المصدر: نداء الوطن
الكاتب: أنطوان فرح
الاثنين 23 كانون الاول 2024 07:15:22
يبدو من خلال متابعة تحرّك أسعار اليوروبوندز أن التفاؤل بمستقبل البلد، وقدرة الدولة على التفاوض لإعادة هيكلة الديون الخارجية قد توقّف عند سقفٍ معين. ومن خلال هذا الواقع جاء تقرير "بنك أوف أميركا" الأخير في شأن القيمة التي يمكن لحاملي السندات استعادتها عندما يبدأ التفاوض مع الدولة اللبنانية.
وفي تقدير البنك، أنه، وفي أحسن الاحوال يمكن الوصول إلى 25 سنتاً للسند. في حين أن السيناريوات السيئة قد تؤدي إلى استعادة المُقرضين ما لا يزيد عن 10 سنتات للسند الواحد، وهذه تعتبر من أقل النسب عبر تاريخ تسوية الديون في العالم. ومثل هذه التقديرات تشير إلى انخفاض منسوب التفاؤل بقدرة الدولة اللبنانية على استعادة عافيتها، واستعادة الثقة. وقد يعني ذلك، أن الأمل في تنفيذ خطة إنقاذية منتظرة، ليس كبيراً.
يرتبط مناخ الحذر، وربما التشاؤم، بسلوك الحكومة حيال قضية الديون الخارجية. وقد أشار تقرير "بنك أوف أميركا" إلى مسألة الفوائد التي يسقط حق حاملي السندات بها في آذار المقبل، أي في غضون الشهرين المقبلين.
الحكومة التي تكلمت كثيراً عن حلٍ جاهز لمسألة الفوائد التي قد تصل قيمتها إلى حوالى 12 مليار دولار، لم تبادر إلى تنفيذ الحل الموعود. وعليه، من المرجّح، بل من شبه المؤكّد، أن الصناديق الأجنبية التي تحمل اليوروبوندز ستلجأ إلى رفع دعاوى قضائية في نيويورك لتحصيل حكم قضائي يحفظ حقها في هذه الفوائد.
المشكلة في هذا الموضوع أن بعض الجهابذة في الدولة يعتبرون أن لا مشكلة في أن ترفع تلك الصناديق دعاوى، لأنها في أحسن الاحوال ستحفظ حقها في الفوائد، وهذا الأمر لن يؤدّي إلى أية خسارة إضافية تتحمّلها الدولة. لكن يغيب عن بال المنظّرين في هذا الاتجاه، أن قسماً من اليوروبوندز تحمله المصارف اللبنانية. والسؤال ماذا ستفعل هذه المصارف حيال هذا الواقع: إذا امتنعت عن تقديم دعاوى على غرار الصناديق الأجنبية، تخسر حقوقها، خصوصاً أن حصول بقية حاملي السندات على حكمٍ قضائي سيمنحهم الأولوية في تحصيل الفوائد، ولاحقاً أصل الدين. وبالتالي، تكون المصارف قد خسرت حقوقاً تعود في الأساس إلى المودعين، وهذا ليس من حقها. في المقابل، إذا رفعت المصارف دعاوى على غرار الصناديق العالمية، سيكون المشهد سيئاً، وستصبح الدولة في مواجهة الدائنين الخارجيين والمحليين أمام القضاء الأميركي، ولا ينقص الدولة هذه الصورة البشعة الإضافية لكي تُضاف إلى ملفها الأسود.