معضلة غلاء الأسعار تطغى على برامج مرشحي الرئاسة الفرنسية

بعد وباء كورونا وارتفاع الأسعار والحرب في أوكرانيا، فرضت مواضيع جديدة نفسها على البرامج الانتخابية لكل من الرئيس المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون، ومرشحة حزب التجمع الوطني، مارين لوبان.


وأصبحت أسعار الوقود والمواد الغذائية، وزيادة الرواتب، وإعادة تقييم معاشات التقاعد تسيطر على تفكير الفرنسيين، إذ أن 7 من كل 10 فرنسيين سيأخذون هذا في الاعتبار عند اختيارهم في اقتراع الرابع والعشرين من أبريل الجاري.

فكيف أثرت الأزمات على وعود المرشحين الانتخابية؟ وهل هي حقا مفيدة وواقعية؟

قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ضاعف المتسابقان على مفاتيح الإليزيه المقترحات المتعلقة بالقوة الشرائية، إذ منذ بداية حملتها الرئاسية، جعلت المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان القوة الشرائية موضوعا مركزيا في برنامجها الانتخابي وصرحت في 19 فبراير أنها ستكون "مرشحة القوة الشرائية" وهو ما كذبه إيمانويل ماكرون باستمرار.

وبحسب استطلاعات الرأي، تشغل هذه القضية الفرنسيين بشكل كبير خصوصا مع زيادة التضخم، ففي مارس الماضي، وصل إلى 4.5% خلال عام واحد، وفقًا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.

يرى المحلل الاقتصادي ومدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي في باريس، هيبوليت دي ألبيس، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مسألة القدرة الشرائية فرضت نفسها على المرشحين "إذ انطلاقا من شهر نوفمبر بدأت فرنسا تشهد ارتفاعا في الأسعار، أمر انتبهت له الفرق الانتخابية وجهزت على إثره برامج تسير في هذا السياق".

ويضيف: "مع الحرب في أكرانيا، شهدنا ارتفاعا كبيرا في الأسعار وخصوصا سعر منتجات الطاقة، وأصبحت القدرة الشرائية الموضوع الأول لدى الأسر الفرنسية، فلهيبها مس جيوبهم بشكل مباشر وهذا له تأثير كبير على الرأي العام".

ويتابع "وللحد من ثقل لهيب الأسعار على الأسر الفرنسية، لدينا موقفين متباينين، لوبان التي تريد تخفيض الضرائب وهو مطلب شعبي كبير. وماكرون الذي لم يسلك نفس الطريق وحافظ على الخيار الذي ينفذ حاليا والمتعلق بمراقبة الأسعار. وهو أمر يعمل جيدا لحد الساعة، وبسببه، لدينا ارتفاع أسعار ضعيف بالمقارنة مع باقي الدول الأوروبية لكنه يبقى حلا أقل وضوحا وأقل شعبية".

وتسعى مارين لوبان في برنامجها إلى إعادة ما بين 150 و200 يورو شهريًا لكل أسرة. كما تعتزم خفض ضريبة القيمة المضافة على منتجات الطاقة، والتي ستنخفض من 20 إلى 5.5%. والقضاء على الزيادات في ضرائب الوقود المقررة بين عامي 2015 و2018، ولكن أيضًا خفض معدلات الرسوم بنسبة 15% من خلال إعادة تأميم الطرق السريعة. وإلغاء رسوم الترخيص السمعي البصري، أي توفير 138 يورو.

مثل لوبان، وعد إيمانويل ماكرون بإلغاء الرسوم وخفض الضرائب لتصل قيمتها إلى 15 مليار يورو وإلغاء الرسوم السمعية والبصرية المدعومة بضريبة الإسكان، بالإضافة إلى تخفيض ضريبة الميراث، كما يرغب في مضاعفة سقف "قسط التأمين" 3 مرات وتقديم "شيك طعام" للأشخاص الأكثر تواضعًا.

ويوضح هيبوليت دي ألبيس، أن جوهر الاختلاف في هذه التدابير الخاصة بالأسعار يتعلق أساسا بالتصور المتعلق بالتحول الطاقي، "فيما يخص طرح ماكرون الذي يسير مع رأي الاقتصاديين، والمتمثل في ترك أسعار الطاقة ترتفع حتى تكيف المقاولات والمستهلكون سلوكهم مع الوضع الجديد وبالتالي، يستهلكون بشكل أقل كل أشكال الطاقة. هي رغبة قديمة لكنها تفعل تدريجيا مع تعويض الأشخاص في وضعية مادية صعبة. وهذا بعيد على لوبان التي تستجيب لمطلب شعبي لكن لا تحل مشكل الاستهلاك الكبير للطاقة التي أصبحت عوائق الحصول عليها تزداد يوما بعد يوم سواء بسبب مشكل الحرب في أوكرانيا أو غيره".

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي في معهد "ريكس كود"، إيمانويل جيسوا، في اتصال مع "موقع "سكاي نيوز عربية" أنه لمواجهة الغلاء الذي اشتعل مع الحرب في أوكرانيا، ولتخفيف الضرر على الأسر، قامت الحكومة الحالية برئاسة ماكرون بتدابير ستكلف الدولة الفرنسية 20 مليار أورو إضافية خلال ميزانية عام 2022".

ويعتبر أن خفض القيمة المضافة بشكل دائم على منتجات بالطاقة، سيزيد التكلفة العامة على الدول ويضاعف عجز ميزانيتها، لكنه في المقابل يوفر الأموال في جيوب الأسر.

ويذكر أنه "بالنسبة لماكرون، الذي طبق في الأصل بعضا من خططه لتقوية القدرة الشرائية للمواطنين خلال ولايته، لديه تدابير تساعد على توفير المال للأسر، خصوصا تلك المتعلقة بالمعاشات. فهو يسعى إلى رفع سن التقاعد القانوني تدريجيا إلى 65 وبالتالي الرفع من الإسهامات والخفض من تبعات التقاعد على الدولة. وكذلك أيام عمل أكثر وإنتاج أكبر وتقاعد أفضل، عكس مارين لوبان التي تريد خفض سن التقاعد إلى 60، مما يعني عمل أقل وارتفاع في النفقات المعاشية".

ويدافع المرشحان عن إعادة تقييم المعاشات التقاعدية الصغيرة. إذ يريد ماكرون رفع "الحد الأدنى للمعاش التقاعدي الكامل الذي لا يتعدى 950 يورو إلى 1100 يورو شهريًا"، فيما تعتزم اليمنية المتطرفة "زيادة قيمة المعاشات إلى 1000 يورو".