللبناني نجح في ضبط 99 مركباً غير شرعي منذ العام 2019 حتى اليوم .
وتوزعت المراكب التي تم ضبطها توزعت كالاتي:
12 مركباً عام 2019 وعدم نجاح أي مركب في الابحار من الشواطىء اللبنانية.
17 مركبا عام 2020 فيما استطاعت 4 مراكب الابحار الى جهة مجهولة.
25 مركباً عام 2021 وابحر 12 مركباً في اتجاه الغرب .
يلاحظ ان ضبط المراكب كان شبه كامل عام 2019 أي قبل اشتداد الازمة الاقتصادية في البلاد الابحار ان لا يكون عادة بعد شهر تشرين الاول بسبب ارتفاع امواج البحر وتغيير الطقس ما يزيد من المخاطر
ويلاحظ ارتفاع اعداد المهاجرين من 128 عام 2019 الى 999 العام الحالي.
هذا الارتفاع المتدحرج بأعداد المراكب والمهاجرين غير الشرعيين ينم عن نشاط لافت للمهربين بالافادة من تردي الاوضاع المعيشية والتدهور المريع في القدرات الشرائية وتبخر الرواتب والاجور وازدياد الفقر وغياب ابسط الخدمات والتقديمات وخصوصاً في عكار وطرابلس .
اما التسريبات عن غض الطرف من قبل الاجهزة الامنية وترك المراكب تبحر من الشواطىء فترده مصادر امنية الى اللغط بين العسكريين الفارين او المتقاعدين والذين لا يزالون ضمن الاسلاك العسكرية مع الاشارة الى ان الشمال يشكل خزاناً للمؤسسات العسكرية ، وتلفت الى انه في حال كان من بين المتورطين في عمليات التهريب او تسهيلها عسكريين ضمن الخدمة فإن تحقيقاً شفافاً سيكون الرد الاكثر وضوحاً على كل تلك التسريبات وفي حال ثبات التهم فإن القضاء هو الفيصل.
وتلفت تلك المصادر الى صعوبات تقنية في رصد المراكب ولا سيما ان منطقة التهريب تمتد على خط بحري يمتد من المدفون ،وصولاً إلى الشيخ زناد بين منطقتي العبدة والعريضة على الحدود السورية مروراً بالمنية وطرابلس ، وكذلك صعوبة التقاط الرادارات اشارات المراكب التي تتجه الى قبالة جزيرة ارواد أي الى المنطقة المتداخلة بين لبنان وسوريا.
لكن مهما شددت الاجراءات الا ان المغامرة بأرواح يائسين والطمع والجشع لجني الاموال من فقراء ومعدمين سيفضي الى ابتداع اساليب اخرى للافلات من الاجراءات الامنية .