مصدر ديبلوماسي: نجاح الرئاسة اللبنانية في تثبيت السيادة واستعادة الحقوق

قال مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء»: «منذ عام 2006، شكلت منطقة جنوب الليطاني محور تجاذب بين الأطراف المحلية والدولية، اذ نص القرار 1701 بوضوح على ضرورة حصر الوجود المسلح بمؤسسات الدولة، وتفعيل دور الجيش اللبناني في هذه المنطقة بدعم من قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)».

وأضاف «سعت الديبلوماسية الرئاسية اللبنانية بقيادة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، إلى ترجمة هذا القرار على أرض الواقع عبر تعزيز انتشار الجيش، ومنع أي وجود خارج الشرعية، ما عزز موقع لبنان التفاوضي.

هذه الجدية اللبنانية وضعت حدا لمحاولات التهرب من تنفيذ الاتفاقات الدولية، وأثبتت أن الدولة قادرة على استعادة زمام المبادرة، ما فتح الباب واسعا أمام الانتقال إلى مرحلة أكثر حساسية تتعلق بالحدود البرية».

وتابع المصدر «ملف النقاط الحدودية المتنازع عليها كان على الدوام مصدر توتر بين لبنان وإسرائيل. وتم تحديد 13 نقطة متنازع عليها على طول الخط الأزرق، سبق أن جرى الاتفاق على سبع منها، بينما بقيت ست نقاط قيد التفاوض. في حين أبقت اسرائيل على احتلالها لخمس نقاط جديدة بعد الحرب الاخيرة.

وهذا ما دفع القيادة اللبنانية إلى اتخاذ موقف حازم بضرورة انسحاب إسرائيل الفوري منها، بمعزل عن المسار التفاوضي المستمر حول النقاط المتبقية. هذا النهج القائم على الفصل بين عملية الانسحاب من الأراضي المحتلة وبين المفاوضات الحدودية، منح لبنان ورقة قوة إضافية، وقطع الطريق أمام أي محاولة إسرائيلية لربط الانسحاب بشروط سياسية أو تفاوضية».

وأوضح المصدر ان «الولايات المتحدة، التي لعبت دورا محوريا في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أظهرت التزاما واضحا بإتمام مسار تثبيت الحدود البرية.

فمع تصاعد التوترات الإقليمية، بدا أن واشنطن تدرك أهمية إنهاء النزاع الحدودي، ليس فقط لتثبيت الاستقرار في لبنان، بل أيضا للحؤول دون أي تصعيد جديد قد ينعكس سلبا على مسارات الحلول في المنطقة بأسرها. والتحركات الأميركية الأخيرة، سواء عبر موفدين ديبلوماسيين أو عبر الضغط المباشر على إسرائيل للالتزام بالانسحاب من النقاط المحتلة، أكدت جدية المجتمع الدولي في دفع الأمور إلى خواتيمها.

هذا الضغط تزامن مع بدء الإفراج عن الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل، حيث أطلقت تل أبيب أسرى، في خطوة اعتبرت مؤشرا عمليا على نجاح المسار الديبلوماسي اللبناني في فرض مطالبه، واستعادة جزء من الحقوق الوطنية التي لطالما شكلت نقطة خلاف جوهرية في المفاوضات السابقة».

وأكد المصدر ان «النجاحات التي تحققت حتى الآن لم تكن وليدة ظرف سياسي عابر، بل جاءت نتيجة سياسة ديبلوماسية متماسكة قادها الرئيس عون، قائمة على معادلة واضحة: لا تفريط بالحقوق، ولا مساومة على السيادة، ولا تهاون في استعادة الأراضي المحتلة.

ومع اقتراب وضع مسار التفاوض لتثبيت الحدود من مرحلته النهائية، وتزايد الضغوط الدولية لإنجاز هذا الملف، يبدو لبنان أمام فرصة تاريخية لإنهاء نزاع دام عقودا، وإرساء معادلة جديدة تضمن أمنه واستقراره بعيدا من حسابات سياسية ضيقة».

واعتبر المصدر ان «هذا الإنجاز، الذي تزامن مع استعادة الأسرى وبدء الانسحاب الإسرائيلي التدريجي، يعزز الثقة بقدرة الدولة اللبنانية على فرض معادلاتها السيادية، ويؤكد أن خيار التفاوض المدعوم بالقوة الديبلوماسية الصلبة، يبقى الطريق الأنجح لحماية لبنان من أي تهديدات مستقبلية».