مصدر سياسي: تقوية الجيش ضرورة تفرضها التحديات والمخاطر

تواصل إسرائيل اعتداءاتها في الجنوب وصولا إلى العمق اللبناني، متجاهلة التزاماتها بالانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلتها في الحرب الأخيرة، ومتجاوزة الالتزامات والاتفاقات والقوانين الدولية والقرارات الأممية التي طالبتها بالانسحاب غير المشروط.

وما يزيد من خطورة الوضع، الضغط الإسرائيلي المتزايد لفرض مقاربة مختلفة لترتيب الأوضاع على طول الحدود، انطلاقا من رؤية إسرائيلية تهدف إلى فتح مسار تفاوضي جديد يؤدي إلى اتفاق سلام بشروط تل أبيب، وليس وفق المرجعيات الدولية التي تؤكد على الحقوق اللبنانية والعربية.

وقال مصدر سياسي لبناني لـ«الأنباء»: «الموقف اللبناني في مواجهة هذه الاعتداءات واضح وحاسم، إذ يرفض أي طرح يجعل من لبنان شريكا في تحديد مصير الحرب أو السلام، لأن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن قرار الحرب والسلم في هذه المنطقة لطالما كان في يد إسرائيل. والأخيرة تعتمد سياسة التصعيد والتوسع والاستيطان والاعتداءات المتكررة. بينما لبنان، بطبيعته وتركيبته، هو بلد السلام القائم على التعايش والتنوع. ولبنان الكبير الذي نشأ على هذه المبادئ لا يمكن أن يكون إلا بلدا يسعى للاستقرار والعدالة. لكن السلام لا يفرض بالإملاءات ولا يكون بقرار أحادي الجانب، بل هو مسار قائم على الحقوق والمصالح العربية المتبادلة وفق قرارات الشرعية الدولية».

وأضاف المصدر: «أمام استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، لم يعد مقبولا ترك الجيش اللبناني في حالة ضعف أمام جيش مدجج بالسلاح والقدرات المتطورة. والمطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تسليح الجيش اللبناني وتعزيز إمكانياته، بما يمكنه من الصمود والمواجهة والقيام بدوره الطبيعي في الدفاع عن السيادة الوطنية. فإسرائيل لا تحترم سوى منطق القوة، ولطالما استغلت غياب التوازن العسكري لفرض إرادتها على الدول المحيطة بها. إن تقوية الجيش ليست خيارا بل ضرورة استراتيجية تفرضها التحديات والمخاطر التي تهدد لبنان وأمنه القومي».

وأوضح المصدر: «أما الحديث عن السلام، فلا يمكن أن يكون مجرد شعار فضفاض يخدم المصالح الإسرائيلية وحدها. فالسلام المنفرد ليس سلاما، والتجربة التاريخية أثبتت أن أي اتفاق لا يستند إلى أسس عادلة وشاملة لا يمكن أن يكون سوى محطة جديدة لمزيد من النزاعات والاضطرابات. الحل الحقيقي يجب أن يكون منطلقه المبادرة العربية للسلام التي أقرت في القمة العربية في بيروت عام 2002، والتي تضع إطارا واضحا للسلام القائم على حل الدولتين، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم. هذه المبادئ وحدها يمكن أن تشكل أساسا لسلام دائم، وليس أي تسوية مجتزأة تفرضها إسرائيل بالقوة وتحت تهديد السلاح».

واكد المصدر ان «لبنان ليس دولة تبحث عن المواجهات، لكنه أيضا ليس دولة تقبل التنازل عن حقوقها وسيادتها تحت أي ظرف».

وأضاف: «طالما أن إسرائيل لم تلتزم بالقرارات الدولية ولم تكف عن اعتداءاتها ولم تعترف بالحقوق المشروعة للشعوب العربية، فإن أي حديث عن السلام سيبقى ناقصا وغير قابل للتحقق. المطلوب اليوم هو موقف لبناني وعربي موحد يتمسك بالثوابت، ويرفض أي محاولات لتغيير قواعد الصراع وفق رؤية إسرائيلية أحادية، لأن التجربة أثبتت أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام الحقيقي، لا الاحتلال ولا فرض الشروط بالقوة».