المصدر: النهار
الاثنين 16 تشرين الأول 2023 20:26:55
يواصل القصف المتقطع والمحدود على الحدود اللبنانية، وسط فرضيات عديدة في توسع رقعتها وإعلان حالة حرب أو استمرار الردّ والردّ المقابل بدقة وضمن خطة مدروسة. الاحتمالات مفتوحة وهاجس الخوف يتمدد أكثر خصوصاً بعد خطوة منظمة الصحة العالمية في تسليم شحنة لمساعدة لبنان على مواجهة أيّ أزمة صحية في حال التصعيد.
لا يمكن مرور الكرام على هذه الخطوة، فهي تحمل دلائل كثيرة، ماذا يعني أن تسلّم منظمة الصحة العالمية كما جاء في بيانها إمدادات طبية حيوية إلى لبنان؟ شحنتان تضمّان أدوية ولوازم طبية وجراحية وغيرها لتلبية احتياجات ما بين 800 إلى 1000 مصاب.
وكان قد سبق هذه الخطوة اجتماع الأسبوع الماضي عقدته وزارة الصحة اللبنانية مع مدراء المستشفيات الحكومية لوضع خطة طوارئ تحسباً لأيّ حالة طارئة في حال وقوع الحرب. صحيح أن المعنيين يستبقون أيّ مفاجأة قد تحصل، لكن هل التخطيط قادر أن ينقذ المستشفيات والقطاع الصحي الذي يئنّ تحت الأزمة الاقتصادية منذ 3 سنوات؟ هل ستكفي هذه المساعدات على صمود المستشفيات التي تعاني وهي في حالة السلم من شحّ في المحروقات والمستلزمات الطبية والأمصال والأدوية، فكيف سيكون الحلّ في حالة الحرب؟
لا يُخفي نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أنّ "الوضع اليوم يختلف تماماً عمّا كان عليه سابقاً وآخرها في حرب تموز 2006. لم تكن المستشفيات آنذاك تعاني من أيّ مشاكل مادية واقتصادية، ومع ذلك واجهنا صعوبات في تأمين المحروقات والأوكسجين واللوازم الطبية. أمّا اليوم فالتحدّي مضاعف رغم التجارب المكتسبة في التعامل مع الأزمات وحالات الطوارئ، والخوف يتمثل بعدم القدرة على تسهيل مرور الإمدادات الطبية كما يحصل اليوم في غزة، والقصف الإسرائيلي الذي يطال المستشفيات والذي يطيح بكلّ خطط الجهوزية الموضوعة."
وعليه، يشدّد هارون على أنّه "لا توجد جهوزية مطلقة لأنه في حال تمّ قصف المستشفيات عندها لا تنفع الجهوزية أو خطة الطوارئ في شيء. إذاً، كل شيء يتوقف على درجة ومستوى العمليات العسكرية التي ستحصل، ونعمل وفق الخبرة المكتسبة في حرب تموز 2006 منطلقين من سيناريو قد يكون أسوأ ممّا شهدناه في حرب تموز، والعمل على هذا الأساس من خلال عدد الجرحى والقتلى المتوقّع، وكمية احتياط الأدوية التي يجب توفرها في المستشفيات، بالإضافة إلى المستلزمات الطبية، وفي الخلاصة الأحداث ستفرض نفسها على أرض الواقع".
صحيح أنّ واقع القطاع الصحي المنهك صعب نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بكلّ القطاعات، ولكن نعمل جاهدين مع وزارة الصحة والمنظمات الدولية على وضع خطة تُحدّد شبكة المستشفيات التي يمكنها استقبال الجرحى في حال اندلاع الحرب، ويقدر عددها بين 30 إلى 40 مستشفى في مختلف المناطق اللبنانية.
بالعودة إلى تجربة القطاع الصحي في حرب تموز، يبدو واضحاً أن الصعوبات تبقى مشتركة بين الأمس واليوم ، من دون أن ننكر أن التحدي يتضاعف اليوم لأن تغييرات كثيرة طرأت على القطاع الصحي بدءاً من الأزمة الاقتصادية التي أرهقت المستشفيات مروراً بهجرة الطواقم الطبية والتمريضية وصولاً إلى التأخير في المستحقات والشحّ المتقطّع في الأدوية والمستلزمات الطبية.
يسترجع هارون الصعوبات التي عانى منها القطاع الاستشفائي في حرب تموز قائلاً: "إنّنا عانينا صعوبة في تأمين المازوت والأوكسجين، لكننا لم نواجه صعوبة في استيعاب المرضى. وكانت المشاكل لوجستية وتموينية أكثر ممّا هي استيعابية. وفي حال اندلاع الحرب، ستبقى هذه الصعوبات موجودة وقد نواجه صعوبة في تسهيل الإمدادات من منطقة إلى أخرى. وقد اضطررنا في حرب تموز إلى طلب مساعدة المنظمات العالمية للوساطة لتمرير شاحنة مازوت أو أوكسجين، ونتوقع أن نواجه المشكلة نفسها اليوم".
من جهته، رأى المدير العام لمستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية الدكتور حسن وزني أنه "من الطبيعي البحث في خطة طوارئ وطنية لمواجهة أيّ حرب متوقّعة، وهذا ما دفع بوزارة الصحة إلى الاستماع والاجتماع مع عدد من المدراء في المستشفيات لتناول أبرز المعوّقات والصعوبات التي تواجه هذا القطاع والبحث في جهوزية المستشفيات في حال التصعيد".
وانطلاقاً من التجارب السابقة وآخرها حرب تموز، يؤكّد وزني أننا "اكتسبنا الخبرة في التعامل مع الحالات الطبية والجراحات الطارئة نتيجة الإصابات. وعليه تعمل كلّ مستشفى حسب إمكانياتها المتوفّرة، ويتخوّف من النواقص التي قد يواجهها كلّ مستشفى وعلى رأسها تأمين المازوت والأوكسجين وبعض المستلزمات الطبية الخاصة بالجراحة والأمصال، والمخزون الموجود يكفي لمدة شهر تقريباً، ونسعى إلى تعزيز كلّ الجهود لتفادي أيّ نقص".
وتحدّث وزني عن نوعين من الحالات، الحالات الطارئة التي سيتعامل معها المستشفى في حال وقوع الحرب، في المقابل لدينا الحالات المزمنة وأهمها مرضى غسيل الكلى والذي يبلغ عددهم 70 مريضاً، والذي نسعى للحفاظ عليهم وتأمين علاجهم مهما حصل.