المصدر: المدن
الاثنين 16 حزيران 2025 23:13:18
قدم السيناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، تيم كين، مشروع قانون يُلزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالحصول على تفويض من الكونغرس قبل إصدار أي أوامر بتوجيه ضربات عسكرية ضد إيران، في ظل تصاعد الضغوط من جماعات مؤيدة لإسرائيل لحث واشنطن على الانضمام إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد طهران.
وقال كين في بيان: "أشعر بقلق عميق من أن التصعيد الأخير في الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران قد يجر الولايات المتحدة بسرعة إلى صراع آخر لا نهاية له، لا مصلحة للشعب الأميركي في إرسال جنود لخوض حرب جديدة في الشرق الأوسط".
ويستند المشروع إلى قانون سلطات الحرب لعام 1973، الذي يهدف إلى تقييد صلاحيات الرئيس في الدخول في نزاعات عسكرية دون موافقة الكونغرس، وعلى الرغم من أن الدستور يمنح الكونغرس سلطة إعلان الحرب، فقد عمد رؤساء متعاقبون إلى استخدام مناصبهم كقادة للقوات المسلحة لشن عمليات دون تفويض تشريعي واضح.
انقسام حزبي وتحدٍ للرئيس
ورغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس، فإن القرار قد يحظى بدعم مشرعين محافظين يعارضون التدخلات العسكرية الخارجية، وقد يمر التشريع إذا اجتذب أصواتاً من الحزبين، مما يضع الرئيس في موقفٍ صعب.
وكان ترامب قد استخدم حق النقض (فيتو) ضد مشروعي قانونين مماثلين في ولايته الأولى، أحدهما عام 2020 بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، لكن محاولة الكونغرس آنذاك كبحت جماح التصعيد، وربما يكون لهذا الجهد الجديد تأثير مشابه، حتى لو استخدم ترامب الفيتو مجدداً، فإن مجرد عرض القانون يرسل إشارة إلى التهدئة.
إسرائيل تضغط... والمعارضة تتنامى
وجاءت هذه التحركات وسط تصعيد عسكري عنيف، حيث شنت إسرائيل ضربات على مواقع عسكرية ونووية ومدنية في إيران، أسفرت عن عشرات القتلى، بينهم قيادات بارزة، وردت طهران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية، ما تسبب في أضرار كبيرة داخل إسرائيل.
ورغم دعوات متكررة من أطراف مؤيدة لإسرائيل للولايات المتحدة بالمشاركة في الضربات، حذر العديد من السياسيين الأميركيين من الانجرار إلى حرب جديدة، مشددين على أنها "لا تخدم المصالح الوطنية".
وقالت النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين: "لقد سئمنا من الحروب الخارجية، تريليونات أُنفقت وآلاف الأرواح أُزهقت، وكل ذلك من أجل حدود دولة أخرى"، بينما شددت النائبة رشيدة طليب على أن "أي حرب ضد إيران دون تفويض الكونغرس ستكون غير قانونية".
يُذكر أن الرئيس ترامب لم يستبعد التدخل عسكرياً، قائلاً في مقابلة حديثة مع شبكة "ABC": "لسنا منخرطين بعد، لكن قد نتدخل"، في حين كرر دعواته لإنهاء الحرب.
دعم جمهوري متزايد للتدخل
ورغم الانقسامات داخل الحزب الجمهوري، يبرز تيار قوي بين الجمهوريين يدعو إلى دعم إسرائيل عسكرياً والتدخل ضد إيران، حيث صرح السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام، بأن "الولايات المتحدة يجب أن تبذل قصارى جهدها لمساعدة إسرائيل في إنهاء المهمة"، في إشارة إلى استهداف المنشآت النووية الإيرانية.
كما دعت افتتاحية صحيفة "وول ستريت جورنال"، التي تعكس المزاج المحافظ السائد، إلى مشاركة أميركية مباشرة، معتبرة أن لدى واشنطن قدرات عسكرية فريدة، مثل القاذفات القادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات، لا تمتلكها إسرائيل.
ويؤمن هذا التيار أن "الفرصة لضرب البرنامج النووي الإيراني لا يجب أن تُهدر"، ويضغط على إدارة ترامب للانخراط في الحرب كجزء من الالتزام الأميركي تجاه الحليف الإسرائيلي.
بين وعود السلام وطبول الحرب
ويعكس الجدل الدائر في واشنطن تناقضاً عميقاً في السياسة الأميركية، حيث يجد الرئيس الذي يروج لنفسه كـ"مرشح سلام" نفسه محاطاً بدعوات لشن حرب جديدة، ومؤسسة تشريعية تطالب باستعادة صلاحياتها بينما تتهيأ آلة الحرب للتحرك.
وفي الوقت الذي يدعو فيه البيت الأبيض إلى التهدئة، تتعالى أصوات في الكونغرس والإعلام تدفع باتجاه التصعيد، ما يسلط الضوء على الانقسام الحاد داخل الولايات المتحدة بين من يريد إنهاء الحروب الأبدية، ومن يصر على خوضها من جديد، حتى لو كان الثمن زجّ البلاد في صراع إقليمي مدمر لا تُعرف له نهاية.