مستقبل لبنان أبعَد من خطّ النار... النّفط والمال في قبضة الأسلحة الإيرانيّة!

الإنعكاسات القريبة ومتوسّطة المدى لأحداث غزة على لبنان، قد لا تقتصر على خطر جرّه الى خطّ النار، بل على مطالبة الفريق "المُمانِع" فيه باستثمار "الإنتصار" العسكري للفصائل الفلسطينية، بحكومة لبنانيّة بلون ونكهة وصبغة "مُمانِعَة"، خصوصاً بعد الموقف النمساوي من "حزب الله"، وتصنيفه بجناحَيْه السياسي والعسكري بأنه منظمة إرهابيّة، لا سيّما أن فيينا التي تستضيف المفاوضات النووية مع إيران، رفعت الأعلام الإسرائيلية على مباني رئيس الوزراء ووزارة الخارجية فيها، تعبيراً عن تضامنها مع إسرائيل بحربها في غزة، ما تسبّب بإلغاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارته النّمسا قبل يومَيْن. 

الحُكم للأقوى

أمر آخر، وهو أن إيران لا تحصر المكاسب السياسية من جراء أسلحتها المنتشرة في المنطقة، بما يجب حصرها فيه، وهو قتال إسرائيل، بل تستثمر (إيران) أسلحتها لفرض ذاتها في الدول العربيّة، ولبنان. وبالتالي، فإن المطالبات اللبنانية بمنع استخدام الأراضي اللبنانية كمنصّة لإطلاق الصواريخ، تقف عند حدود الأسلحة الإيرانيّة الموجودة فيه (لبنان)، والتي يرى أكثر من خبير في المجالَيْن السياسي والعسكري، أنها أكثر وأقوى من تلك التي استعملتها الفصائل الفلسطينيّة في غزة، والتي تتجاوز الصواريخ، الى المسيّرات في الجوّ، والغوّاصات المسيّرَة في البحر.

وبما أن الحُكم هو للأقوى في كل شيء، فإن مختلف أنواع الأسلحة الإيرانية الموجودة في لبنان، سترسم مستقبله السياسي، وسياسته النّفطية، وحدود تعاطيه مع "صندوق النّقد الدولي". 

الترسيم

لفت مصدر مُواكِب لتطوُّر القدرات العسكرية الإيرانيّة في المنطقة الى أن "حرب غزة الأخيرة تعطي فكرة عن تطوّر حجم الترسانة العسكرية الإيرانيّة الموجودة في لبنان. ولكن ما يتحكّم باستعمالها لبنانياً هو مستقبل ترسيم الحدود البحرية والبرية جنوباً".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "هدف إيران المُعلَن من وجود صواريخها في لبنان، هو منع الإعتداء عليه. ولكن عندما تُرسَّم الحدود اللبنانية الجنوبيّة، تُصبح طهران في وضع حَرِج، إذ لن يعود بإمكانها الإتّكال عليه (لبنان) في أنشطتها الصاروخية، كما هو الحال قبل الترسيم". 

انتصار

وشدّد المصدر على أن "جولة التّصعيد الأخيرة في غزّة هي انتصار لإيران، وانكشاف لقدراتها في وقت واحد، لا سيّما على صعيد وضوح حَجْم العمل الإيراني داخل المجتمع الإسرائيلي، على مستوى إحداث شرخ بين الإسرائيليين اليهود والعرب".

وأضاف:"ثلاث نقاط ظهرت بوضوح من خلال التّصعيد العسكري الأخير، منعت تل أبيب من التراجُع العسكري سريعاً، وهي أوّلاً، التقصير في مهام منظومة "القبّة الحديدية"، بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة، بفعل إغراقها بعدد هائل من الصواريخ الفلسطينية. وثانياً، تحويل الإسرائيلي الى كائن خائف في كلّ مكان، رغم التسليح الأميركي القويّ لإسرائيل. وثالثاً، الشّرخ الإجتماعي الكبير بين الإسرائيليين اليهود والعرب، وهو فَشَل لإسرائيل كدولة".

وتابع:"لن تتوقّف الحرب الحاليّة في شكل فعلي. وإذا توقّفت قريباً، لن يتأخّر بَدْء جولة جديدة من التّصعيد في وقت قريب، إلا إذا أُعيدَت اللُّحْمَة الإجتماعيّة بين الإسرائيليين العرب واليهود بموجب ضمانات، تنسحب أيضاً على وضع يمنع التدفّق الصاروخي على إسرائيل مستقبلاً. فرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لن يوقف الحرب في شكل فعلي، إلا إذا حصل على حلّ لتلك الأمور، التي تؤثّر على مستقبله. ولذلك، رفضت إسرائيل الهدنة قبل أيام، ولو لأسباب إنسانية كانت تفرضها". 

وقت؟

ورأى المصدر أن "تلك الضّمانات يُمكنها أن تنجم عن اتّفاق أميركي - روسي، أو بموجب ضمانة من الروس تتكفّل بضغط روسي على إيران. فطهران، والى جانب الإنتصار الذي حقّقته، افتُضِحَت، بسبب سوء تقديرها لحَجْم الردّ العسكري الإسرائيلي الأسبوع الفائت".

وختم:"اعتقدت إيران أن رشقات صاروخيّة من قطاع غزة على إسرائيل، ستُستتبَع بتصعيد إسرائيلي محدود، يقوّي الورقة الإيرانية في فيينا. ولكن النتيجة كانت أن إسرائيل ذهبت بعيداً، في شكل أظهر أوراق الحضور الإيراني داخل إسرائيل، صاروخياً ومُجتمعياً، ورقة تلو أخرى، وبما يخرج عن مسار مفاوضات فيينا، والحدود التي تشتهي إيران أن تتوقّف عندها".