مسلسل الهروب من البيطار مستمرّ: الوزراء لن يمثلوا

كتب نادر فوز في المدن:

مسلسل "الارتياب المشروع" بالمحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، لم يصل إلى خاتمته بعد. جديد حلقات هذا المسلسل، تقدّم وكيل الوزير السابق والنائب نهاد المشنوق، المحامي نعوم فرح، بدعوى ارتياب. وحسب ما علمت "المدن"، فإنّ الدعوى تضمّنت أيضاً تقديم طلب وقف تنفيذ التحقيقات والاستجوابات، لحين البتّ بالدعوى المقدمة أمام محكمة التمييز. فـ"الارتياب" لا يوقف المحقق العدلي في الملف، لذا كان هذا الطلب بهدف قطع الطريق أمام جلسات الاستجواب الذي سبق وحدّدها البيطار للوزراء السابقين المدعى عليهم علي حسن خليل في 12 تشرين الأول الجاري، والمشنوق وغازي زعتير يوم 13 تشرين. لذا أتى طلب الردّ الذي تقدّم به كل من الوزيرين السابقين زعيتر وخليل أمام محكمة التمييز لوقف مفاعيل التحقيق وجلسات الاستجواب. فيدخل الملف فترة سبات إضافي فور تبلّغ البيطار بطلب الردّ لحين البتّ بها أو ردّها شكلاً.

لن يمثلوا
وعلمت "المدن" أنّ الوزراء الثلاثة المدعى عليهم لن يمثلوا أمام البيطار الأسبوع المقبل. فبالنسبة لفرق الدفاع ووكلائهم القانونيين "مجرّد المثول أمام المحقق العدلي، هو إقرار بصلاحياته في الملف". مع العلم أنّ كل دعاوى الارتياب وطلبات الردّ التي تقدّمت ضد البيطار ترتكز أساساً على موضوع أساسي، وهو عدم اختصاص المحقق العدلي في الادعاء والتحقيق واستجواب الوزراء، المفترض أن تتم محاكمتهم لتقصيرهم وإهمالهم الوظيفيين أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وفي هذا الإطار، تشير أجواء الوكلاء القانونيين للوزراء المدعى عليهم إلى أنّ "المحقق العدلي يستخدم ضغط مذكرات التوقيف لجرّ الوزراء إلى حضور جلسات الاستجوابات". لكن هؤلاء، على حد تعبير عدد من وكلائهم القانونيين، لن ينجرّوا إلى "الفخ" الذي أعدّه البيطار بهذا الخصوص.

تبعات عدم المثول
وفي حين تأكد عدم مثول الوزراء السابقين المدعى عليهم أمام البيطار الأسبوع المقبل، يبقى أمام الأخير سلسلة خطوات يمكن أن يتّخذها. أولاً إصدار مذكرات إحضار بحقهم، و/أو إصدار مذكرات توقيف لاحقاً. لكن في حالة الوزراء السابقين، ولكونهم قد سبق وتبلّغوا لصقاً بمواعيد الاستجوابات، يمكن للبيطار إصدار مذكرات توقيف فورية بحقهم، ولو أنه في الأساس غير ملزم باتخاذ خطوة إصدار مذكرات الإحضار. وبالتالي، قد نكون الأسبوع المقبل على موعد مع المزيد من مذكرات التوقيف الغيابية بحق الوزراء المدعى عليهم في الملف.

تعميم مذكرات التوقيف
الأهم في هذا الجانب من ملف التحقيق، أنّ النيابة العامة التنفيذية لم تعمّم حتى اللحظة مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق الوزير السابق المدعى عليهم يوسف فنيانوس. أصدر البيطار مذكرة التوقيف بحق فنيانوس يوم 16 أيلول الماضي، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أسابيع لم تّتخذ النيابة العامة بعد أي إجراء فيها، مع العلم أنها ملزمة بتعميم المذكرة. ويطرح الموضوع شكوكاً إضافية حول سلوك النيابة العامة، خصوصاً إذا صدرت مذكرات التوقيف الإضافية الأسبوع المقبل ولم تعمّمها.

أسباب موجبة
بالعودة إلى دعوى الارتياب المقدّمة من قبل المشنوق ضد البيطار، فإنّ الدعوى استندت على عدم اختصاص المجلس العدلي في ملاحقة الوزراء والرؤساء. وأضافت مصادر مطلّعة على نص الدعوى لـ"المدن" أنّ "الدعوى تشير بشكل واضح إلى التجاهل السابق والثابت لدى البيطار لموضوع عدم اختصاصه، إضافة إلى عدم استماعه إلى المشنوق كشاهد قبل الادعاء عليه". ولفتت إلى أنّ "البيطار استمرّ في الادعاء على المشنوق على الرغم من كون الأخير تسلّم تقريراً وحيداً من الأمن العام في أيار 2014 حين كانت شحنة النيترات لا تزال على الباخرة، ومن 2014 حتى 2019 لم تصله أي مراسلات أو تقارير، لا لشيء سوى لأنه في موقعه الوزاري لا علاقة له بملف النيترات". وجاء طلب الردّ المقدم من زعيتر وخليل في السياق نفسه، إذ اعتبر وكيلهما القانونيان أنّ البيطار تخطّى صلاحياته.

فريق دياب
وفي السياق نفسه، علمت "المدن" أنّ رئيس الحكومة السابق المدعى عليه في الملف، حسّان دياب، قد نظّم فريق الدفاع عنه الذي ضمّ كلا من النقيب السابق المحامي رشيد درباس والنقيبة السابقة المحامية أمل حدّاد والوزير السابق ناجي البستاني. ويلفت مطلّعون على أجواء الوكلاء القانونيين لدياب إلى أنّ "الفريق لا يزال ينتظر عودة الرئيس دياب من الولايات المتحدة لإقرار خطة الدفاع عنه"، مع العلم أنّ الخيارات محصورة بتقديم دعوى ارتياب أو طلب ردّ أو مخاصمة القضاة. ولا يزال أمام هذا الفريق، مهلة 20 يوماً قبل الموعد المحدّد لمثول دياب أمام البيطار في 28 تشرين الجاري.
أسبوع جديد، ملتهب ومتفجّر، بانتظار المعنيين في ملف التحقيق بمجزرة 4 آب. من المدعى عليهم مَن اختفى عن البصر، ومنهم من يعدّ العدّة لمواجهة الاستجواب، ومنهم من غادر لبنان إلى مصر على أن يعود بغضون ساعات. قد تكون تكلفة العيش في القاهرة أقلّ من بيروت، وفيها أدوية وبنزين وكهرباء وسائر الأساسيات الأخرى. وفي كل الأحوال القاهرة "مش بعيدة". عرقلة التحقيق، باتت خبزاً يومياً على طاولة المدعى عليهم في الملف، ولو أنهم يدرون أنّ هذه العرقلة مؤقتة.