مصير السلاح الفلسطيني على أجندة الـ1701...صراع الفصائل في المخيمات ينهي الإشكالية!

أبعد من إتفاق وقف إطلاق النار وما نصت بنوده على سحب سلاح حزب الله، َتطرح إشكالية السلاح الفلسطيني المتفلّت من الضوابط، سواء أكان هذا السلاح داخل المخيمات أم خارجها أكثر من سؤال عن جدوى التمسّك به في معسكرات منتشرة بعيداً من خطوط المواجهة مع إسرائيل، ولا سيما في البقاعين الأوسط والغربي.

هذه الإشكالية التي كانت تطرح في كل مرة كان يحرك فيها حزب الله ورقة المخيمات وآخرها الإشكالات التي حصلت في مخيم عين الحلوة في ظل صمت كلي من قبل السلطة السياسية، وكأنها غير معنية بما يجري في المخيّم أو خارجه، إلا بقدر ما تتأثر مكوّناتها الحزبية بهذه التوترات. إلا أنها اليوم باتت على المحك والسؤال الأبرز المطروح ،ما هو مصير السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها في ظل مسار التغيير الذي انطلق مع مسألة سلاح حزب الله، إلا إذا كان هذا السلاح يحتاج أيضا إلى حرب أو معركة نهر بارد 2 لنزعه من داخل المخيمات وخارجها وبرعاية دولية.

أمس، وفي مقابلة مع إحدى الصحف الفرنسية صرح مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولس مسعد" أن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل البلد بأكمله، وليس فقط جنوب الليطاني، ويتناول مسألة نزع سلاح جميع المجموعات المسلحة". كلام مسعد ليس موجها بطبيعة الحال إلى مجموعات "الأحياء" و"جنود" مسماة على إحدى الزعامات أو قبضايات الأحياء. المقصود في كلامه السلاح الفلسطيني وتحديدا الموجود في أيدي الفصائل التي يحركها حزب الله غب الطلب سواء داخل المخيمات الفلسطينية أو خارجها لتمرير رسائل إقليمية جديدة.

أيضا، بند نزع السلاح ورد في مقدمة اتفاق الطائف عام 1990. لكن من حينه إلى اليوم كانت الدولة اللبنانية خاضعة لاحتلالات إلى أن جاء إعلان وقف إطلاق النار والوصاية الأميركية التي وضعت على لبنان.

قصة شرعنة سلاح المخيمات وامتلاكها بدأت بموجب "اتفاق القاهرة" عام 1969، حين سمح للفلسطينيين بإقامة قواعد عسكرية في الجنوب اللبناني والعمل السياسي داخل المخيمات وتشكيل لجان للفلسطينيين ونقاط للكفاح المسلح داخل المخيمات، وتأمين الطرق للمشاركين في "الثورة الفلسطينية".ويضم لبنان 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين معترفا بها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) وبتعداد 174.422 لاجئاً.

وعلى رغم تسليم بعض الفصائل الفلسطينية سلاحها إلى الدولة اللبنانية بعد اتفاق الطائف، نزولاً عند ضغوطات إقليمية وعربية مورست عليها، فإنّ "الجبهة الشعبية" و"فتح- الإنتفاضة" تمسّكتا بسلاحهما خارج المخيّمات، خلافاً لما ورد في مقدمة اتفاق الطائف، ولم تتمكّن الدولة اللبنانية وﻻ قياداتها من نزعه منذ ذلك الحين. أما "الجبهة الشعبية" فقد استفادت من العلاقة القوية التي ربطت مؤسسها وأمينها العام أحمد جبريل بالنظام السوري.فهل بات لبنان اليوم على مسافة وجيزة من مسألة تسليم السلاح الفلسطيني تزامنا مع سلاح حزب الله؟

الكاتب والناشط السياسي المحامي أمين بشير يؤكد لـ"المركزية" ان القرار 1701 واضح على رغم التفسيرات العديدة المعطاة له من قبل البعض. والأكيد انه بعد صدور قرار وقف إطلاق النار وما ورد في ورقة الضمانات الجانبية بات واضحا أن الـ1701 يشمل كل سلاح غير شرعي على أرض لبنان وليس فقط السلاح في جنوب الليطاني والمقصود بذلك نزع سلاح كل الفصائل والمجموعات التي كان يستعملها حزب الله كورقة ضغط لتأمين غطاء عربي قومي".

بعد خروج سوريا من لبنان في 26 نيسان 2005 صدر عن لجنة الحوار الوطني قرار بالإجماع تضمن سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وعلى تنظيم هذا السلاح داخلها بوضعه تحت إمرة الدولة، في مهلة ستة اشهر. إلا أنّ تطبيق القرار إصطدم بعدم توافر التوافق الفلسطيني- الفلسطيني أولاً، والفلسطيني– اللبناني ثانياً. في وقت بدا الرئيس الفلسطيني حينها محمود عباس أضعف من أن يتمكّن من فرض إرادته السياسية على فصائل فلسطينية مسلحة تتمتّع بعلاقات واسعة مع سوريا، إلا ان النقاش استمر طويلاً حول سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيّمات، حتى ما بعد أحداث نهر البارد ومعركتها مع الجيش اللبناني. لتواجه السلطة بتصريح لأمين سر حركة "فتح الإنتفاضة" "أبو موسى" اعتبر فيه أن السلاح الفلسطيني المنتشر خارج المخيمات "وجد ليس ضمن معادلة لبنانية -لبنانية، إنما اتى ضمن معادلة صراع عربي- إسرائيلي". ورفض آنذاك نقل سلاح حركته المنتشر خارج المخيّمات إلى داخلها "لأن الموجود فيها يكفي".

كلام الأمس و"عنتريات" الفصائل المسلحة لم تعد تسري اليوم "فإلى القرار 1701 هناك نقطة يرفض البعض الإقرار بها بعد اتفاق وقف إطلاق النار وهي أننا بتنا نخضع للوصاية الأميركية من خلال جنرال أميركي والإتفاق الموقع جاء لمصلحة إسرائيل وهي التي فرضت ولا تزال شروطها شاء من شاء وابى من أبى. وبالتالي فإن الوصاية الأميركية ستفرض أيضا سحب السلاح الفلسطيني ".

"إعتراف" حزب الله بالقرار 1701 كلف لبنان حرب مساندة ودمار كلي وأكثر من 5000 قتيل و15 ألف جريح ومعوق في خلال شهرين فهل الوصول إلى قرار سحب السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات وخارجها سيكلف لبنان نهر بارد 2؟

السيناريوهات المرجحة عديدة، لكن الأكثر ترجيحا أن يكون الصراع داخلي أي بين  الفصائل الموالية لحزب الله وبين حركة فتح التي وافقت على تسليم السلاح للدولة اللبنانية، وهذا الصراع يحتم تدخل الجيش على غرار ما حصل في معركة نهر البارد لكن هذه المرة ستكون لمصلحة الجيش اللبناني .ويختم بشير"هذا من ضمن السيناريوهات المرجحة وطالما أن القرار الدولي يشمل كل السلاح غير الشرعي على الأراضي اللبنانية فهذا يعني أن التجزئة غير واردة. يبقى التنفيذ. لكن المؤكد أن سيكون هناك دور تنفيذي للجيش اللبناني في هذا القرار الدولي".