مسيّرات "شاهين": مشروع لتحرير الشام أرعب قوات النظام بحلب

عوامل كثيرة ساهمت في الانهيار الدراماتيكي والسريع لقوات النظام، أمام تقدم الفصائل المعارضة في حلب وإدلب، لكن ثمة سلاح فرض نفسه في معادلة الانهيار، والتفوق في الميدان، هو مسيّرات "شاهين"، مشروع تحرير الشام القديم، الذي فاجأ نظام الأسد في المعركة بتطوره ودقّته.

مسيّرات "شاهين"
عند انطلاقة معركة "ردع العدوان"، قبل 5 أيام، سقطت دفاعات النظام السوري سريعاً، وبشكل غير متوقع، عند حدود التماس القديمة في ريف حلب الغربي، لا سيما "الفوج-46" في مدينة الأتارب، لكونها خط الدفاع الأول مع تحرير الشام.
طرح ذلك الانهيار تساؤلات عن السبب في ذلك، لتأتي الإجابة من مصادر "المدن"، بأنها كانت مسيّرات "شاهين".
وتشرح المصادر أن مسيّرات "شاهين" كانت اليد الطويلة التي ضربت بها تحرير الشام، مواقع قوات النظام داخل الفوج، وحقّقت بها إصابات دقيقة، طاولت حتى غرف ومقرات الضباط المسؤولين عنه، ما دفعهم للهروب أمام المجموعات المعارضة المتقدمة على الأرض، ما تسبّب بانهيار معنويات الجنود، وسقوط الفوج سريعاً.
وتقول المصادر إن "شاهين" شكّلت عاملاً حاسماً في ضرب خط دفاع النظام الأول، في ريف حلب الغربي، مع الخبرة القتالية للمجموعات المقتحمة لدى تحرير الشام، بعد سنوات من دورات التدريب المكثّف الذي خضعت له داخل معسكرات مغلقة في إدلب، إضافة لعوامل أخرى، مثل القناصات الحرارية الليلية والمناظير الليلة المتطورة.
وتضيف أنه مع انهيار خطوط الدفاع الأولى، أصبح صوت المسيّرات كفيلاً في دب الرعب في صفوف عناصر قوات النظام وضباطه، ما دفعهم إلى الفرار، وسمح بتقدم مجموعات تحرير الشام سريعاً في المناطق التي تلت الخطوط، وصولاً لمدينة حلب.
وتلفت المصادر إلى أن تحرير الشام استخدمت "شاهين" في مواقع كانت تُعتبر عصية فيما مضى على السيطرة، داخل مدينة حلب، مثل الكليات العسكرية وأكاديمية الأسد للهندسة العسكرية، والتي تم تأجيل السيطرة عليها حتى الأحد.

"شاهين" متطورة!
وثمة دلائل كثيرة تثبت أن مسيّرات "شاهين" متطورة نسبياً، وليس بدائية إلا بالهيكل الخارجي. لكن أبرز دليل كان المقطع المصوّر الذي بثّته غرفة عمليات معركة "ردع العدوان"، لاستهداف رئيس فرع الأمن العسكري في حماة، عدي غصن، في بلدة قمحانة في ريف حماة الشمالي، ما أدى إلى مقتله.
وبصرف النظر عن كيفية حصول تحرير الشام على إحداثيات الهدف، فالمقطع يظهر استهداف سيارة غصة بشكل مباشر، مع شاشة متطورة تظهر مسار المسيّرة، قبل اصطدامها بالسيارة التي كانت بمثابة هدف متحرك لا ثابتاً، وتحقيق الهدف المفترض بقتله بالنهاية. وكانت مواقع النظام قد أعلنت مقتل غصة.
ووصل حد ثقة تحرير الشام، بـ"شاهين"، إلى استهداف رئيس أركان جيش النظام عبد الكريم محمود، أثناء وجوده في بلدة قمحانة، الأحد، والتي زارها بتوجيه من الأسد، لكن جميع المعطيات ترجّح مغادرته قبل وصول المسيّرات، بحسب المصادر التي كشفت لـ"المدن" عن الاستهداف، بعد إعلان حسابات ومواقع موالية للنظام عن تصدي الدفاعات الجوية السورية لأهداف في سماء حمص وحماة.

مشروع قديم
وبمقارنة صور "شاهين" التي تبثّها غرفة عمليات "ردع العدوان"، يظهر أنها تماثل بالهيكل الخارجي تلك المسيّرات التي كانت تعلن وزارة الدفاع في حكومة النظام إسقاطها قبل نحو سنتين، وحتى الأيام الأخيرة قبل انطلاق المعركة.
وتقول مصادر "المدن"، إن مشروع مسيّرات "شاهين" يعود إلى نحو 3 سنوات، وأجرت تحرير الشام تجارب عليها في مناطق مختلفة في مناطق سيطرتها، للإقلاع والهبوط، كما خصصت لها مواقع محصنة مجهولة، للتركيز على تطويرها بشكل آمن، جنباً إلى جنب مع تجريب التحديثات عليها، بإطلاق عدد منها نحو مناطق النظام في الماضي، في حلب وحماة واللاذقية.
وتضيف أن لدى تحرير الشام أنواع أخرى أكثر حداثة، لم تستخدمها حتى الآن، لاعتبارات مختلفة، بينما معظم الأنواع التي استخدمتها كانت من "شاهين" الانتحارية، كما لديها أخرى قادرة على الطيران والعودة، مخصصة للاستطلاع.
ورفضت المصادر الكشف عن مصدر القطع المستخدمة في تصنيعها، ككاميرات المراقبة، واكتفت بالقول إنها "تطوير محلي". وكانت مصادر "المدن" قد أكدت أكثر من مرة سابقاً، أن جميع المسيّرات التي تعلن وزارة الدفاع السورية عن إسقاطها هي من صناعة تحرير الشام.