المصدر: النهار
الكاتب: روزانا بو منصف
الخميس 9 أيار 2024 07:55:45
في حمأة تصاعد الوضع العسكري في غزة على وقع عملية تفاوض اقليمية لم تنجح حتى الان واستدراجها الجنوب اللبناني الى الضغط العسكري المتبادل المرافق لذلك ما ساهم في تجميد متجدد للجهود المتجددة اخيرا للجهود في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية وانتظار الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لاي اشارة ايجابية يمكن ان تساعده على استئناف المساعي التي يقوم بها، فان ثمة اقتناعا عميقا بان الجهود غير المعلنة والبعيدة عن الاعلام هي ما يمكن ان يؤدي الى خلاصات واتفاق يمكن الاعلان عنهما حين نضوج الامور اقليميا في الدرجة الاولى وداخليا كذلك.
فالامر يشبه الى حد كبير ما حصل قبل 2016 من مساع وراء الكواليس ادت الى دعم الرئيس سعد الحريري لانتخاب ميشال عون بعد فشل دعمه سليمان فرنجيه ما ادى الى تدحرج للتطورات من تلك النقطة الى تفاهمات واتفاقات انهت الشغور الرئاسي الذي دام عامين ونصف العام.
ثمة جهود تبذل وراء الكواليس راهنا من جهات اخرى غير اللجنة الخماسية على خلفية محاولة البناء على مجموعة خلاصات قائمة من بينها او بالاحرى في مقدمها ارجحية الذهاب الى مرشح ثالث وذلك استنادا الى ان مواقف مباشرة غير علنية للثنائي الشيعي اوحت بمرونة ازاء عدم الاعتراض او الممانعة على اسماء معينة ادت الى هذه الخلاصات بعد رصدها من مجموعة من الديبلوماسيين الاجانب سبق ان فاتحوا مسؤولي الثنائي بالموضوع او دسوا نبضهم، ولو ان الثنائي لا يزال يعلن تمسكه بدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه ويرفضون الكشف عن ذلك علنا في هذه المرحلة تحت طائلة الاضطرار الى نفيه في حال حصل ذلك. هذه الخلاصات لا تنتهي حتى الان الى دعم مرشح معين او محدد بل ربما على عدم ممانعة او رفض لبعض الاسماء من دون ترجيحها على نحو نهائي اقله في المرحلة الراهنة.
ولكن هذه النقطة بالذات تدفع للبحث في احتمالات الخيار الثالث كما للبحث في الاسباب الكامنة وراء عدم الدفع بهذا الخيار عملانيا وعلنيا من خلال تقديم الاحزاب او التيارات اسماء اخرى الى الواجهة بديلة لاسماء تعتبر غير مرجحة او غير ممكنة في المرحلة المقبلة. فالامور عند هذا الحد تبدو وكأنها عند النقطة الصفر ومحصورة باصرار الثنائي الشيعي على وجود مرشح رسمي وحيد هو المرشح الذي اعلن دعمه فيما ان المعارضة التي لا تزال تعلن تمسكها المبدئي بالوزير السابق جهاد ازعور من دون ان تؤازره فعلا، تقول باستعدادها للذهاب الى خيار ثالث انما في حال التراجع من الثنائي الشيعي عن دعم فرنجيه انما من دون اعلان اسماء اخرى قد تحصل من خلالها على دعم جهات دولية لاعلانها ولو كان دعما ضمنيا انما يمهد لتسويق الاسماء الجديدة .
فالكرة عند هذه النقطة يفترض انها في الملعب المسيحي لكي يتم حشر الاخرين فيما ان المطلوب توافق القوى المسيحية على مرشح لا يمكن او قد يصعب رفضه من الاخرين سواء كان هذا المرشح قائد الجيش جوزف عون او سواه على رغم ان الوقت يضيق بالنسبة الى قائد الجيش الذي تم التمديد له لسنة اضافية فيما انه يتم تضييع المزيد من الوقت مجددا وهناك رفض قاطع معلن من جبران باسيل ضده على رغم تلاقي كبير معه داخليا وخارجيا .
وتتحدث معلومات عن اتصالات او مساع تتم مع القوى المسيحية تحت هذا العنوان اي ضرورة التوافق على الخيار الثالث ولكن الاتصالات تشمل ايضا القوى الطائفية والسياسية الاخرى من اجل فتح افق او ثغرة ما في الجدار المسدود ولو ان التعقيدات الاقليمية لا تساعد وتدفع الى تثبيت معادلة ابعاد اي حلحلة في الافق السياسي وفق ما يذهب غالبية المسؤولين من دون اوهام كبيرة حول جهود الخماسية.
ولكن الواقع ان العمل الديبلوماسي الجدي لا يزال العمل في اطاره جاريا في محاولة لرفد جهود الخماسية من جهة ولو على نحو غير مباشر ولمحاولة الالتفاف على المزيد من انهيار المؤسسات في لبنان وتحللها من جهة اخرى لا سيما في ظل الخشية من تناقض الرسائل او تناقضها التي تصل الى المسؤولين المتحكمين بالسلطة في البلد.
ومن هذه الرسائل المتناقضة على سبيل المثال لا الحصر الرسالة الاخيرة التي تحدثت عنها رئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون دير لاين في شأن تقديم مساعدة للبنان بقدار مليار يورو موزعة على بضعة سنوات. وفيما قال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ان هذه المساعدة الاوروبية غير مشروطة، فان حاجة اوروبا الى حل مشاكلها وهي في هذه الحال مشكلة تدفق النازحين السوريين الى الدول الاوروبية، تسمح بتجاوز المطلب او الشروط الاصلاحية المطلوبة من لبنان من اجل تقديم المساعدات له.
وهو مثال ينطبق ايضا على كلام اميركي على مساعدات من اجل الجنوب بعد التهدئة الحدودية ومتى تم التوصل الى اتفاق على هذا المستوى بين لبنان وإسرائيل من دون ربط ذلك باي مطالب اصلاحية، على رغم مشروعية وضرورة الحصول على مساعدات واموال ستكون ماسة لاعادة النازحين اللبنانيين الى منازلهم.
ولكن المغزى من ذلك على رغم وجود اسباب متعددة للمساعدات وضرورتها ان المسؤولين في لبنان ينجحون في شكل او في اخر في تجاوز المطالب والشروط الاصلاحية المطلوبة والتساهل الخارجي تحت مسميات متعددة يساهم في تمييع المطالب الاصلاحية او توحي بعدم جديتها.