المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم حيدر
الخميس 17 تموز 2025 07:28:36
إلى أن تنتهي المهلة الزمنية لنزع السلاح التي حددها الأميركيون في ردّهم على الورقة اللبنانية، حتى آخر السنة، قد تكون التغيّرات في المنطقة وخصوصاً في سوريا بلغت محطات مفصلية. ففي سوريا لا أحد يتوقع فعلاً كيف سيتعامل نظام الشرع مع لبنان، ولا كيف ستسير الأمور في الداخل السوري بعد الحرب على السويداء التي عمّقت الانقسام في البلاد، ولا كيف سيسلك مسار العلاقات مع إسرائيل، في ضوء اللقاءات التي تعقد بين الجانبين برعاية أميركية. أما في لبنان، فتستمر الاعتداءات الإسرائيلية اليومية جنوباً وبقاعاً، بما يعني أننا قد نشهد تصاعداً في العمليات للضغط على لبنان وحسم مسالة سلاح الحزب.
بات ملف السلاح على مقلبي الحدود، وبين سوريا وإسرائيل، عنواناً للضغط على لبنان. والأمر لا يتعلق بالخارج وحده، بل إن موضوع السلاح يزيد انقسام اللبنانيين، على الرغم من أن الغالبية الساحقة أيدت خطاب القسم، فيما نالت الحكومة الثقة على أساس بيان وزاري أحد بنوده الأساسية حصر السلاح بيد الدولة.
في الواقع، لم يتقدم هذا الملف منذ أن انتشر الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، حيث يستمر "حزب الله" برفضه تسليم السلاح أو حتى البحث في شأنه، ويبرر ذلك بأنه سلاح مقاوم ضد إسرائيل من دون استخدامه.
يزيد تشدد "حزب الله" في تمسكه بسلاحه بعد حرب السويداء، فيما يعبئ جمهوره للضغط من أجل إنهاء النقاش في سلاحه والاستقواء به لمواجهة ما يحكى عن تصعيد سوري محتمل ضد لبنان، ومنع إسرائيل من تحقيق أهدافها. وربما فات الحزب أن سلاحه لم يعد قابلاً للتوظيف، وباشتراطاته المرتفعة السقف يقيّد الدولة ويمنع الجيش من السيطرة، ليشكل صمام أمان في مواجهة الأخطار الماثلة على البلاد.
أمر السلاح لا يمكن حسمه من دون أن يراجع "حزب الله" سلوكه، ويخرج بخلاصة عاقلة لا تقود البلد مجدداً إلى مركب المغامرة. لا يمكن الحزب الاستمرار بخطابه الذي لم يتعلم من التجربة، فيستمر بتقديم الذرائع للاحتلال. وإذا كان الحزب اعترف بخسارته في الحرب، إلا أنه يعتبرها انتصاراً، فيسعى إلى استعادة وضعه السابق، ما دامت إسرائيل لم تحقق أهدافها بإنهائه. بيد أن الحزب، إذ يرفض التفاوض حول سلاحه، يعلّق البلد برهاناته على مستقبله السياسي.
مكمن الخطر في أن يذهب الحزب إلى مغامرة لتبرير استمرار سلاحه، الذي لم يمنع الضربات التي اغتالت معظم قيادته ودمرت بنيته، فيما قد تستغل إسرائيل أي مغامرة لحرب كبرى ضد لبنان، في الوقت الذي تشخص الأنظار إليه من الجهة السورية.
على الحزب إذا كان حريصاً على البلد، أن يخرج من معادلة قواعد الاشتباك، والمغامرات على طريقة حرب الإسناد، وألا يضع مصير الشيعة عموماً والبلد أمام تهديد وجودي فعلي، خصوصاً أن سيناريوات إسرائيلية بدأت تظهر وتتحدث عن أن نزع سلاح "حزب الله" لا يكفي، بل يجب التركيز على بنيته التحتية المدنيّة والاجتماعيّة. فهل يخرج من الحزب خطاب عقلاني يساهم في إنقاذ البلاد؟