مصير المؤسسات المالية المقربة من النظام السوري السابق.. الاستيعاب ثم التفكيك؟

يستمر العهد السوري الجديد بالتعاون مع الشركات المالية التي كانت مقربة سابقاً من النظام المخلوع، بحسب ما رصدت "المدن". ففي حين عقدت "شام كاش"، وهي محفظة مالية رقمية تابعة لـ"بنك شام" المقرب من السلطة، شراكات مالية مع عدد من المؤسسات مثل "الفؤاد" و"الهرم"، لا تزال معظم شركات الصرافة نشطة، دون أي مساءلة، وهي مقاربة تفرضها المرحلة بسبب العلاقات والأصول الضخمة لهذه المؤسسات، بحسب قراءات الخبراء.
وكان المصرف المركزي قد أعلن بعد أيام من سقوط النظام، استمرار كافة شركات الصرافة المرخصة في عملها، موضحاً أن الشركات هي: المتحدة للصرافة، الفاضل للصرافة، لايت للصرافة، الفؤاد للصرافة، دو للصرافة، شخاشيرو للصرافة، النضال للصرافة ورويال للصرافة، وهو تعميم وإن بدا مؤقتاً، إلا أن الواقع على الأرض يؤكد استمرار نشاط هذه الشركات وتعاون الحكومة السورية أو شركات مالية مقربة منها، معها.

توسع "شام كاش"
ولا يقتصر النشاط المالي للعهد الجديد والمؤسسات النقدية المقربة منه، على التعاون مع الشركات التي كانت مقربة من النظام المخلوع، بل يتجاوزه إلى الاستيلاء على الأصول المالية لبعض المؤسسات، ومن بينها منصة "سوا"، التي كانت تلعب دوراً وسيطاً يربط الحوالات الخارجية مع شركات الحوالات السورية في الداخل، بالموازاة مع تجميد أرصدة سوق دمشق للأوراق المالية تحت ذرائع مختلفة من بينها إعادة الهيكلة.
ويؤكد الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم، أن شركة "شام كاش" استولت على منصة "سوا" وكافة أرصدتها، وهي تستخدم الآن السيستم الخاص بالمنصة لتسليم رواتب الموظفين بالتعاون مع شركتي الهرم والفؤاد، موضحاً أن نظام عمل منصة "سوا" سابقاً كان الاستناد إلى شركات الصرافة لتسليم الحوالات، وهو نفس النظام الذي سيعتمده "شام كاش" في ملف الرواتب. 
ويلفت الكريم في حديث لـ"المدن"، إلى أن الاستحواذ على المنصة أوجد هواجس لدى الشركات المالية الأخرى ومن بينها بعض المصارف الخاصة، التي باتت تخشى من استحواذ مماثل قد يطاول أصولها النقدية تحت ذريعة قربها من النظام السابق، ما يفسر الشراكات العديدة التي عقدتها المؤسسات المالية مع "شام كاش" التي تتمدد بشكل سريع، في تنفيذ لحطة توسع سبق وكشفتها "المدن".

مقاربة على مرحلتين
ويبدو أن الإدارة السورية الجديدة تقارب موضوع شركات الحوالات والصيرفة المالية التي كانت قائمة زمن النظام البائد، والتي يرتبط بعضها بالنظام بشكل أو بآخر، بمقاربة مقسمة على مرحلتين زمنيتين، لكل منها منطقها الخاص بما تتضمنه من مخاطر وتحديات، بحسب حديث الباحث في الاقتصاد السياسي والمحليات في مركز عمران أيمن الدسوقي، لـ"المدن".
وتتطلب المرحلة الأولى، وفقاً للدسوقي، إجراء تسويات مؤقتة لإدارة المرحلة الراهنة والدمج بين منظومات متفاوتة اقتصادياً ومالياً، والتعامل مع شبكات رجالات أعمال النظام وشركات الحوالة والصيرفة، لمعرفة ما هي الأجزاء الواجب تفككيها باعتبارها خطرة، وتلك الممكن استيعابها باعتبارها مصلحة اقتصادية وسياسية للسلطة والدولة. 
أما المرحلة الثانية والتي تطبق على المدى البعيد، فتتصل بضرورة إعادة تنظيم الاقتصاد وأسواق المال وفق قواعد وأسس جديدة تنقل الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال من اقتصاد الظل إلى اقتصاد رسمي محوكم، يتم فيه مراعاة متطلبات المستثمرين والامتثال لمعايير المؤسسات الاقتصادية والنقدية الدولية، وهي شروط لرفع العقوبات وضخ استثمارات يحتاجها الاقتصاد السوري.
وبناء على ما سبق، يوضح الدسوقي أن ما نشهده حالياً من تعاون وشراكات، يبرر بكون البلاد في مرحلة استيعاب الاقتصاد غير الرسمي وإعادة تنظيمه على المدى البعيد بأشكال جديدة، مشيراً إلى أنها مرحلة تتضمن مخاطر لا يُستهان بها، قد يتم الخروج منها باقتصاد سوري منظم ومتنوع محوكم، أوقد تحدث انتكاسة تسفر عن إعادة إنتاج طبقة رجال أعمال لهم هيمنتهم على الاقتصاد السوري كما كان سائداً أيام نظام الأسد البائد، وبالتالي، استمرار حالة تعثر الاقتصاد السوري.