مراكز الإيواء بين خطر كورونا والجرب والقمل... هل من داعٍ للهلع؟

يشهد لبنان في الوقت الراهن وضعا مأسويا بسبب الحرب المستمرة بين إسرائيل وحزب لله منذ عدة أشهر، مما أدّى إلى نزوح نحو مليون ونصف لبناني من مناطق الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. وتتوجه الغالبية العظمى من النازحين الى المدارس والمنشآت العامة التي تحوّلت إلى مراكز إيواء مؤقتة. إلّا انه، وعلى الرغم من الجهود المبذولة، تجابه هذه الأماكن تحدّيات جمّة تتجاوز مجرد توفير المأوى، أبرزها تقديم الرعاية الصحية اللازمة للنازحين، في ظل ظروف استثنائية تتطلب تكاتف الجهود من أجل تأمين بيئة صحية تقيهم من المخاطر التي قد تنجم عن أوضاعهم المعيشية الصعبة.

تُعدّ المدارس والفضاءات العامة التي جُهّزت لاستقبال النازحين حلاً مؤقتاً، لكنها تفتقر إلى المقومات الأساسية لضمان صحة المقيمين فيها. هذه المرافق المكتظة بالكثير من الأسر النازحة، التي اضطرت للمغادرة تاركة ورائها كل شيء، لا تستطيع تلبية احتياجاتها الأساسية. ومع قلّة الموارد المتاحة، تواجه مراكز الإيواء نقصا في المستلزمات الطبية الضرورية، مثل الأدوية والمستلزمات الصحية، مما يزيد من احتمالية تعرّض هؤلاء لأمراض قد تتفاقم مع مرور الوقت، خصوصا بين الفئات الأضعف مثل الأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة.

وفي هذا المجال، تشير التقارير المحلية والدولية إلى أن أحد أبرز التحديات في مراكز الإيواء يكمن في تقديم الرعاية الطبية المناسبة. فالاكتظاظ وسوء التهوية في هذه المباني يعززان من احتمالية انتشار العدوى والأمراض البسيطة، التي قد تتحوّل إلى حالات أكثر خطورة إذا لم تتم معالجتها مبكراً. لذا، تبرز أهمية تأمين العقاقير الأساسية، التي تسهم في تقوية المناعة العامة، وتساعد في منع انتشار الأمراض الشائعة مثل نزلات البرد والزكام، بالإضافة إلى أدوية الجهاز التنفسي والمضادات الحيوية الخفيفة.

رغم الجهود التي تبذلها بعض الجمعيات الأهلية والمنظمات المحلية، تظل الرعاية الصحية المتاحة في مراكز الإيواء غير كافية. هنا يأتي دور المبادرات الفردية والتطوعية التي تسهم في سد هذا النقص. إذ يعمل العديد من الأطباء والممرضين المتطوعين على تقديم الرعاية الطبية وتوزيع الأدوية حسب الإمكانيات المتوفرة، وهو ما يعين النازحين بشكل مؤقت. لكن، تبقى الحاجة ملحّة إلى الدعم الحكومي والدولي من أجل ضمان استدامة هذه الجهود وتأمين رعاية طبية شاملة ومنظمة. تجدر الإشارة الى انه لم تقصّر الدول العربية الشقيقة والصديقة، وفي الطليعة المملكة العربية السعودية، في تقديم المستلزمات الطبية والأدوية والمساعدات الإنسانية الأخرى، لكن أعداد النازحين كبيرة، مما يجعل توزيع الإعانات غير كافٍ.

تُعتبر الأدوية الأساسية جزءا أساسيا من خطة الرعاية الطبية الوقائية للمهجرين. من بين هذه الأدوية، مسكنات الألم مثل الباراسيتامول، وأدوية تخفيف الحرارة، وكذلك المضادات الحيوية المناسبة للتعامل مع الحالات البسيطة من الالتهابات. كما يجب توفير الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة لضمان استمرارية العلاج للمرضى الذين يعتمدون عليها للحفاظ على استقرار صحتهم. هذا بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للنازحين لتقليل الضغط النفسي والعاطفي الذي يعانون منه بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها، مما يسهم في تحسين حالتهم الصحية العامة.
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور الصيدلي علي خليل لـ «اللواء»: «يعتبر تناول الأدوية في مثل هذا الوقت من العام أمرا طبيعيا نتيجة لتغيّر الطقس وانخفاض درجات الحرارة، ولا يحتاج الأمر إلى وصفة طبية. وتشمل الأعراض التي قد تطرأ مثل المغص، حيث تستخدم في مثل هذه الحالات العقاقير التالية: Panadol - Paracetamol - Dolipan - Doliprane - Tylenol. كما يوجد نوع وطني من Paracetamol. تُؤخذ هذه الأصناف في حالات نزلات البرد، والحرارة، وأوجاع الرأس والجسم، والأهم أنها لا ترفع الضغط. وتُعدّ من الأدوية التي عليها طلب كثيف ويمكن تناولها في معظم الأوقات. فضلا عن ذلك، يُعدّ الـParacetamol من الأدوية الأكثر وصفا عالميا، حيث يغطي أغلب المجالات الطبية بدءا من آلام الرأس والرقبة والأسنان، وغيرها من الدواعي المرضية، والأهم أنه ليس له أعراض جانبية. أما بالنسبة للأدوية التي توصف على شكل حبوب أو شراب لآلام المعدة والمغص والتسمم، مثل: Scopinal tablet - Scopinal syrup».
ويضيف «يعتمد النازحون في هذا الوقت العصيب على تناول المعلبات والأطعمة الجاهزة، ما قد يؤدي إلى الإصابة بالتسمم وآلام المعدة والإسهال. لذلك، يُعد دواء «Flagyl 500mg» من الأدوية التي تساعد في تطهير وتهدئة المعدة. وفي حال كانت آلام المعدة مصحوبة بارتفاع في الحرارة، يمكن أخذ مضاد حيوي. ومع ذلك، من الأفضل استشارة الطبيب الذي سيصف بدوره عقاقير منها، Estecina 500mg - Ciprolon 500mg، التي تستخدم لتطهير المعدة، وإيقاف الإسهال، وخفض الحرارة».

ويشير إلى أنه «في هذا الوضع المزري، يجبر النازحون على البقاء مع آخرين في غرفة واحدة، مما قد يؤدي إلى نقص في السوائل. وهناك مدارس تفتقر أساسا إلى كميات المياه الكافية التي تغطي احتياجات المهجرين الضرورية، ما يخلق مشكلات في النظافة. وبالتالي، قد يصاب الأفراد بالقمل والجرب، وأحيانا بالتحسس. لذلك، يمكن استخدام سائل مضاد لهذه الأمراض، وهو منتج محلي متوفر في الصيدليات من بينها، Spidogal Shampoo - Gamma Benzan Shampoo أو Lotion».

ويؤكد أن «الحساسية قد تظهر لدى البعض بسبب أنواع محددة من الأطعمة أو التغطية بأغطية وملاءات مصنوعة من مواد معينة، ما قد يتسبب في إصابة البعض بهذا العارض. لذلك، يمكن تناول أي علاج مضاد للحساسية، والذي يكون فعّالا في أغلب الحالات. كما أن أسعار بعض هذه العلاجات مرتفعة، في حين تتوفر أصناف أخرى بأسعار معقولة. ويشدّد على أن دواء التحسس يمكن تناوله في حالات الحساسية الناجمة عن تغيّر المناخ، حيث يعاني العديد من الأشخاص من هذا العارض عند انتقالهم من منطقة إلى أخرى. ومن حسن الحظ أننا لسنا في فصل الربيع، حيث تزداد حالات الإصابة بالحساسية بشكل خاص، مما يضطر البعض إلى أخذ حقن الكورتيزون، وقد يتفاقم هذا العارض ليؤدي إلى الإصابة بمرض الربو. لكن في الوقت الحالي، يقاسي عدد كبير من المواطنين من حساسية مرتبطة بتغيّر الطقس. وبناءً على ذلك، يمكن للمريض تناول الأدوية التالية: Aerius tab - Cetrak - Zyrtec - Fendax 180mg».

ويوضح أنه «في ما يتعلق بالنازحين المسنين، فإن هذه الفئة عادة ما تتناول العديد من أدوية الضغط، السكري، القلب، وتنظيم ضرباته، إلى جانب معضلات صحية أخرى. لذلك، هناك أصناف معينة تعتبر حسّاسة ودقيقة، وإذا كان الشخص يتناولها بشكل دائم، فيجب الاستمرار عليها، لأن أدوية كبار السن غالبا ما تكون مزمنة وصعبة، وكل حالة تختلف عن الأخرى. إذ يخشى هؤلاء حتى من شراء البديل أو ما يعرف بالـ «جينيريك» في حال كان الدواء الموصوف مفقودا، حتى وإن كان يحتوي على نفس التركيبة. من الضروري أن نلفت النظر إلى هذا الأمر، فهو مهم وحسّاس. فمثلاً، إذا كان المريض يتناول عقار «Concor» وتركيبته تختلف عن تلك الخاصة بالأدوية الأخرى نظرا لاحتوائها على مكونات مغايرة أو غير مطابقة للصيغة الأصلية، مما يشكّل خطرا. كما يبلغ سعر الـ «Concor» 800 ألف ليرة، بينما تكلفة البديل 200 ألف ل.ل».
ويحذّر من «العقاقير الخطرة، مثل تلك المخصصة لمرضى السكري. هناك أنواع رئيسية للمسنين مكونة من تركيبات مثل: Concor - Amlor - Glucophage، وهذه معتمدة عالميا، وإذا توقف المريض عن أخذ أي منها، فقد يصاب بأعراض صحية خطرة».

ويستكمل «قد تتدهور حالات بعض المسنين بسبب الوضع النفسي الذي يمرّون به، ما قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم ومخزون السكر، مما يضطرهم إلى أخذ حقن الأنسولين. لكن سعر هذه الحقن مرتفع جدا، وتحتاج طريقة استخدامها إلى توجيه دقيق للحفاظ على فعاليتها، بالإضافة إلى ضرورة حفظها في البراد، وهو ما تفتقر إليه مراكز الإيواء. كما ان أدوية السرطان، التي تتطلب أيضا تبريدا، تمثل معضلة أخرى. وكذلك الحال بالنسبة لحقن تقوية المناعة، التي تكون غير متوافرة بشكل دائم، وإذا تأمّنت، يواجه المريض صعوبة في حفظها».

ويتطرق خليل في حديثه لـ «اللواء» إلى «فيروس كورونا الذي يُعدّ من أفتك الفيروسات، خاصة في هذا الفصل الذي يشكّل بيئة خصبة لتفشيه، لا سيما في الأماكن المزدحمة مثل مراكز الاستضافة الحالية. كما يزداد انتشار العدوى البكتيرية، في المربعات المغلقة التي تفتقر إلى الرعاية الصحية المناسبة، مما يسهم في تفشي الفيروسات بين النازحين الذين يعانون من سوء التغذية أو قلّة النظافة الشخصية. هذا يساهم في تسريع انتشار الأمراض المعدية مثل البكتيريا والفيروسات، خاصة لأولئك المصابين بالتهابات صدرية أو داخلية. لذلك، تتطلب هذه الحالات علاجا خاصا، إذ يستلزم مداواة الالتهابات الرئوية استخدام أدوية مثل، Tavanic أو Tavaquin أو Moxiclav، ولكن بعد استشارة طبية. وفي ظل هذه الظروف المعقّدة، هناك عدد من المواطنين الذين ليس لديهم أدنى فكرة أو وعي صحي، فلا يستطيعون التمييز بين البكتيريا والفيروس، أو كيفية الاستعمال الصحيح للأدوية. وبعض الأطباء أيضا لا يفرّقون بين الفيروس والبكتيريا».
ويختتم بالقول: «في كثير من الحالات، يستخدم المريض دواء لعلاج التهابات بكتيرية وهو في الواقع مصاب بفيروس، وبالتالي يستوجب الأمر علاجا مختلفا، كأدوية مضادة للفيروسات مثل Tamiflu، التي تتوافر محليا في لبنان لمعالجة موجات كورونا والفيروسات».