خمس مباريات متتالية لم ينجح خلالها منتخب لبنان من تسجيل أي هدف، ليتضح أكثر أن المشكلة الأساسية في المنتخب هي هجومية.
مشكلةٌ لا شك في أنها مقلقة، وهي تعود إلى فترةٍ غير قصيرة، حيث بدا في مرحلةٍ من المراحل أن الحلّ الهجومي الوحيد للبنان هو قائده حسن معتوق الذي أصبح الهدّاف التاريخي للمنتخب (مناصفةً مع وارطان غازاريان بـ21 هدفاً)، وأفضل ممرّر للكرات الحاسمة (16 تمريرة) بحسب ما تشير السجلّات.
هي حقيقة وواقع، إذ بالعودة إلى أيام المدرب المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش بدا وكأن إيصال الكرة إلى معتوق هو الحلّ الوحيد بالنسبة إلى لبنان لتسجيل الأهداف، بحيث لم يجد المنتخب رأس الحربة القادر على إنهاء المشاكل التهديفية، ولم يقتنع المدربون اللاحقون بإمكانات هلال الحلوة وعمر شعبان، وصولاً إلى المدرب الصربي ألكسندر إيليتش الذي استبعدهما تماماً من حساباته ولم يعمد إلى استدعائهما إطلاقاً منذ تسلّمه الإدارة الفنية للمنتخب.
هذه المشكلة الهجومية لا يمكن حلّها بالجوانب التكتيكية، إذ يمكنك رصّ صفوف الدفاع إذا وجدت ضعفاً فيه من خلال تكثيف عدد اللاعبين في خط الظهر، لكن للحلول الهجومية لا بدّ من تواجد أولئك المتحدثين بلغة الأهداف ولا شيء سواها، وأولئك الذين يعرفون الطريق إلى الشباك ويهوون هزّ الشباك.
الشباك التي بقيت عصيّة أمام اللبنانيين في الفترة الأخيرة، فغابت متعة التسجيل وغابت الاحتفالات، لتحضر عملية بحثٍ واسعة عن مهاجمين أكفاء في الخارج، وخصوصاً أن الهدّاف المحلي مفقود في الدوري اللبناني، والدليل اعتماد الأندية على مهاجمٍ أجنبي في المركز الرقم 9.
الحلّ في البيرو
وانطلاقاً من أن أبناء اللبنانيين المغتربين في الخارج شكّلوا مركز الثقل في المنتخب منذ حوالي العشر سنوات مع استرداد جنسيتهم اللبنانية والاستفادة من خدماتهم، عاد القيّمون لتوجيه أنظارهم باتجاه القارتين الأميركيتين، فكان استقدام جناح أتلانتي المكسيكي دانيال لحود الذي ارتدى ألوان لبنان أمام الكويت والإمارات وسلطنة عُمان، ليعوّض بالتالي خيبة عدم التمكن من استكمال استرداد جنسية لاعبٍ آخر من المكسيك وهو خيرونيمو أميوني بفعل عدم حوزته على الأوراق الضرورية للحصول على الجواز اللبناني رغم حضوره إلى بيروت حيث أبدى رغبةً باللعب لمنتخب لبنان، وهو الذي سبق أن دافع عن ألوان منتخباتٍ مكسيكية عدة دونها المنتخب الأول.
وهناك في القارة اللاتينية، وفي بلدٍ هو البيرو الذي لم يكن يعرف الكثيرون أن اللبنانيين يعيشون فيه، ظهر الأخوان ألكسندر وماتياس سكّر، وهما من الأسماء البارزة في الدوري المحلي، وقد لفتا أخيراً أنظار مدرب المنتخب البيروفي خوان رينوسو الذي قام باستدعائهما أواخر العام الماضي إلى تشكيلته الموسّعة لخوض التمارين مع منتخبه إيذاناً بخوض بعض المباريات الوديّة، لكنهما، ولحسن الحظ، لم يدخلا إلى القائمة النهائية، ما فتح الباب أمام لبنان مجدداً لمحاولة استقطابهما بعد محاولتين غير ناجحتين لإقناعهما باللعب مع «رجال الأرز» في عامي 2019 و2020 على هامش التصفيات المونديالية.
بانتظار توقيع الوزير
لكن من هما هذان الشابان الموهوبان اللذان يمكنهما حلّ جزءٍ كبيرٍ من العقم الهجومي في المنتخب، وأين أصبح موضوع استرداد جنسيتهما؟
بدايةً لا بدّ من الإشارة إلى أن الحديث عن إيجاد حلٍّ لهجوم لبنان من خلال الأخوين سكّر، يبدو منطقياً لأن ألكسندر يمكنه أن يشغل مركز رأس الحربة، وماتياس يمكنه اللعب حتى على الجناح، وهما المركزان اللذان يُعدّان من نقاط الضعف في المنتخب اللبناني.
ألكسندر سكّر البالغ من العمر 27 عاماً، ذاع صيته منذ فترةٍ ليست بقصيرة في البيرو، حيث اعتُبر من أبرز المواهب المحلية، وخصوصاً بعدما خاض 8 مبارياتٍ مع منتخب الشباب في عام 2015 سجّل خلالها 4 أهداف، قبل أن يتألق مع فريق أونيفرسيداد سان مارتن مسجّلاً 21 هدفاً في 47 مباراة، ليجد الطريق بعدها إلى أوروبا عام 2018 حيث لعب مع نادي سيون السويسري لفترةٍ قصيرة سببها تعرّضه لإصابةٍ قوية في الكاحل، وليتم استدعاؤه قبلها إلى المنتخب الأول الذي خاض معه مباراتين وديتين عام 2017.
وبما أنه لم يخض أي مباراةٍ في بطولةٍ رسمية مع البيرو، يستطيع مهاجم أونيفرسيتاريو دي ديبورتيس، تبديل ألوانه الدوليّة، لكنّ المشكلة بحسب معلومات «الأخبار» أنه لا يزال يتمسّك بأمل اللعب مجدداً مع بلاد المولد، وهو كما شقيقه يمكنهما أيضاً تمثيل المنتخب الأميركي كونهما اكتسبا جنسيته من خلال والدهما نسيم المتحدّر من بشري بعدما هاجر والده إلى البيرو منذ زمن في مركبٍ عبر البحر.
أما شقيقه الأصغر ماتياس (24 عاماً) الذي لم يلعب دولياً سوى لمنتخب البيرو الأولمبي، فهو حضر في الكرة الأوروبية في العامين الأخيرين عندما انتقل إلى نادي لينزر النمسوي، والذي أعاره إلى مواطنه أف سي جونيورز، ومن ثم إلى تبليسي التشيكي، قبل أن يعود إلى بلاده ليوقّع لفريقٍ عريق هو كارلوس مانوتشي.
مصدر متابعٌ للملف أكد لـ«الأخبار» أن انضمام ماتياس إلى المنتخب بات قريباً، فهو بالفعل تقدّم بكل الأوراق اللازمة لاسترداد جنسيته. وفي هذه الحالة لا يحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية لأن لا حاجة هنا إلى مرسوم تجنيس، بل إن الأمر يتوقف عند توقيع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي ليتمّ إصدار هويته اللبنانية وجواز سفره، ويصبح بالتالي متاحاً للانضمام إلى «رجال الأرز»، حيث يؤمل أن يوقّع الوزير سريعاً لما في الأمر فائدة لمصلحة الوطن وسمعته الرياضية.