مقاطعة الاستشارات النيابية رسالة...وهذا هو السيناريو الأكثر ترجيحا لشكل الحكومة

بعد استشارات التكليف الملزمة بنتائجها تنطلق اليوم استشارات التأليف غير الملزمة على مدى يومين في مقر المجلس النيابي، في وقت قرّرت كتلتا "الثنائي الشيعي" النيابيتان عدم المشاركة فيها، ما أثار تساؤلات حول ما يمكن ان يتركه هذا الموقف من تأثيرات على مسار التأليف وعلى انطلاقة عهد رئيس الجمهورية الجديد العماد جوزاف عون، في الوقت الذي اعلن الرئيس المكلّف نواف سلام مواقف مرنة، عكست ارتياحاً لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي اوساط "الثنائي" عموماً.

وعلمت "الجمهورية"، انّ اتصالات مكثّفة جرت ليل أمس مع "الثنائي الشيعي" لثنيه عن مقاطعة الاستشارات، ودخل على خطها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والمكلّف الملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان، وكانت الطروحات إيجابية جداً. وسمع "الثنائي" كلاماً صارماً يؤكّد انّه "مكون أساسي ولن يُصار إلى تجاوزه على الإطلاق". لكن القرار بقي بمقاطعة المشاورات لتسجيل موقف مبدئي، اما الخطوات الأخرى فسيكون لها بحث آخر.

وفي السياق، أكّدت اوساط "الثنائي الشيعي" لـ"الجمهورية"، انّ هناك إتجاها كبيراً لديه بمقاطعة الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة التي تنطلق اليوم.

وأوضحت هذه الاوساط انّه إذا حصلت المقاطعة فسيكون المراد منها إيصال رسالة بأنّ ما حصل من خرق للتعهدات في مسألة تسمية رئيس الحكومة لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، وانّه من غير المقبول التعاطي مع مكون أساسي بهذه الخفة على حساب الميثاقية والتوازنات.

ولفتت الأوساط إلى "انّ المسألة هي مبدئية وتأسيسية"، منبّهة إلى انّ "ما جرى خلال الاستشارات الملزمة يطرح علامات استفهام حول مصير بقية بنود الاتفاق ومستوى الالتزام بتطبيقها بعدما أدّى إسقاط أحد بنوده إلى أزمة ثقة".
واعتبرت الأوساط "أن ليس هناك من رابط عضوي حُكماً بين موقف "الثنائي" من استشارات اليوم ورفض المشاركة في الحكومة الجديدة. وأشارت إلى انّ مسار الأمور في المرحلة الفاصلة بين نهاية الاستشارات ومفاوضات التشكيل هو الذي سيحدّد خيار حركة "أمل" و"حزب الله" بالنسبة إلى الانخراط في الحكومة من عدمه.

خطاب جيد
على أنّ مصدراً بارزاً في "الثنائي" وصف خطاب الرئيس المكلّف بـ"الجيد"، وقال لـ"الجمهورية"، انّه "يعكس اجواء ارتياح لكن العبرة تبقى في التنفيذ". وأشار إلى "انّ العناوين التي طرحها سلام هي في صلب مطالبات "الثنائي"، وأنّ التوجسات التي عبّر عنها كانت في وجه من يعمل على إسقاط مناخ التوافق وينتهج سياسة الإقصاء وتجاوز الميثاقية والعيش المشترك وليست في وجه شخص الرئيس نواف سلام".

وأكّد المصدر انّ الثنائي "لن يشارك في المشاورات غير الملزمة التي يجريها سلام في مجلس النواب وهذه الخطوة هي أول الغيث ولو اردنا من خلالها تسجيل موقف، صحيح اننا خسرنا جولة سياسية لكن لن نسمح بالتعاطي معنا من باب الاستقواء او الإلحاق... أما الخطوة التالية فستحدّد بناءً على نتائج المشاورات ومسار الرئيس المكلّف في إدارة عملية التشكيل اي انّ الأمور ستكون خطوة بخطوة ويبنى على الشيء مقتضاه".

ترجيح التكنوفراط
وفي غضون ذلك، تجنّب الرئيس المكلّف أمس تحديد الخطوط العريضة لتركيبته الحكومية الموعودة، وبدا أنّه يفضّل إنجاز مشاوراته أولاً والاستماع إلى آراء النواب في هذا الشأن.

إلّا أنّ الأوساط النيابية المواكبة تتداول السيناريو الأكثر ترجيحاً، وهو حكومة التكنوقراط. وقالت هذه الأوساط لـ"الجمهورية" انّ الرئيس المكلّف سيحاول اختصار الوقت والإسراع في تشكيل الحكومة قدر المستطاع، أي في غضون الأسبوع الجاري لبدء ورشة الحكم في أقرب وقت ممكن. ويتردّد أنّ الاتجاه هو الابتعاد عن الصيغ الثلاثينية القديمة واختصار العدد إلى 24 وزيراً لتسهيل التشكيل والعمل الحكومي، على أن يتمّ اختيار الوزراء من التكنوقراط منعاً للوقوع في مطبّ المحاصصات الطائفية والمذهبية والحزبية. ويأمل الرئيس سلام أن يتيح هذا الخيار تجاوز المطب السياسي الذي ربما تتسبب به اعتراضات "الثنائي الشيعي" التي ظهرت في الاستشارات النيابية الملزمة قبل يومين.