معضلة لبنان الخطيرة: التورط بالحرب أو الخضوع لسلام أميركي

يتصاعد مسار العمليات العسكرية بين إيران وإسرائيل. من الواضح أنها حرب عض الأصابع، ومن هو الطرف الذي سيتمكن من الصمود أكثر. إسرائيل مددت حالة الطوارئ حتى نهاية الشهر الحالي، أي حتى الآن تلتزم بمهلة الثلاثة أسابيع التي وضعتها لنفسها. علماً أنها سابقاً ومع بداية الحرب على غزة، وضعت مهلة شهرين لإنهاء حربها، لكنها تستمر منذ ما يقارب السنتين. أما إيران فهي لا تزال تراهن على الصمود والقدرة على توجيه المزيد من الضربات إلى عمق إسرائيل، وتحديداً إلى حيفا وتل أبيب. تراهن إيران على إلحاق خسائر كبيرة في صفوف الإسرائيليين، لدفعهم إلى وقف الحرب. الأكيد أنه كلما تمكن أحد الطرفين من توجيه ضربات مؤذية للطرف الآخر، وبحال واصلت إيران مثل هذه الضربات، ستدفع الأميركيين إلى التدخل لإعادة إحياء المفاوضات. 

لعبة الوقت
تبقى اللعبة هي لعبة الوقت. فمنذ الحرب على غزة، وعندما بدأ الإسرائيليون يستشعرون قدرتهم على الإخلال بتوازن الحرب ضد حماس، فتحوا لأنفسهم مديات الوقت، وتلاعبوا بالمفاوضات وانقلبوا عليها مراراً. أما في لبنان، فوصل الإسرائيليون إلى لحظة الاتفاق بعد تحقيق ضربات كبيرة جداً ضد حزب الله، وهم يواصلون استهدافاتهم وعملياتهم. في الحرب على إيران تبدو اللعبة مختلفة حتى الآن. إذ طالما تمكنت إيران من توجيه ضربات، فإن ذلك سيدفع دول إقليمية وقوى دولية إلى الدخول في مفاوضات ووقف الحرب. وهو ما سيدفع الإسرائيليين إلى القبول بذلك. بمعنى أوضح: في حال لم تتمكن إسرائيل من إلحاق هزيمة كبيرة بإيران، فإنها ستكون مجبرة فوراً على وقف الحرب. خصوصاً أن مواصلة إيران إطلاق الصواريخ سيعني انكشافاً إسرائيلياً أمامها. 
في المقابل، هناك وجهة نظر أخرى، تعتبر أن أميركا ستبقى إلى جانب إسرائيل انطلاقاً من وجهة نظر غربية لهذه الحرب، وخوضها ضد "الشرق" أو ضد دول الجنوب، أو ضد الدول ذات الانتماء الأيديولوجي المعادي للغرب. ما يريده الأميركيون هو دفع إيران إلى تقديم كل التنازلات المطلوبة للعودة إلى طاولة المفاوضات، وتغيير كل السلوك والنهج السياسي الذي تعتمده طهران، بشكل تتخلى فيه عن كل مواقفها حول تدمير إسرائيل أو إزالة الكيان. 

لحظة الخطر
في حال وصل الإيرانيون إلى وضع صعب جداً عسكرياً، فحتماً حينها كل حلفاء طهران سيتحركون على قاعدة خوض آخر الحروب. هذه لا يمكن أن تحصل إلا في لحظة استشعار الخطر الحقيقي على النظام الإيراني. وعندها حتماً فإن كل حلفاء إيران سينخرطون في الحرب. وعليه، فإن تداعيات الوضع على لبنان ستكون كبيرة، سواء استكملت الحرب، أو توقفت. ففي حال تواصلت الحرب، فإن التداعيات ستكون عسكرية، لأن حزب الله قد يُستدرج إلى المعركة والتي ستطال بشظاياها الإقليم ككل. وعندها سيكون لبنان عرضة للمزيد من حرب إسرائيلية عنيفة. وهو ما أصبح معروفاً وفق ما نقلته دوائر ديبلوماسية عديدة للمسؤولين اللبنانيين.
أما في حال عاد الجميع إلى طاولة المفاوضات، فإن الضغوط الدولية وخصوصاً الأميركية، ستتزايد بقوة على لبنان، من أجل سحب السلاح والالتزام بكل الشروط التي يفرضها الأميركيون لإنهاء حالة الصراع مع إسرائيل.
في هذا السياق، لا يزال لبنان ينتظر زيارة المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، والذي يفترض أن يتولى هو مرحلياً الملف اللبناني قبل تسلم السفير الأميركي المعين في بيروت ميشال عيسى لمهامه. شروط باراك -حسب المعلومات- واضحة جداً، وهي تتصل بتسليم السلاح، وإنهاء حالة الصراع، مع ما يعنيه ذلك من تحولات ومتغيرات سياسية، بالإضافة إلى إنجاز الإصلاحات المطلوبة لمكافحة اقتصاد الكاش، وهو الذي يعتبره الأميركيون والإسرائيليون مدخلاً لخنق حزب الله مالياً.