مصرف لبنان معطّل والمصارف بلا رقابة: الخلاف على الأسماء

للمرة الأولى منذ سنوات يتسلّل الفراغ إلى المجلس المركزي لمصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، ورغم استمرار العمل الإداري اليومي في المصرف المركزي غير أن المهام الرئيسية المناطة بالسلطة النقدية معطّلة حالياً، وليس بفعل حدث طارئ أو قوة قاهرة إنما بسبب خلافات على الأسماء.
ولأن السبب في تعطيل عمل مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف يعود تحديداً إلى تجاذبات سياسية وخلافات على الحصص والأسماء، فذلك سينعكس ضعفاً وانتكاسة لثقة الخارج بلبنان في مرحلة دقيقة من مسار استعادة الثقة مالياً واقتصادياً.
انتهت يوم أمس ولاية نواب حاكم مصرف لبنان وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف الذين تم تعيينهم في 10 حزيران 2020، ومن غير المتوقع تعيين بدائل عنهم في الأيام القليلة المقبلة وربما في الأسابيع المقبلة، لاسيما أن رئيس الجمهورية جوزاف عون في زيارة رسمية إلى الأردن ومن المفترض أن يعقبها زيارة لرئيس الحكومة نواف سلام إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في مؤتمر يعقد بين 17 و20 الحالي. ما يعني أن لا جلسة لمجلس الوزراء قبل هذا التاريخ ولا تعيين نواب جدد لحاكم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف في وقت قريب.
 
أثر الفراغ
لا تقتصر مهام مصرف لبنان على الحاكم لاسيما في المرحلة الراهنة، فالفراغ في مناصب نواب الحاكم وأعضاء لجنة الرقابة من شأنه أن يُحدث آثاراً سلبية متعددة على النظام المصرفي اللبناني وعلى الثقة بالقطاع ككل. تبدأ من عدم قدرة مصرف لبنان على اتخاذ القرارات التنظيمية والرقابية سيما لجهة تطبيق القوانين وضبط السيولة وغياب القدرة على ضبط عمل المصارف، ولا تنتهي في عرقلة الإصلاحات المالية والنقدية و"فرملة" مساعي التعافي المصرفي والمالي في البلد.
وتنسحب مفاعيل الفراغ في مناصب نواب حاكمية مصرف لبنان وتعطيل انتظام عمل البنك المركزي إلى انعدام الثقة بالسلطة النقدية، محلياً ودولياً. وليس خافياً على أحد الارتباط الوثيق بين الثقة الدولية بمؤسسات الدولة المالية والنقدية بمسألة الحصول على دعم المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة.
ناهيك عما يمكن أن يتركه تعطيل عمل مصرف لبنان فيما لو طال أمده، من مخاطر على النظام المصرفي خصوصاً، ومن عرقلة على مستوى التنسيق والتواصل مع المؤسسات والهيئات الدولية لاسيما صندوق النقد الدولي، فالفراغ لا يوحي بالاستقرار بل العكس. ويبقى أخطر ما في الفراغ في مصرف لبنان تأخير العمل على "قانون الفجوة المالية" الذي يعمل عليه مصرف لبنان مؤخراً.
وليس تعطيل لجنة الرقابة على المصارف أقل خطورة من الفراغ في مصرف لبنان، فمهام اللجنة منتهية الصلاحية تتمثّل بالإشراف على المصارف والمؤسسات المالية وتجار العملات وشركات الوساطة المالية وشركات التأجير التمويلي، وتغيب في الوقت الراهن عن هذه القطاعات التي تستلزم حالة تأهب دائمة في البلد لضمان انتظامها.
 
ماذا عن الأسماء؟
نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة المنتهية ولايتهم وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين وألكسندر مراديان، يشكّلون بشكل غير مباشر العقبة في وجه تعيين نواب جُدد. ففي حين كان الرئيس جوزاف عون يطمح، بحسب المصادر، إلى تغيير النواب الأربعة تماشياً مع رغبة المجتمع الدولي خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وهو ما وافق عليه رئيس الحكومة نواف سلام على الرغم من رغبته بالتجديد للنائب الثاني سليم شاهين، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري ليعرقل كافة المساعي لتعيين نواب جدد. فقد أصر بري على التجديد للنائب الأول وسيم منصوري. وفي المقابل أصر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على تغيير النائب الدرزي يقظان، واستبداله بالمدير التنفيذي في مصرف لبنان مكرم بو نصّار.
تمسّك بري بالتجديد لمنصوري وإصرار جنبلاط على استبدال النائب الدرزي رجّح كفة التجديد للنائبين منصوري وشاهين وتعيين بو نصّار وشخصية أرمنية جديدة بدلاً من يقظان ومراديان. لكن حتى اللحظة لم تُحسم هذه الصيغة بانتظار عودة رئيس الجمهورية من الخارج وقبل سفر رئيس الحكومة أو بعد عودته، فالتعيين يستلزم مرسوم حكومي بالتوافق مع وزير المال وحاكم مصرف لبنان.
مع الإشارة إلى أن المجلس المركزي لمصرف لبنان الذي يتولّى مهام اتخاذ القرارات النقدية وإصدار التعاميم، يضم أربعة نواب للحاكم، مدير عام وزارة المالية، مدير عام وزارة الاقتصاد ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان وهذا المنصب شاغر حالياً.
أما لجنة الرقابة على المصارف فثمة توافق مبدأي على اسم مازن سويد رئيساً للجنة من دون أن نستبعد مفاجآت وطرح اسم آخر. ويشغل سويد منصب رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان "إيدال". ومن المرتقب بحسب المصادر أن يتم تغيير كافة أعضاء اللجنة المنتهية الصلاحية وهم مايا دباغ رئيسة اللجنة وعادل دريك وكامل وزنة أعضاء وجوزيف حداد ممثلاُ جمعية المصارف ومروان مخايل ممثلاً عن مؤسسة ضمان الودائع.