المصدر: orient le jour
الكاتب: مي مكارم
الخميس 24 تموز 2025 16:12:33
منذ 20 حزيران، يستضيف جناح نهاد السعيد في المتحف الوطني في بيروت معرضاً يضم 80 ملصقًا سياحيًا وسينمائيًا من مجموعة فيليب جبر*. تحت عنوان «انطباعات عن الفردوس»، يكشف المعرض «بانوراما لتاريخ تطور السياحة في لبنان، والتصميم التجاري والغرافيكي الحديث، وتأثيره في تشكيل صورة البلاد ضمن الثقافة البصرية الشعبية في القرن العشرين»، بحسب القيّمة على المعرض نور عسيران.
تُظهر هذه الملصقات، التي صُممت بين عامي 1920 و1970، صورًا ريفية وشاطئية وثقافية خلابة، وقد كُلّفت بها جهات محلية وأجنبية كـ«إير ليبان»، والخطوط الجوية اللبنانية الدولية (LIA)، وطيران الشرق الأوسط (MEA)، الذي استفاد من إنشاء أول مطار في بيروت عام 1939 في بير حسن، في ظل الانتداب الفرنسي، قبل افتتاح مطار خلدة (مطار رفيق الحريري الدولي اليوم) عام 1954.
وفي عام 1963، اندمجت LIA وAir Liban، التي أسسها صائب سلام وفؤاد الحص عام 1945، مع شركة MEA بدعم من الخطوط الجوية البريطانية BOAC.
الكويت وآبار النفط
وسّعت MEA شبكتها لتشمل إفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط، وسعت لتعزيز صورتها عبر ملصقات ذات هوية بصرية مميزة، بتوقيع جاك أوريـاك (1922-2003)، أحد أعلام فن الملصق في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، والذي وصفه جان-بيير ديسكلوزو بأنه «آخر الديناصورات في عالم الملصقات المرسومة».
بالنسبة لأوريـاك، «صورة واحدة تساوي ألف كلمة»، إذ كان يبتعد عن الشعارات ويركز على رمز بصري واحد أو اثنين يمثلان الوجهة بوضوح: بئر نفط للكويت، أو معلم أثري لبغداد. وقد رافق هذا الجهد، إنشاء المفوضية العامة للسياحة في لبنان في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم المجلس الوطني للسياحة، اللذين استعانا بفنانين لبنانيين مثل جورج صير، جاكلين دبيي حرمش، وماري زوين منيّر لإنجاز ملصقاتهم.
كما اختار أسعد حربوق اللوحات المعدنية الإعلانية لترويج وكالته السياحية، بينما لجأت شركة ملاحة ظاهر، لتسريع توسعها التجاري (في الشحن الثقيل، شمال إفريقيا والشرق الأوسط، 1950)، إلى الفنان الفرنسي روجيه شابليه، أحد أعلام الرسم البحري في القرن العشرين.
بين السماء والبحر… ملكة جمال لبنان على الملصقات
لم تقتصر الحملات الدعائية على اللبنانيين. فقد ظهرت ملكة جمال لبنان لعام 1962، نهاد كبابة، في أحد ملصقات شركة "بان أمريكان"، التي حملت شعار «بوابتك إلى الشرق الأوسط والأرض المقدسة» (كليبر، 1951). كما استعانت شركة "إير فرانس" بالفنان جان إيفان (1910-1986)، الحائز على الميدالية الذهبية عام 1939، لتنفيذ سلسلة ملصقات للخط الجوي نحو الشرق الأدنى.
ملصقات تعود إلى عشرينيات القرن الماضي
ترجع جذور هذه الإعلانات إلى عشرينيات القرن الماضي، عندما حاولت خطوط السكك الحديدية "باريس-ليون-المتوسط" تشجيع الأوروبيين على زيارة الشرق الأوسط، فاستعانت بفنانين كبار مثل أندريه فريماند، الذي صوّر آثار بعلبك، وجوفروي دابوفيل (المعروف بـ دابو) الذي رسم معلولا وطريق عاليه عند جسر القاضي، كمثال للمناظر الطبيعية اللبنانية. أما لوحة "صنين" (1925 تقريبًا)، فهي من تنفيذ جوليان لكاز، تلميذ أوغست رينوار.
السفن السياحية الفاخرة
كما تُروّج بعض الملصقات لرحلات بحرية على متن سفن فاخرة، تعكس ازدهار النقل البحري في تلك الحقبة. فمثلاً، صمّم A. Glénisson ملصقًا رائعًا لشركة "الرسائل البحرية الفرنسية"، يصوّر فيه الباخرة "لا مارسييز" تُبحر في المتوسط بين اليونان ولبنان ومصر (1956). وفي عام 1935، رسم فنسنت غيرا الباخرة "شمبليون" في طريقها إلى مصر وسوريا ولبنان.
لكن في كانون الأول 1952، تحطمت "شمبليون" على صخور قبالة خلدة، بعد أن أقلعت من مرسيليا وعلى متنها 120 فرداً من الطاقم و111 راكباً، بينهم 98 حاجاً إلى القدس. أنقذ الإخوة بلطجي (رضوان، محمود وصلاح) الركاب عبر زورقهم، لكن 17 شخصًا غرقوا وهم يحاولون السباحة نحو الشاطئ.
هواء نقي، مواقع جميلة، بحر رائع وطرقات خلابة…
هل لا يزال بإمكاننا قول ذلك اليوم؟ في مواجهة هذا الحنين إلى "الزمن الجميل"، يقدّم خمسة فنانين لبنانيين معاصرين – جوانا حاجي توما وخليل جريج، لمياء جريج، كالين عون وسعيد بعلكي – رؤيتهم لـ "الفردوس المفقود".
يُعبّر هذا المعرض عن التزام فيليب جبر بـ«عرض مختلف المقاربات الإبداعية التي شكّلت التاريخ البصري والثقافي للبنان على مدى أربعة قرون»، بحسب قوله. إنه معرض يستحق المشاهدة مرارًا لما يحمله من طابع جمالي، فني وتاريخي.
الكتالوج الخاص بالمعرض من إعداد مؤرخة الفن ماري تومب، المتخصصة في الفن الحديث والمعاصر، أما التصميم فبتوقيع مشغل meem noon (الاسم الفني لمايا نصيف).
المعرض مستمر حتى 30 تشرين الأول 2025 في جناح نهاد الصايغ، المتحف الوطني – بيروت.
ترجمة الذكاء الاصطناعي