المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الأربعاء 18 حزيران 2025 16:12:17
في مشهدٍ ليس بجديد على الساحة اللبنانية، أعاد البيان الوزاري لحكومة نواف سلام طرح وعودٍ إصلاحية تقليدية، تصدّرها الحديث عن تشكيل وتفعيل الهيئات الناظمة في قطاعات حيوية، أبرزها الكهرباء، الاتصالات، الطيران المدني، وزراعة القنب. غير أنّ هذه المرة، يأتي الطرح ضمن سياق سياسي مختلف، تحاول الحكومة من خلاله أن تُقدّم نفسها كـ"حكومة إنقاذ" حرة من قبضة القوى المُعطّلة والمتحكّمة.
البيان الوزاري بدا وكأنه استعادة لأدبيات إصلاحية طالما رافقت الحكومات السابقة، إلا أنّ الحكومة الحالية تراهن على تغيّر المناخ السياسي الداخلي واستعداد المجتمع الدولي لمنحها فرصة إذا ما التزمت بالإصلاحات الموعودة. والهيئات الناظمة، التي يُفترض بها أن تُشكّل إطارًا مؤسساتيًا مستقلًا يضع حدًّا للفوضى الإدارية والتدخلات السياسية، تُقدَّم اليوم كـ"مفتاحٍ لاستعادة الثقة.
فهل تنجح حكومة نواف سلام في فكّ شيفرة الممانعة الداخلية التي لطالما عطّلت قيام هذه الهيئات؟
الأكيد أنّ المجتمع اللبناني يُراقب، والتجارب السابقة لا تمنح الكثير من التفاؤل، ما لم تُرفق الأقوال بخطوات تنفيذية تُعيد تنظيم القطاعات المنهارة وتُخرجها من دوامة المحاصصة.
بعد أكثر من ثلاثة عشر عامًا من الغياب، تعود الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات إلى الواجهة مع إعلان وزارة الاتصالات فتح باب الترشّح لمناصبها القيادية، في خطوة يُراد منها أن تكون بمثابة انطلاقة جديدة نحو تنظيم القطاع واستعادة الشفافية والمساءلة.
الخطوة، التي جاءت بالتوازي مع إطلاق المنصة الرسمية للتوظيف الحكومي (Government Recruitment) من قبل وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، فتحت المجال أمام الكفاءات اللبنانية لتقديم طلباتهم إلكترونيًا، في ما اعتُبر مبادرة نحو التحديث والحوكمة.
مصادر الوزارة أكدت لموقع kataeb.org أن التعيينات ستُستكمل قبل نهاية الشهر الحالي، على أن تبدأ الهيئة الجديدة مهامها في أوائل الشهر المقبل. وتشير المصادر إلى أن الجهود منصبّة على إبعاد الهيئة عن المحاصصة السياسية والطائفية، ما من شأنه أن يؤسس لعملٍ مستقل وفعّال طال انتظاره.
وتقول: "المهام المرتقبة للهيئة تتخطى الإطار التنظيمي، لتشمل مكافحة الفساد، منع الاحتكار، التحقيق في الشكاوى، وإصدار التراخيص. فبعد سلسلة من الفضائح التي هزّت قطاع الاتصالات في السنوات الأخيرة، تبدو الحاجة ملحّة لهيئة قادرة على إعادة الثقة إلى واحد من أكثر القطاعات إنتاجًا في الدولة اللبنانية."
لكنّ السؤال يبقى مطروحًا: "هل ستُترجم النوايا الحسنة إلى واقع فعلي؟ وهل سيتمكّن الوزير شارل الحاج من كسر الحلقة المفرغة التي أبقت الهيئة حبيسة الأدراج طوال سنوات؟"